ملاحظات على خطة وزارة العمل لإنقاذ الضمان

رفيق سلامة - عضو مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي

يناقش مجلس الوزراء اليوم الخطة التي رفعها وزير العمل إبراهيم بيرم تحت عنوان "إنقاذ الضمان". ولأن الخطة يشوبها الكثير من العيوب، نورد الملاحظات الآتية:
 
1 – استندت الخطة، بشكل أساسي، إلى كتاب مُرسل إلى السيّد وزير العمل، بعد أقلّ من أسبوع على تسلّمه مهامه، من السيد نائب رئيس مجلس الإدارة، وليس من قبل مجلس الإدارة كما جاء في مقدّمة الخطة.

أشارت الخطة إلى وجود مشكلات متراكمة لم يُعمل على معالجتها في أوقاتها حتى تراكمت على مرّ السنين، فوصلت إلى مرحلة خطرة؛ ولا بدّ من اتّخاذ قرارات حاسمة بشأنها منعاً وتلافياً لوقوع كارثة متّصلة بالأمن الصحيّ. يتبيّن أن هذا التوصيف لمشكلة الضمان الاجتماعي، بل لمشكلاته، هو توصيف عام، لا يُشير بالتفصيل إلى كلّ مشكلة وحجمها، ولا إلى الجهة القادرة على معالجتها.

2 – وأشارت الخطة إلى أنّ "السبب الرئيسيّ لهذا الواقع هو اللامبالاة المزمنة وعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب".

لم تدلّ الخطّة على الجهة المتّهمة باللامبالاة لتجري محاسبتها أو تغييرها، وما هي القرارات التي لم تُتّخذ في أوقاتها، وما هي طبيعتها ومدى تأثيرها في خلق الكارثة، التي تحدّثت عنها الخطة. لكن الخطة "حمّلت جزءاً كبيراً من المسؤولية للدولة إذ تركت الأمور تتراكم من دون أن تقوم بما عليها لوقف الانهيار".

من المسلّم به أنّ للوزير في وزارته، والذي يُمارس باسم الحكومة سلطة الوصاية على مؤسّسة عامة تُدير مرفقاً عاماً، هو المسؤول عن استمرارية المرفق العام، وعن مدى تقيّد الهيئات المستقلّة بالقوانين والأنظمة لتحقيق أهداف المرفق العام، وهو هنا الضمان الاجتماعي.

إن مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذيّة في الصندوق هما مسؤولان عن تسيير مرفق الضمان الاجتماعي وفق الأحكام القانونيّة والتنظيميّة النافذة. أمّا مسألة المحافظة على ديمومة مرفق عام - الضمان الاجتماعي - واقتراح الإصلاحات اللازمة لهذه الغاية، فإنّها تعود بالدرجة الأولى إلى الوزير المعنيّ بالمؤسّسة الوصّي عليها.

والدليل على ذلك أن عشرات مشاريع الإصلاح التي أدخلت على الضمان الاجتماعي الفرنسيّ كانت تسمّى باسم الوزير الذي كان وراء إعدادها. أمّا في لبنان فإنّ أياً من وزراء العمل لم يقم بهذه المسؤوليّة، ولم تتمّ مساءلته.

ثانياً: في اقتراحات الإنقاذ

لم تأتِ اقتراحات الإنقاذ بحجم الكارثة في الصندوق، ولم تحمل أيّة حلول ملائمة للمعالجة وفق ما يأتي:

1 – تأمين عائدات مالية لتغطية تكاليف الاستشفاء

"إن رفع الحدّ الأدنى للكسب الخاضع للاشتراكات، وزيادة رواتب العاملين" توفر فعلاً موارد للصندوق، ولكنها تؤدّي إلى زيادة تكلفة اليد العاملة، وزيادة حجم الاشتراكات الملقاة على أصحاب العمل والمضمونين، الأمر الذي تحاشت الخطة تجنّبه.

أما القول بتطبيق المادة 66 من القانون، والتي تقضي بقيام الدولة بمنح الصندوق مساعدة استثنائية تؤمّن التوازن المالي للصندوق، فإنّنا نُشير إلى أنّ إعادة التوازن الماليّ لصندوق الضمان الصحي تستلزم مبلغاً يقارب العشرة آلاف مليار ليرة سنوياً. فمن أين ستأتي به الحكومة العاجزة حتى عن تسديد الديون المتوجّبة عليها للصندوق؟

واضح أن هذا الاقتراح غير عمليّ وغير قابل للتنفيذ.

2 – تنفيذ المكننة الشاملة

جاء الاقتراح في هذا الموضوع كالآتي:

- تكليف وزارة العمل إجراء عقد اتفاق بالتراضي مع شركة متخصّصة بالمكننة لتنفيذ مشروع المكننة من موازنة وزارة العمل.

- تفويض وزير العمل التفاوض مع جهات مانحة محليّة أو دوليّة للحصول على هبة ماليّة أو عينيّة لتنفيذ المشروع.
 
إن هذا الاقتراح لا يتوافق مع مبدأ الشفافية في الصفقات، ولا يتلاءم مع صلاحيات الوزير في ما يتعلّق بالتفاوض مع دول أجنبية لعقد اتفاقات معها، بالإضافة إلى أنّ البند الأخير هو صعب التحقيق لندرة المانحين.

3 – تعيين مندوبي أصحاب العمل العشرة ومندوبي الدولة الستة، والتجديد لمندوبي العمال العشرة، لأن الأتحاد العمالي العام امتنع عن تقديم لوائح بأسماء المندوبين إلى وزارة العمل.

إن هذا الاقتراح صرف النظر عن ضرورة تقليص عدد أعضاء المجلس، الذي نادى به السيد الوزير، كخطوة إصلاحية في الضمان، وخالف مبدأ المساواة بين أعضاء المجلس، إذ عيّن أعضاء لم يتمّ انتخابهم وفق ما يفرض قانون الضمان الاجتماعي.
 
4- توفير أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية: هذا الاقتراح سبق لمجلس الإدارة في العام 2008 أن أقرّه نظاماً مصدّقاً من وزير الوصاية، بيد أن الإدارة التنفيذية في الصندوق امتنعت بإصرار عن تنفيذه.