الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أيّ إرثٍ تتركه إيفانكا ترامب؟

المصدر: "النهار"
إيفانكا ترامب (أ ف ب).
إيفانكا ترامب (أ ف ب).
A+ A-
 
أروى مهداوي - الغارديان- ترجمة نسرين ناضر
 
مع انتهاء ولاية ترامب الرئاسية، طاردت فضيحة "المرحاض" ابنته إيفانكا، حيث زعمت تقارير أنها تمنع هي وزوجها جاريد كوشنير عناصر الحرس الخاص المولَجين حمايتهما، من استخدام الحمامات في منزلهما في العاصمة واشنطن. ولذلك اضطُرّ الحراس إلى استئجار شقة مجاورة مقابل 3000 دولار في الشهر تُدفَع من أموال المكلَّفين، من أجل قضاء حاجتهم.
 
يمكننا أن نتخيّل أن إيفانكا ترامب لم تخطط لتمضية أيامها الأخيرة في واشنطن في مواجهة تداعيات أعمال العنف التي شهدتها العاصمة الأميركية، والإحراج الذي تتسبب به التسريبات عن مراحيض منزلها. عندما نصّبت إيفانكا نفسها مستشارة خاصة للرئيس، كانت بائعة أحذية وحقائب يد مفعمة بالطموح. أرادت العمل على تمكين النساء في كل مكان! أرادت أن تقرأ الفتيات الصغيرات في مختلف أنحاء العالم عن "سانت إيفانكا" لعقود طويلة. خُيّل إليها أنها ستصبح قدوةً يُحتذى بها، وأن حقائب اليد التي تحمل العلامة التجارية الخاصة بها سوف تُفقَد عن الرفوف.
 
غير أن شركة الملابس التي كانت إيفانكا تديرها أغلقت أبوابها، ولحق ضررٌ شديد بصورتها إلى درجة أن إحدى الجامعات شطبت اسمها عن قائمة المتحدثين بسبب أسلوب ترامب في التعاطي مع الاحتجاجات التي اندلعت في الولايات المتحدة رداً على مقتل جورج فلويد. يبدو أنها أصبحت شخصية غير مرغوب بها في نيويورك، وقد حُظِرت حسابات والدها على بعض مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية التحريض على العنف. لذا قد يُخيَّل إلينا أن إيفانكا تتقلب في سريرها وهي تنتحب وتسأل نفسها، كيف يُعقَل أن الأمور سلكت منحى سيئاً إلى هذه الدرجة؟
 
ولكن إيفانكا هي من آل ترامب، أي إن النرجسية والانجرار وراء الوهم هما جزءٌ من حمضها النووي. وقد دأبت في الفترة التي سبقت تنصيب بايدن، على التغريد عن "إنجازاتها" وإعادة نشر التغريدات التي تُغدق المديح عليها، وذلك في محاولة منها لإقناعنا بأنها تركت إرثاً مهماً.
 
بحسب تغريداتها على موقع "تويتر"، يجب أن يشكرها الأميركيون على الإجازة العائلية المدفوعة التي كانت من أبرز المسائل التي ارتبط اسمها بها. وتوخياً للإنصاف، إن كان من أمرٍ تستحق إيفانكا الثناء عليه، فهو أنها دفعت دونالد ترامب إلى إقرار قانون يمنح الموظفين الفيدراليين إجازة أمومة أو أبوّة مدفوعة من 12 أسبوعاً. هل كان ذلك ليحدث لولا إيفانكا؟ لا أدري. ولكنها سهّلت حدوثه. هل يُعوِّض عن الأمور المشينة الكثيرة التي سهّلت إيفانكا أيضاً حدوثها؟ كلا.
 
من المشاريع الكبرى الأخرى التي أطلقتها إيفانكا مبادرة التنمية والازدهار العالمي للمرأة التي ترمي إلى الوصول إلى 50 مليون امرأة في العالم النامي بحلول سنة 2025... أما ما الذي يُفترَض أن يحدث عندئذٍ، فلستُ واثقة تماماً في هذا الصدد. المبادرة مليئة بالكلمات الطنّانة إلى درجة أنه يصعب فهمها إلى حد ما. يتولّد لديك انطباع بأن إيفانكا أطلقتها من خلال تعليمات مبهمة "لتمكين النساء بطرق قوية استناداً إلى ركائز استراتيجية للتمكين".
 
وقد ادّعى القيّمون على المبادرة، في تقرير صدر عنها، أنه جرى تزويد نحو 12.6 مليون امرأة في العالم بالمهارات اللازمة لتحقيق التقدّم الاقتصادي – وكل ذلك بفضل إيفانكا! يبدو أن الأخيرة تحرص على تحويل مبادرة التنمية والازدهار العالمي للمرأة إلى جزء من إرثها السياسي. فقد كانت العام الماضي وراء إطلاق الحزبَين الجمهوري والديموقراطي مشروع قانون ينص على ترخيص البرنامج رسمياً كي يستمر العمل به بعد انتهاء ولاية والدها. وكان ذلك ليتحقق، فقد منحت السناتورة الديموقراطية، جان شاهين، دعمها لإيفانكا في البداية. ولكن الأخيرة تملّكها الجشع وأصرّت على فرض نسختها الخاصة من مشروع القانون. فتخلّت شاهين عن دعمها، معلِّلةً ذلك بأن نسخة إيفانكا تركّز كثيراً على تقدّم النساء الاقتصادي، فيما تُقلّل من أهمية مسائل أخرى مثل التعليم، والرعاية الصحية، والعنف الجندري. الشهر الفائت، أُسقِط مشروع القانون من التداول، وأصبح مشروع إيفانكا الأكبر مجهول المصير ومستقبله محاطاً بالضبابية.
 
لا أريد أن أكون غير منصفة بحقها. ربما لم تنجح في تمكين النساء بالقدر الذي وعدت به، ولكنها استطاعت تمكين نفسها. فقد جنت إيفانكا وزوجها جاريد كوشنير ثروة خلال "خدمتهما" في البيت الأبيض، وكأنها تُطبّق المثل القائل بأن عمل الخير يبدأ من المنزل!
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم