الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أيتها الدولة العليّة هل تتذكرين جريمة تفجيرات القاع الإرهابيّة

المصدر: "النهار"
القاع أقوى من الجراح (كاريكاتور "النهار" في 28 حزيران 2016).
القاع أقوى من الجراح (كاريكاتور "النهار" في 28 حزيران 2016).
A+ A-
طوني وهبه
 
خمس سنوات مرّت على جريمة تفجيرات القاع الإرهابية، التي أودت بحياة خمسة أبطال من خيرة شباب البلدة وأكثر من 32 جريحاً، وحتى اليوم لم نسمع من السلطات القضائية أو الأمنية إلا الوعود وجلسات تؤجل من حين الى آخر في هذه الجريمة الإرهابية الرهيبة، التي نفّذها ثمانية انتحاريين إنغماسيين فجر 27 حزيران 2016، مهاجمين بلدة حدودية آمنة مسالمة لا تحمل في سلوكها نحو الغير إلا الود والمحبة. ولولا دماء شهدائنا الغالية ولطف الله، لكان قدّر للانتحاريين الانغماسيين ومن خطط لهم، أن ينجحوا في جريمتهم المرسومة ويوقعوا المئات من الضحايا الأبرياء.
 
واليوم، بعد مضي خمس سنوات، نحن أهالي الشهداء، لم نجد في تعاطي السلطة مع هذه الجريمة، إلا الخفة وعدم الجدية، في وقت كان يفترض أن تتجنّد بكل أجهزتها وبأسرع ما يمكن لإظهار حقيقة من دبّر وخطّط وفجّر في جريمة تستهدف أكثر من بلدة القاع، تستهدف كل الوطن، وذلك من اجل الحفاظ على السلم الأهلي والوطني.
 
ترى ألا تستحق هكذا جريمة إرهابية مرعبة أن تحوّل أمام المجلس العدلي شأنها شأن الجرائم الوطنية؟. إذ يصل ثمانية انتحاريين إنغماسيين الى بلدة حدودية، في حادث لم يحصل مثله في أي مكان من العالم لا في العراق ولا في افغانستان، منهم من فجّروا أنفسهم فجراً ومنهم من بقي متخفياً في البلدة لليلة التالية ليفجر نفسه بأكبر تجمع من الناس الأبرياء بهدف الإيقاع بأعداد كبيرة من الضحايا.
 
إلا أن ما لمسناه ونلمسه حتى الآن من تصرف السلطة، يوحي بأمرين: إما أنها عرفت بكل تفاصيل الجريمة من تدبير وتخطيط وتنفيذ، ولكنها تخفي عنا الحقيقة لأسباب نجهلها. أو أنها تتعاطى مع هذه الجريمة وكأنها حادث أمني عادي، ونخشى أن يكون ذلك مرجّحاً، ففي مسرح الجريمة أدلة وإثباتات ووقائع لا نعرف عنها شيئاً وعلى الأرجح أنه لم يؤخذ بها على الإطلاق، لأنه وبحسب أحد المحامين لا توجد في ملف التحقيق أي أدلة أو وقائع وشهادات من مسرح الجريمة.
 
والجميع يعرف أن أناساً من أبناء القاع شاهدوا والتقوا ببعض الانتحاريين الانغماسيين خلال تسللهم إلى موقع الجريمة! وهناك من شاهد وعاش بعض وقائعها!، ومنهم من شاهد سيارة "فان بيضاء" كانت مرّت قبيل التفجير الأول وبعده بلحظات وسائقها يحدق بوجوه الناس المذعورين!.
 
وهنا نطرح الاسئلة الآتية:
 
- كيف أو لماذا لم يتم استدعاء أي شاهد من أبناء البلدة كان قد رأى أو سمع أصوات الانتحاريين أو التقى بهم وهم في طريقهم الى موقع الجريمة؟.
 
- ألم يكن من إمكانية لتتبع شبكة الاتصالات مثلاً، فماذا عن داتا الاتصالات التي تساعد على كشف حركة الاتصالات الخلوية في محيط موقع الجريمة؟ لأنه في عرف الجميع أنه لا يمكن لمجموعة انتحارية أن تقوم بفعلتها دون وجود مخططين ولوجستيين على الأرض ينظمون هكذا عملية؟.
 
- ونسأل أيضاً، أهكذا هبط الانغماسيون، ليقوموا بفعلتهم الإجرامية!!! وكيف استطاعوا الوصول الى موقع جريمتهم في منطقة تعتبر عسكرية؟، وبالتالي هل بلدة القاع هي المستهدفة أم كانوا في طريقهم لتنفيذ جريمتهم في بلدات أخرى؟ وهل يمكن ربط الجريمة بحوادث أمنية حصلت قبلها أو بعدها بأيام؟ أما السؤال الذي يؤرقنا ويجرحنا دائماً، أنه كيف سمحت الدولة برحيل الدواعش من الجرود قبل التحقيق بهذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي ارتكبوها؟
 
وفي الحقيقة إن فراغ التحقيق من الإجابات عن الأسئلة الكثيرة التي تطرح، والجمود الذي يخيّم عليه، يترك الخيال لكل من تعنيه القضية لينسج السيناريو الذي يراه منطقياً مع تفكيره. فنحن أهل الشهداء، وبعد الاعتصامات والبيانات والتحركات العديدة التي قمنا بها، إضافة الى النداءات والصرخات بتحويل هذه الجريمة الى المجلس العدلي، نتيقن أكثر فأكثر أن السلطة تتصرف وكأنها تقول لنا انسوا الأمر، همومنا تكفينا، فأولادكم ماتوا ميتة طبيعية، أو في حادث سير حدث قضاء وقدراً في فجر ظالم حزين. وهذه الجريمة المهولة هي فصل من فصول كتاب الدمّ اللبناني والجرائم التي لا تحقيقات فيها ولا قتلة فيها. جريمة موصوفة، ككل الجرائم التي ترتكب لا يؤدي التحقيق فيها ولو بعد أشهر أو بعد سنين إلى أي نهايات.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم