السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

نحن الذين في الخارج

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
أهالي ضحايا انفجار المرفأ خلال اعتصام في محيط عين التينة (نبيل إسماعيل).
أهالي ضحايا انفجار المرفأ خلال اعتصام في محيط عين التينة (نبيل إسماعيل).
A+ A-
كان المشهد حقيقياً بالأمس، والفرز طبيعياً، مختلفاً عما اعتدناه في السنوات السابقة، لكنه ربما الأصدق والأكثر تمثيلاً للواقع.

نعم، لبنان ليس موحّداً ومقسّم عمودياً، لكن هذه المرة بشكل مختلف، هو مقسّم إلى قسمين فقط، بين من كانوا في داخل قصر عين التينة وبين من هم خارجه.

كانوا في الداخل يبحثون تحت المكيّفات وفي الصالات الفخمة في الدستور والقوانين؛ عصف فكريّ يستنبش موادّ تبرّئ وتُبعد أي شبهة أو حتى أي سؤال عما اقتُرف بحق الوطن وأبنائه، موادّ وقوانين وتشريعات وسيادة تافهة ساقطة. وكنا في الخارج نبحث عن حقيقة ووطن على قارعة الطريق، نُضرب ونُبعد ونُسحل.

المشهد سوريالي، لكنه واقعي. طلب المجلس من المجتمع بكافة فئاته أدلة إضافية ودلائل وبراهين على أنهم كانوا يعلمون، وكأن هذا الأمر بحاجة إلى أدلة، وكأنهم لا يعلمون أنهم كانوا يعلمون، ولكن ما لا يعلمون به أن الشعب أصبح يعلم أنهم شركاء، ولم يعد بحاجة إلى دلائل.
يخبرني نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أن هناك تحاملاً على المجلس، وهناك خططاً لضرب المؤسسة، ونسي أن المؤسسة سقطت، منذ أكثر من سنة وثمانية أشهر، عندما سُحب التكليف منها في الشارع. سقطت عندما أصبحت جميع تشريعاتها مجرّد حبر على ورق لا يُنفذ منها شيء، وسقطت بالضربة القاضية عندما ذهبت إلى الاختباء وراء الحصانات الزائفة.

يناشدني الفرزلي أن اقرأ خطابه جيداً، ليؤكد لي أنه لا يمكن لمجلس النواب أن يتخذ قراراً بناء على "شقفة ورقة" وما هكذا تدار الأمور، وغاب عن باله أن المطلوب منهم ليس أن يكونوا هم القضاء والقاضي والمحقق وفي الوقت نفسه المتهمين. وجُلّ ما هو مطلوب أن يتنحوا جانباً ويتركوا القضاء يقوم بعمله من دون التلطي والاختباء وراء قوانين بائسة لا تُسمن ولا تُغني.

يطالبني بقراءة المادة أربعين من الدستور التي تتكلم عن عدم جواز اتخاذ إجراءات جزائية بحق أي عضو من أعضاء المجلس، أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً، إلا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبُّس بالجريمة. وغاب عن باله أن هذا الدستور ضُربت مواده عشرات المرات بحماية هذا المجلس وغيره من المجالس، وأن الدساتير والشرائع والقوانين وُضعت لحماية الناس وتنظيم حياتهم وليس لتفجيرهم وتدميرهم.

ومن النهاية، يؤكد لي أن المجلس مستعد لأن يتحول إلى هيئة اتهامية وهي موجودة تحت اسم المجلس الأعلى لمحاكمة النواب والرؤساء مكونة من أعضاء هم انتخبوهم ليحاكموا أنفسهم ويطلب منا أن نصدّقهم. أما نحن في الخارج فنصدق أمي التي دفعها الجندي لتكسر صورة ابنها، زميله الشهيد، وتجرح نفسها بها. نعم إنها أمي، لأن أمي كان يمكن أن تكون مكانها لولا تدخّل الحظ فلم أتواجد على مكتبي في ذلك النهار الشهير.

نحن في الخارج علّقنا الحداد وقررنا العودة إلى العمل، لم تعد تعنينا المؤسسات التي أسقطت نفسها بنفسها. قررنا المواجهة. وهذه المرة لسنا وحدنا. نحن وأكثر من مئتي شهيد و350 ألف جريح، سنواجه على الطريق وأمام منازلكم ومكاتبكم. سنواجه في كل مكان. ولن نبقى كثيراً في الخارج، إنما سندخل إلى مكان نُسقط حصانات وأذونات واحدة تلو الأخرى، لنصل إلى الحقيقة، وسنصل.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم