"لانيت" - لا غير-  للبيان الوزاريّ

لا. إنّ الحكومة ليست حبّة بانادول. ولا هي من نوع المهدِّئات والمسكِّنات قاطبةً. بل حقنة، خبيثة وماكرة، مؤجِّلة لموعد القتل فحسب. وكم كنّا نتمنّاها فوريّةً، سريعةَ المفعول، وقاتلةً من ساعتها، بدل كونها من أدوية الموت البطيء، التي تعوّدناها أبًا عن جدّ.
إنّي أتحدّث عن هذه الحكومة السعيدة الموقّرة والمبجّلة التي أقصى ما نتمنّاه (وهي كذلك، ولا بدّ) أنْ تكون تشبه هذا العهد السعيد الموقَّر والمبجَّل، والقويّ جدًّا جدًّا، ليس برئيسه القويّ، وبتيّاره (الوطنيّ الحرّ) النادر الوجود، وبرئيس تيّاره الفائق النباهة والذكاء والقوّة والمهابة والنفوذ، بل القويّ فقط – ولا غير - بحزبه الإلهيّ ووليّه الفقيه.
وإنّي لأعجبُ كيف أنّهم قد ألّفوا لجنةً موقّرةً لتدبيج البيان الوزاريّ، الذي سيكون مضمونه وفاعليّته أعظم من زيرٍ يُرفَع من بئرٍ عميقة الغور. بل من بئرٍ لا قعر لها، ولا غور.
إذا كانوا يضحكون علينا، فهذا طبيعيٌّ ومعروفٌ ومفهوم. لكنْ، ليس من لزومٍ ليضحكوا بعد الآن على أنفسهم بمهزلة هذه الجدّيّة السخيفة المبتذلة، وببهدلة تضييع المزيد من الوقت، بأمرٍ تافهٍ كهذا الأمر (البيانيّ).
وإنّي لأعجبُ كيف أنّهم لا يزالون يتعاملون مع "المرحلة" ببيانٍ وزاريٍّ، لا بدّ أنّه سيحفل بكلّ المشاريع والخطط والوعود الممكنة وغير الممكنة، وخصوصًا بخلطة الإنقاذ الاقتصاديّ والماليّ والمعيشيّ والاجتماعيّ والمجتمعيّ... العجائبيّة.
وإنّي لأعجبُ كيف أنّ مجلس النوّاب، برئيسه والأعضاء، لا بدّ – من أجل اكتمال المشهد الكَرَكوزيّ - أنْ يكون ينتظر توجيه الدعوة إلى عقد جلساتٍ نيابيّة لمناقشة الخطط التاريخيّة هذه، وتسديد خطاها، وتقويم الاعوجاج الذي قد يكون يعتري بعض بنودها، قبل منح الثقة الموعودة، التي لا بدّ أنْ تُمنَح، تحت أنظار العالم "الحرّ" كلّه.
وإنّي لأعجبُ كيف أنّنا - نحن حيوانات هذه السلطة المتوحّشة – لا نزال إمّا نتبادل المواقف والآراء على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وإمّا نتفرّج على شاشات التلفزة لتوثيق معرفتنا بالوزراء الجدد، وإمّا نبحث عن تنكة بنزين، وإمّا نقف أمام محالّ الصيرفة لتصريف العملة، وإمّا ننتظر مئة دولار من "برّا"، وإمّا "نأكل الخراء" في كلّ الأحوال.
نحن حيوانات هذه السلطة المتوحشّة، كم أصبحنا حقًّا وفعلًا، حيواناتٍ داجنةً، أليفةً، لا تحسن سوى النباح والعواء والمواء والنحيب، وربّما الانتحار، في أحسن تقدير.
نحن حيوانات هذه السلطة المتوحّشة، ودواجنها، وكلابها، وهررتها، لا تنفع معنا سوى المعالجات الجذريّة. أقصد: أدوية الإبادة الفوريّة، والجماعيّة.
وعلى طريقة الإبادة التي تتعرّض لها حيواناتنا الأليفة في الشوارع، على أيدي سفّاحي الحيوانات، لِمَ لا يُستعان بسمّ اللانيت الزعاف (تجدون كلّ المعلومات الكافية الوافية عنه في "غوغل" و"ويكيبيديا"). فهو خير علاج. وربّما خير بيانٍ وزاريّ لحكومتنا الموقّرة، يُتلى أمام مجلس نوّابنا الموقّر، في هذا العهد الموقّر.
akl.awit@annahar.com.lb