عمر الورود للعلم لا للزواج... ملك أنتِ لستِ وحدكِ

فرح سلهب

ملك (وهو ليس اسمها الحقيقي)؛ فتاة فلسطينية تبلغ من العمر١٨ عامًا تعيش في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطنيين.

تزوجت ملك عندما كان عمرها ١٦ عامًا فقط من رجل يبلغ من العمر٢٠ عامًا كان يعمل في مرفأ بيروت عندما وقع الإنفجار في ٤آب وفُقد منذ ذلك الحين.

قبل الزواج، كانت تعلم ملك أنّ كلّ ما تريده هو مواصلة تعليمها بكلّ الوسئل المتاحة وبأيّة ثمن.

على الرغم من إنها لم تستطع إكمال دراستها، بدأت ملك في تعلّم الخياطة حيث تحسّنت بشكل ملحوظ. صرّحت ملك أنّها أصبحت أكثر إيجابيّة وتغيّرًا مقارنة بالوقت الذي بدأت فيه بالتعلّم.

 تقول ملك: "لا أريد أن ترتكب فتيات أخريات نفس الخطأ الذي ارتكبته أنا. كنت أرغب في استئناف دراستي وتأجيل الزواج. أريد أن يسمع كلّ العالم حولي قصّتي وأن يتخذوا إجراءً بشأن حظر زواج الأطفال".

قصّة ملك هي انعكاس لواقع بعض الأطفال اللاجئين واللبنانيّين الذين يعيشون في بلديشهد حاليًا أزمات متعدّدة: إنهيار إقتصاديّ على مستوى البلد، أزمة اللاجئين منذ عام٢٠١٢،تأثير جائحة كورونا، بالإضافة إلى تداعيات الإنفجار المدمّر الذي ضرب بيروت في٤ آب (أغسطس). هذه الأزمات الأربع مجتمعة، أدّت إلى تفاقم نقاط الضعف والهشاشة في جميع أنحاء لبنان، وأغرقت الأسرذات الدخل المتوسط في الفقر كما خلقت أزمة إنسانية في صفوف الفئات المهمّشة والمستضعفة في الأساس.

جميع هذه الأزمات حدثت ولا تذال تحدث في سياق تكون فيه اللامساواة بين الجنسين موجودة مسبقًا. يحتلّ لبنان حاليًا المرتبة ١٤٥ من إجمالي ١٥٣ دولة يعملن على سدّ الفجوة الجندريّة، كما وأنّ لبنان لديه واحدة من أعلى الفجوات بين الجنسين في العالم ووفقاً لجمعية إنقاذ الطفل، ففي منطقة بيروت الكبرى، قد لا يملك ٩١۰۰۰۰شخص، من بينهم ٥٦٤۰۰۰ طفل، المال الكافي بحلول نهاية عام ٢٠٢٠ لشراء الطعام والحاجات الأساسية. أضف إلى ذلك، ٧۰% من اللاجئين في لبنان يعيشون تحت خطّ الفقر ممّا يعرّض الأطفال لخطر كبير بحيث قد يلجأ بعض الأهل إلى خرط أطفالهم بالعمل أو زواج الأطفال كآليات للتغلّب على مرارة الواقع.

تهدّد التحديات التي خلَفها التعلم عن بُعد الذي فرضه الواقع الصحي في لبنان، بزيادة الفجوة المقترنة بالنوع الإجتماعيّ أو الجندر.قد يعني ذلك أنّ المزيد من الأطفال وخاصّة الفتيات سيتوقّفن عن الحصول على التعليم. وقد يحرم الأطفال بدورهم من حقوقهم في التعلّم واللعب وتحقيق فرص أفضل في الحياة.

أظهرت نتائج إستطلاع حديث للأطفال تم إجراؤه في جمعية إنقاذ الطفل، أنّ الفجوة بين الفتيات والفتيان قد تعمّقت. كما تضمن الاستطلاع أدلة متداولة تشيرأنه من المتوقع من الفتيات أن تؤدين المزيد من الأدوار الإجتماعيّة كالأعمال المنزلية ورعاية أفراد الأسرة مع مزيد من القيود الموضوعة على تنقلهنّ وفرصهنّ في حضور التعليم والأنشطة. ربطًا بما سبق عن زواج الأطفال، فقد سُجّل المعدل الأخير لتزويج الأطفال بين اللبنانيين ٦%، مقارنة مع معدلات أعلى بكثير بين اللاجئين. نحن على يقين أن التفاوتات بين الجنسين مستمرة بالنسبة للفتيات والفتيان في لبنان، ونحن بحاجة إلى ضمان توفر البيانات المناسبة لتتبع هذه الاتجاهات لدعم التغيير الإيجابي للأطفال.

بهدف التصدّي لكلّ هذه التحديّات، تعمل جمعية إنقاذ الطفل في لبنان حالياً على الاستثمار في جميع الفتيات والفتيان على قدم المساواة في إطار حملتنا الحاليّة عن الفتيات التي تحمل شعار "انتي مش لحالك، صار وقت التغيير" الذي قام باختياره الأطفال الذين  قاموا بتطوير توصياتهم ورسائلهم الرئيسية من خلال ورش عمل فنية لرواية القصص تُدار بالتعاون مع أورندا ترايب (The OrendaTribe) بحيث يدعون صناع القرار لضمان بقاءالفتيات في المدرسة وعدم الانقطاع عن الدراسة، وكذلك ضمان حمايتهن من الأذى وتوفير الحماية والحرية والعدالة والمساواة والإنصاف لجميع الفتيات. سيتم إطلاق توصياتهم الكاملة في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) لبدء حملة الستة عشر يوماً من النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تعمل جمعية إنقاذ الطفل أيضًا على رفع مستوى الوعي حول المخاطر التي يتعرض لها الأطفال في لبنان عبر مختلف المنصات.

تشمل أهداف الحملة أيضً ازيادة الضغط على صنّاع القرار للإلتزام بحماية مستقبل الأطفال. ويشمل ذلك العمل مع الوزارات ووكالات الأمم المتحدة والمدارس والمجتمعات.

علاوةً على ذلك، نشجع الفتيات على تحقيق أحلامهنّ واتّخاذ القرارات والوقوف والنضال من أجل حقوقهنّ. نحن نعمل جاهدين للحدّ من التمييز القائم على النوع الإجتماعيّ بما في ذلك العمل مع الأسر للحدّ من تزويج الأطفال وعمل الأطفال.

ترغب ملك بمستقبل أفضل ونعلم أن التغيير ممكن عندما يتم دعم جميع الفتيات من قبل المجتمعات وقادرات على المشاركة بشكل هادف في صنع القرار. بهذه الطريقة، ستحصل الأجيال القادمة من الفتيات والفتيان على فرص أفضل في الحياة.