الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل توجّه إسرائيل ضربة عسكرية لإيران؟

إحراق علم إسرائيل في إيران )أ ف ب).
إحراق علم إسرائيل في إيران )أ ف ب).
A+ A-
علي الهاشم
 
هددت إسرائيل في شكل مثير للقلق بمهاجمة إيران عبر توجيه ضربة عسكرية لمنشآت وقواعد حيوية منها موقع نطانز النووي. وفي العادة لا تصدر من الحكومة الإسرائيلية مثل هذه التصريحات إلا وتكون عازمة بالفعل على ذلك. والتاريخ يخبرنا أنها لا تأتي من فراغ، فحوادث حرب 67 وما قامت به من هجوم مفاجئ أدى لوقوع شبه جزيرة سيناء المصرية كلها في قبضتها، وضرب المفاعل العراقي عام 1981 وما تلاه من ضرب مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1985 في تونس في أطول عملية قصف يقوم بها سلاح الجو الإسرائيلي، وقصف مفاعل دير الزور في سوريا عام 2007، كلها تؤكد لنا مدى خطورة هذه التصريحات وجديتها.
 
تمتلك إسرائيل سلاح جو يعتبر الأحدث عالمياً ومتفوقاً إقليمياً، ويتألف من زهاء 700 طائرة عسكرية تتنوع ما بين مقاتلات ومقاتلات قاذفة وأخرى متعددة المهمات والأغراض. وتتنوع ما بين إف – 15 الاعتراضية وأخرى متعددة المهمات والهجوم وإف – 16 متنوعة إلى جانب الأحدث إف – 35 التي لديها قابلية للتخفي عن الردارات. وتعول أغلب التقارير العسكرية عليها في إحتمالية تنفيذ أي هجوم متوقع على إيران لما تتمتع به من مواصفات قياسية تنتمي إلى الجيل الخامس والوحيدة التي تتسلح بها دولة كإسرائيل في الشرق الأوسط، بينما لا تمتلك أية دولة أخرى بالمنطقة سوى مقاتلات تنتمي أحدثها إلى الجيل ما فوق الرابع لكن ما دون الخامس.
 
وقد وردت أخبار ومزاعم في عام 2018 من أن مقاتلتين من طراز إف – 35 إسرائيليتين قد قامتا بخرق الأجواء الإيرانية وتصوير عدد من المواقع الاستراتيجية هناك من بينها منشأة نطانز النووية، إلا أن إسرائيل لم تعترف بذلك كما لم تنفه أيضاً، ما يقودنا إلى إحتمالية استخدامها لطائرات من دون طيار للتجسس بدلا من إف – 35 الثمينة والتي لا تملك المدى الكافي من دون إعادة تزودها بالوقود جواً حيث تتجاوز المسافة ما بين العمق الإيراني وبين تل أبيب 1650 كلم تقريباً الأمر الذي يتطلب وجود قاعدة أرضية قريبة من إيران لتنفيذ مثل تلك الغارات أو حتى الطلعات الاستكشافية و التجسسية.
 
أما ما يرنو إليه بعض الخبراء العسكريين من أن إسرائيل قد تقدم على ضرب المنشآت الإيرانية عبر استخدام مركبات جوية مسيرة من بعد، فإنه إحتمال وارد عدا عن أنه ليس عملياً وقد تقوم إيران فور رصدها بالتشويش عليها كما فعلت مع طائرة التجسس البالغة السرية الأميركية آر كيو – 170 عام 2011 وهو ما لا تحبذه إسرائيل بتاتاً.
 
نصل إلى فرضية استخدام إسرائيل لترسانة متنوعة من الصواريخ البالستية أرض – أرض بعيدة المدى من طراز أريحا والتي في إمكانها الوصول بسهولة إلى العمق الإيراني وما وراءه، لكن استخدام الصواريخ البالستية أمر لا يمكن إخفاؤه، وبالتالي فإن إسرائيل ستمنح طهران فرصة لطالما حلمت بها لضربها بكل ما تملك من ترسانتها العامرة من الصواريخ البالستية التي تطاولها بكل أريحية وهو ما سيؤدي إلى أتون من نار في المنطقة برمتها، وقد يتعقد الأمر ليشمل أطرافاً أخرى تنخرط في مثل هذه المواجهة غير المحمودة العواقب.
 
يبقى أسطول الغواصات التي تمتلكها البحرية الإسرائيلية من طراز "دولفين" أو "تايب 209" كخيار متاح وبقوة. يذكر أن "تايب 209" تفوقت على منافستها الروسية "كيلو" والتي تمتلكها إيران من الفئة ذاتها، سواء في الأداء أو في حجم المبيعات لدول متعددة. ويطلق على غواصة "تايب 209 دولفين" فولكسفاغن لعالم الغواصات التقليدية، ذات الدفع غير النووي، من شدة اعتماديتها وعملها بصمت وأداء اقتصادي عالٍ. ويعتقد أن إسرائيل والتي تمتلك حالياً 5 إلى جانب إثنتين أو أربع قيد الطلب منها، قد تم رفع مستواها إلى النموذج "تايب 212" التي تتمتع بقدرة بقاء تحت الماء تتجاوز المدة لتلك التي لدى غواصة "كيلو" الإيرانية، ويرجع ذلك إلى وجود وحدة خلايا الوقود الهيدروجيني والأوكسجين المسال بحيث لا يتطلب خروجاً إلى السطح لشحن البطاريات كما هو دارج في الغواصات التقليدية. وهي مزودة بـ 6 طوربيدات إلى جانب 18 صاروخاً متنوعاً منها صواريخ كروز الجوالة من فئة "بوب آي" الإسرائيلية الصنع.
 
نستخلص من كل ما سبق أن إسرائيل حينما تقرر ضرب إيران فإنها هذه المرة لن تعتمد فقط على قوتها الجوية كما فعلت في السابق، بل ستكون مهمة متنوعة عبر التنسيق ما بين الغواصات والطائرات المقاتلة إلى جانب مركبات جوية غير مأهولة على أن تكون جميعها تحت غطاء حرب إلكترونية وسيبيرية من أجل التسبب بحالة من الشلل والاضطراب في القيادة الإيرانية ومن ثم تدمير المواقع تدميراً كبيراً كي تجعل من الصعب الرد بقوة عليها.
 
يُنشر أيضاً على "النهار العربي".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم