الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

رسالةٌ مفتوحة إلى وزير التربية

طالبات عند مدخل إحدى المدارس (أرشيفية، حسام شبارو).
طالبات عند مدخل إحدى المدارس (أرشيفية، حسام شبارو).
A+ A-
رنيم ضاهر

وطننا احتضر سريعاً. مع موته السريريّ ذوت أحلامنا كورود الربيع. فقدنا حقنا في التعبير وبات التأفف حال شفاهنا في هذا الخراب العام.

ضُرب أساتذة الجامعة اللبنانية على الشاشة الصغيرة من أشقائهم الموجوعين في الوطن. الضربة نفسها تركت وشمها في قلب المشاهد وطلاب الجامعة وأهلهم. السوط نفسه دفع بالكثير منهم إلى الهجرة، والبحث عن مستقبل بديل.

أمّا في دهاليز المدارس فلا قدرة لأحد على الأمل. الإحباط سيد الموقف في هذه الفترة العبثية. صفوف معتمة، تكنولوجيا أصبحت من الماضي. التلاميذ الذين انقطعوا لسنتين بسبب الوباء، أخذهم مصيرهم إلى وباء أكثر فتكاً: غلاء المحروقات والأدوية والغذاء الخ.

كل هذا ترافق مع إحباط "الرسول". لقد فقد المعلم العصا التي يتكئ عليها في مستقبله، وأصبحت طريقه محفوفة بالشوك والعجز. كأننا نشاهد من أعلى البرج كارثة تشرنوبيل وهي تبعث بإشعاعها إلى قلوبنا المفتوحة على ألف سؤال: هل أجد بديلاً لنفسي في مكان آخر؟ هل يسبقني الزمن؟ هل أخسر نفسي في الرهان مع الوقت بعدما خسرت مالي؟ كيف أحافظ على صحتي النفسية والعقلية والجسدية والواقع سراب؟

في ممرات المدارس ضجيج من نوع رتيب، وأساتذة منهكو القامة دون ضمان لصحتهم وشيخوختهم .

في الممرات تنفس بطيء ونظرات معلقة بين الأرض والسماء.
 
في الممرات وطن ينتظر غناء المقصلة ليرتاح. وتلاميذ مذهولون من الواقع يعيشون طفولتهم بصفعات متكررة من نعيق المحتضرين.

لماذا نُعيد الانتخابات؟ لندع كل واحد في مكانه وفي كرسيه المفضل. فالشعب لن يُغير ميوله، والظروف لن تُصبح أفضل حالاً ونحن نكرر أخطاءنا إلى ما لا نهاية.

وطننا يتنفس عبر جهاز اصطناعي تالف. وطن دون كهرباء ولا يحتضن دموع كباره، وطن دون ضمان اجتماعي للفقراء ولا شبكة مواصلات تُخفف كلفة النقل، ولا خطط لتحسين الزراعة والصناعة والمهاجرون منه لم يتركوا لنا رسالة اعتذار أو وداع.

كيف نكمل، يا معاليك، والطريق رحلت من أمامنا وأصبحت منحدرة وتُصيب بالعماء؟
ماذا نقول لأبنائنا عن التاريخ؟

وكيف نعيد لفيروز أغانيها ولسعيد عقل وجبران خليل جبران لبنانهما؟

هذه هي الجلجلة، ولكن أين المسيح لنسير على الماء؟

هل من ضربة قاضية أقل من جهنم وأكثر مما نعيشه اليوم وما ننتظره في الغد؟

أين البئر المناسبة لنهدر وجعنا المُتبقي؟

نحن الآن غرباء في وطننا، مشدودون إلى العتمة. نبحث في الصبار عن وطن بحجم غرفنا المطفأة. ابنوا لنا مُخيمات على قارعة مدننا، على امتداد المرفأ المحترق لأننا غرباء في هذا الوطن، غرباء عن أنفسنا وقدرنا المحتوم. صامتون رغم اهتزاز التراب والهواء، نشتعل كل يوم، عسى أن نُحلق مع طائر الفينيق يوماً من رمادنا.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم