الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مئوية لبنان الكبير... ولادة جديدة أم زوال؟

ولادة لبنان (تعبيرية- أ ف ب).
ولادة لبنان (تعبيرية- أ ف ب).
A+ A-

كتبت كارن البستاني

في ذكرى المئوية على إعلان دولة لبنان الكبير لا يسعني إلا أن أتمنى أن نحتقل بولادة لبنان الجديد، لبنان الحضاري ذي التاريخ العريق الذي يمتد منذ أكثر من 6000 سنة وليس بزواله!

100 سنة عرفنا في أول 50 منها ازدهارًا على كل الأصعدة وعرفت بيروت عصرها الزهبي ولكن لسوء الحظ لم نشهد خلال الخمسين الباقية إلا الفساد والحروب والإجرام!

وبعد 100 سنة ما زالت التدخلات الأجنبية حاضرة لتنقذنا من شياطين الداخل.‏ فلماذا هذه الحالة الطارئة لتعيين رئيس وزراء جديد وحكومة جديدة؟ الأمر كله يتعلق بالتهديدات والمساوامات والمؤامرات، فعندما تمرّر الدول الكبرى مصالحها على الشعب ان يكون واعياً! ثمّة عقوبات كبيرة على عدد من السياسيين اللبنانيين وفضائح تطال "حزب الله" مرتبطة بانفجار المرفأ وأتى ماكرون بعدما أعطته الولايات المتحدة الضوء الأخضر لإدارة المفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين. فماكرون رئيس فرنسا، صاحبة أعرق الديموقراطيات في العالم، يتدخل بطريقة واضحة في شؤون لبنان الداخلية ويتصل بكافة الافرقاء والكتل ليفرض تسمية رئيس للحكومة في أقل من 24 ساعة. فهل مصطفى أديب صديقه وصديق جبران باسيل ورامي عدوان سفير لبنان في فرنسا ومدير مكتب وزير الخارجية السابق كما تتداول بعض وسائل الإعلام أما إنه الاسم التوافقي بين الأطراف السياسيين في الداخل علمًا أنه مقرب ايضاً من رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي والرئيس نبيه بري؟ في كل الأحوال مصطفى أديب قد خرق القانون اللبناني قبل وصوله الى الحكم، وذلك بصعوده على متن طائرة "الميدل إيست" من مطار باريس من دون خضوعه لفحص PCR بجملة "ما بتعرف أنا مين"!

كنا قد تعودنا على تدخل دول ذات أنظمة ديكتاتورية في المنطقة، وخصوصاً النظامين السوري والإيراني، وإذ نُفاجأ بأن ماكرون يسر على هذه النهج ونتمنى ألا يكون لمصلحة إيران و"حزب الله" ثمناً لمساومات واتفاقيات في المنطقة يريد ماكرون من خلالها إيجاد موطئ قدم ولو على حساب سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه وحريته، لنترحم بعد ذلك على الرئيس ديغول...

ومن هنا نتساءل إن كان مجيء ماكرون لخلاصنا أم للخلاص علينا؟!

في كل الأحوال، الامس في نهاية هذا اليوم التاريخي الذي احتفلنا به بالذكرى المئوية للبنان، كل ما يمكنني ان أدونه هو هذه الحقائق الرئيسية:

وطني لبنان عمره 6000 سنة من التاريخ والحضارة ولديه رموز وأيقونات خالدة مثل الأرز والسيدة فيروز.

زرع ماكرون شجرة الأرز وزار وكرّم الاسطورة فيروز، لأن هذين الأمرين غائبان في بلده العظيم!

في بلدي وبعد 100 عام من إعلانه لبنان الكبير، شاهدنا خمسين عامًا من الازدهار غير المسبوق في العالم ولكنه انتهى في السبعينيات والخمسين عامًا الباقية شهدنا فيها على تدهور كليّ أدى إلى انهيار لا يصدق على كل المستويات!

في هذا اليوم التاريخي، تحاول فرنسا أن تضطلع بدور وهي تعلم أن السياسة دائمًا ما تكون لعبة رابحة بعدما حصلت على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة (التي لا تزال تراقب ولم تعطِ الكلمة الأخيرة).

في هذا اليوم التاريخي وبعد رحيل كبار القادة ورجال الدولة اللبنانيين، كان ماكرون صادقًا عندما قال في المؤتمر الصحافي:

أنتم مواطنون حالمون ولن نستطيع أن نحقق أحلامكم ولكن لا تستسلموا! يريدونكم أن تستسلموا وأن تيأسوا وهذا سيؤدي إلى زوال لبنان! كل واحد منكم لديه دور وعليه تأديته!

في هذا اليوم التاريخي طلب منا نحن الثوار أن يكون لدينا قادة وخطة منظمة حتى يتمكن من دعمنا!

ولذا، بدورنا نقول للرئيس ماكرون؛ في هذا اليوم التاريخي، نعلم أن هناك عقوبات على بعض سياسيينا وضغوطاً كثيرة على حزب سياسي مصنف من فرنسا كإرهابي، ونعلم أيضًا انه إذا أرادوا تحرير أنفسهم، فعليهم تعيين حكومة جديدة وتنفيذ جميع الإصلاحات المطلوبة في غضون 3 أشهر! ورداً على ما قاله ماكرون إن التشاور مع كل الأطراف من ضمنها "حزب الله" أفضل من الرفض التام للتفاوض وفرض العقوبات سنقول إننا نرفض ان تكون تلك المفاوضات والاتفاقات على حساب الشعب اللبناني.

سأذكر فقط دورنا كمواطنين لبنانيين مستقلين أحراراً: علينا الاستمرار بالضغط والمحاولة للوصول الى التغيير الذي نطمح به، علينا ان نستمر في التحرك وأن نتحد من أجل نفس الهدف: لبنان جديد شبيه بلبنان في عصره الذهبي ما بين 1950 و1970!

لدينا أرض سحرية مباركة ونحن أناس مثقفون مبدعون وأقوياء!

كرر ماكرون عدة مرات: احتفظوا وثقوا بالمثقفين! هم قادرون على التخطيط والقيادة!

و اخيراً ولبس آخراً الامس كان اليوم الذي انحل فيه لغزاً كبيراً:

كنت أتساءل دائمًا لماذا انكفأت فيروز وابتعدت عن الأضواء والأشخاص والضوضاء ولماذا سكتت قبل أن يأمرها الموت بالسكوت؟

اليوم أدركت أنها حافظت على صورتها شامخة مثل شجرة الأرز الخالدة، مثل بيروت العصر الذهبي... فيروز هي رمزنا وأسطورتنا التي ستمثل دائمًا بيروت المتوهجة الخالدة، هذه الصورة المذهلة التي لدينا عنها في الخمسينات والستينات وأوائل السبعينات...

لقد حمت فيروز نفسها من غبار الماضي وأوساخ الحاضر! حمت نفسها من الغيرة والشر والألم التي يحدثها الآخرون! كنا بحاجة إلى صورها الجديدة وهي تبتسم لنفهم أنها لا تزال على قيد الحياة وأكثر من أي وقت مضى، مشرقة من الداخل والخارج!

أعطتني الأمل بمستقبل أفضل نقيًا مثل السماء، وسيتم إعادة تكوينه مع النجوم الساطعة، شكراً لك وباركك الله!

لبنان الكبير سيبقى كبيراً بحياده، ولن يصغر في عيوننا إلا من نهبوه ودمّروه ولا يزالون يمررون صفقاتهم على حساب شعبهم الذين جوعوه وسرقوه وكسروه!

نحن الرأس الذي سوف يلصق على جسم الثورة، نحن القلب النابض وأنتم القلب الجامد، نحن الأرواح المتمردة وأنتم الأرواح الشريرة.

نحن المستقبل وأنتم الماضي.

نحن لبنان.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم