الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أنْ نعشق الحياة

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
تعبيرية
تعبيرية
A+ A-

أنْ نعشقَ الحياةَ، وأنْ نظلَّ عشق هذه الحياةَ غصبًا عنهم، وعن كلّ شيء. 
لا شيء عندي أخاطب به الناس، إلّا هذا الشيء: أنْ نعشق جميعنا الحياة، من أجل الحياة أوّلًا، ومن أجلنا ثانيًا، ونكايةً بهم ثالثًا.
صحيحٌ أنّ كلّ شيء في لبنان – تقريبًا – بات يدعوني إلى شتم هذه الحياة التي يعيّشوننا إيّاها، ويدفشني دفشًا، وبالقوّة، إلى الحقد عليها، إلى نبذها، وأيضًا إلى نحرها من الوريد إلى الوريد، وترك دمها ينزف على الطريق أمام الحكّام، والناس، والمارّة، والموتى، 
لكنّ الصحيح الصحيح أنّي لن أرضخ لهذا "المنطق" الذي نُساق سوقًا إلى غسل أدمغتنا به، والتعوّد عليه، ثمّ المناداة به. 
لا. لن أرضخ لهذا "المنطق". لن.
واقع الأمور، يدعوني إلى وعي هذا "المنطق"، وإلى وقف المقامرة العَدَميّة اللامجدية التي تستنزف كلّ القوى والأحلام والإرادات والطاقات والإمكانات والاحتمالات. 
واقع الأمور، يدعوني إلى القبول بـ"منطق" الأمر الواقع. أي تسليم الحياة إلى هؤلاء الطغاة الحكّام القَتَلة الذين يصادرون لا السياسة فحسب، ولا فقط الحياة السياسيّة، بل الحياة عن بكرة أبيها وأمّها.
أقول هذا، لا إيمانًا بهذا "المنطق"، ولا تعبيرًا عن كره الحياة، بل فضحًا للإكراه الذي يجعلوننا به نكره هذه الحياة، ونرغب في الموت يأسًا مما آلت إليه على أيديهم هذه الحياة، وخلاصًا منهم. 
طموحنا إلى أنْ نتخلّص من هؤلاء الطغاة الحكّام القَتَلة، رؤسائهم، حكوماتهم، مجالسهم النيابيّة، وزرائهم، نوّابهم، حكّام مصارفهم، سماسرتهم، قوّاديهم، ميليشياتهم، زعرانهم، قطّاع طرقهم؛ هذا الطموح الخلاصيّ يدعونا – يا للمفارقة – إلى طلب الموت لحياتنا.
هؤلاء الطغاة الحكّام القَتَلة، لم يتركوا لنا شيئًا نعشقه في هذه الحياة. ولا ها هنا.
سرقوا لبنان من نفسه وذاته، وسرقوه منّا، وتحاصصوه، وتناوبوا عليه، واغتصبوه، ودمّروه، ونهبوه، وخرّبوه، ولوّثوه، وبشّعوه، وشربوا دمه حتّى الثمالة، ولم يتركوا في شرايينه نقطةَ أملٍ واحدة، ولا حتّى نقطة ضوء.
هؤلاء الطغاة الحكّام القَتَلة، سرقوا نومنا، سرقوا صباحنا، سرقنا حلمنا، سرقوا عيوننا، أيدينا، شهقاتنا، آهاتنا، لمساتنا، حبّنا، أسرّة شهواتنا ورغباتنا المشروعة والمحرّمة، سرقوا أولادنا، بيوتنا، ينابيعنا، أنهارنا، شمسنا، قمرنا، نجومنا، وسرقوا أعمارنا، وظلالنا، وسرقوا كتبنا، أشعارنا، رواياتنا، رسومنا، موسيقانا، وأحواض الحبق التي تنمو على شرفاتنا.
هؤلاء الطغاة الحكّام القَتَلة، سرقوا عشق الحياة للحياة. فماذا بقي لنا؟!
لم يبق لنا شيء. لا شيء. تقريبًا.
لكنْ، خسئوا. وفشروا.
خسئوا. وفشروا. ثمّ خسئوا. وفشروا. وبالثلاث: خسئوا. وفشروا.
من أعلى إلى أسفل.
ومن أسفل إلى أعلى.
وعن بكرة طبقتهم السياسيّة الفاسدة والمستهترة والغاشمة واللئيمة والخسيسة والوقحة.
وأنا، هذا الصباح، وفي يدي "أنْ تعشق الحياة"، الرواية التي صدرت للتوّ لصديقة العمر، الكاتبة النبيهة الذكيّة الطليعيّة علويّة صبح، من كفردونين الجنوب (عن دار الآداب)، أدعو مواطِناتي ومواطنيَّ إلى الالتئمام حول هدفٍ واحدٍ وحيد: أنْ نعشق حياتنا، هذه الحياة، هنا، في لبنان، وأنْ نظلّ نشتهي هذه الحياة. ونرغبها. ونعيشها. ونعشقها. وننامها. إلى أنْ تحبل هذه الحياة ببناتها وأبنائها، وتظلّ على قيد الحبّ والحياة.
... وأنْ نظلّ نحرّر هذه الحياة من طبقتهم السياسيّة الفاسدة والمستهترة والغاشمة واللئيمة والخسيسة والوقحة.
ثمّ، فشر. فشر. فشر. 
وليخسأ هؤلاء الطغاة الحكّام القَتَلة. إنّنا – غصبًا عنهم ونكايةً بهم - سنظلّ نعشق هذه الحياة!
وإذا من "تعليمة" و"كلمة سرّ"، عشيّة 17 تشرين الأوّل، فلتكن "التعليمة" هي هذه "التعليمة"، ولتكن "كلمة السرّ" هي هذه "الكلمة": أنْ تعشق – أنْ نعشق – الحياة!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم