الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل تنزلق الصين على المسرح الدولي؟

المصدر: النهار
جنود أوكرانيون يقفون في حراسة عند نقطة تفتيش عسكرية في كييف (21 آذار 2022 - أ ف ب).
جنود أوكرانيون يقفون في حراسة عند نقطة تفتيش عسكرية في كييف (21 آذار 2022 - أ ف ب).
A+ A-

هادي جان بو شعيا

 

تتابع الإدارة الأميركية بقلق كبير طلب روسيا المساعدة العسكرية والمالية من الصين لحربها في أوكرانيا، حيث تسود حال ترقّب أميركي لردّ بكين، التي تجنّبت، حتى الساعة، إدانة الحرب الروسية قبيل عقد قمة أميركية-صينية لبلورة المواقف.

 

في هذا السياق، أشار مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في حديث إلى قناة "سي.أن.أن": "نحن نراقب الوضع عن كثب لنرى إلى أيّ مدى تقدّم الصين فعلياً أيّ شكل من أشكال الدعم المادي أو الاقتصادي لروسيا. وقد أبلغنا بكين بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح لأيّ دولة بتعويض روسيا عن خسائرها جراء العقوبات الاقتصادية (...)"

 

وينظر الكونغرس الأميركي، المتحمّس لدعم أوكرانيا، بالمال والسلاح، بحذر إلى الخطوات التي قد تُقدِم عليها الصين مع روسيا. ولفت السيناتور الديموقراطي كريس مورفي إلى إمكان تبنّي موقف قويّ تجاه الصين إن قرّرت الأخيرة إبرام صفقة عسكرية مع روسيا.

 

وملأت تغريدات الخبراء والمحللين تطبيق تويتر حيال موقف بكين الملتبس، إن جاز التعبير، من الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث غرّد رئيس مجموعة "أوروبا-آسيا" البحثية إيان بريمر: "إذا قدّمت الصين مساعدات عسكرية لروسيا فستكون تلك أم الحروب الباردة. وإن فك الارتباط الذي سيحدث إثر ذلك سيقضي على العولمة ويحدث تغييراً جذرياً في النظام العالمي. لا أظن أن ذلك سيحدث، لكن الخطر قائم."

 

إزاء ذلك، غاصت قراءات عدة في تحليل خلفيات وحسابات الصين في تعاملها مع روسيا وغزوها لأوكرانيا على النحو التالي:

 

الأولى، ترى أن العقوبات الغربية لا تخيف تحالف الأنظمة المستبدّة بقيادة الصين وروسيا لأنها تعرف أن بإمكانها مواصلة القيام بتبادلات تجارية في ما بينها. وتنتقد عدم استعمال الغرب للردع العسكري من خلال تسليح أوكرانيا قبل اندلاع الأزمة الحالية. وتدعو إلى استراتيجية جديدة تجاه العالم المستبد تتضمّن آليات للردع العسكري، ووضع حدّ لقيام الأثرياء المقرّبين من الحكام الطغاة في هذه الدول بتبييض الأموال وشراء النفوذ في الغرب، والدعوة إلى تقويض الآلة الدعائية للدول المستبدّة، وإطلاق وتطوير المؤسسات الإعلامية الموجّهة إلى مواطني هذه الدول، فضلاً عن الترويج للقيم الديموقراطية باللغات التي يتحدثونها.

 

الثانية، ترى أن الحرب في أوكرانيا دخلت في حلقة تصعيدية مع اكتشاف بوتين أن الانتصار لن يتحقق بسرعة، ما أدى إلى تسعير حدة المواجهات العسكرية مقابل تشديد الغرب عقوباته على موسكو. والتحذير من أن تزايد الضغط على بوتين قد يدفعه إلى اتخاذ قرارات أكثر راديكالية مع منح الرئيس الروسي مخرجاً من الأزمة بمساعدة الصين، على الرغم من الامتعاض الذي ستبديه واشنطن من تلك الخطوة عبر إعطاء بكين دور الوساطة، خصوصاً أنها تعتبرها خصماً استراتيجياً.

 

مع التأكيد أن للصين مصلحة في تسوية سريعة للحرب لأن روسيا وأوكرانيا عنصران مهمان في مشروع "طريق الحرير"، ولأن بكين حريصة على علاقاتها الاقتصادية مع الغرب، التي تفوق في أهميتها علاقتها الاقتصادية مع موسكو.

 

الثالثة، ترى أن الحرب في أوكرانيا ستجعل من روسيا بلداً تابعاً للصين، وهذا هو الثمن الذي سيدفعه بوتين للبقاء في السلطة بعد حربه الكارثية، ولا سيما أن بوتين بحاجة إلى أموال بكين النقدية واستثماراتها التجارية المدنية في ظل عقوبات غربية تنذر بتدمير الاقتصاد الروسي. وتشير توقعات هذه القراءة إلى أن الصين ستكون الرابح الوحيد من الحرب في أوكرانيا من خلال حصولها على موارد الغاز والنفط في سيبيريا وأحدث التكنولوجيا العسكرية الروسية، ما سيجعلها تنافس واشنطن، فضلاً عن أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية الروسية، مع الرهان على عدم صمود هذا التحالف مستقبلاً لأنه سيصعّب على روسيا الاستمرار في الدفع للصين مقابل إنقاذها.

 

الرابعة، تنقل عن مصدر مطلع على تفاصيل لقاء مستشار الأمن القومي الأميركي سوليفان بنظيره الصيني قوله إن المسؤولين الأميركيين يشعرون بأن الصين تريد أن تظهر رغبتها في القيام بدور الوساطة لحلّ أزمة أوكرانيا، فيما هي مصمّمة على دعم بوتين اقتصادياً وربما عسكرياً من وراء الكواليس، إذ يبدو أن الصين قد ترتكب بذلك أربعة أخطاء قاتلة:

 

أولاً، تقويض مسعاها للاعتراف بها كدولة رائدة على المسرح الدولي.

 

ثانياً، إمكانية تحوّل روسيا عبئاً على الصين مع استمرار الحرب.

 

ثالثاً، المجازفة باقتصاد الصين، إن ثبت تقديم الأخيرة دعماً عسكرياً لموسكو أو مساعدتها على التحايل على العقوبات الدولية.

 

رابعاً، التسبّب بحرب باردة مع الولايات المتحدة والغرب.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم