الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

ماكرون يَسير في حقل ألغام السياسة اللبنانية حاملاً الجزرة والعصا

ماكرون خلال جولته في بيروت.
ماكرون خلال جولته في بيروت.
A+ A-

كتبت كارول سابا

من يقرأ المقالة "القنبلة" للصحافي الفرنسي المعروف جورج مالبرونو في الفيغارو، يُدرِك أن الأيام والأسابيع الآتية ستكون صعبة جدّاً على هذه الطبقة السياسية المَصْلحِيَّة، وعلى لبنان، وعلى من يتقلد الحكم فيه في هذه الفترة كونه سوف يكون "بين شاقوفين"، وبين "نارين"، كما نقول في العاميّة.

يتكلم الصحافي المعروف في المقالة، بصراحة، وبالأسماء، استناداً إلى مصادر موثوقة، كيف أن الطبقة السياسية اللبنانية التي أقامت صفقة الرئاسة، كانت تنوي (وفاوضت في الخارج على عينك يا تاجر وبواسطة مندوبين ووسطاء) أخذ 20 % عمولة على الـ11 مليار أورو التي وعد بها مؤتمر سيدر، وكيف تم رفض ذلك من السلطات الدولية.

من يقرأ هذه المقالة، يُدرِك أيضاً كيف أننا كنا دائماً مخدوعين من كل هذه الطبقة وهؤلاء المسؤولين، ويُدرك حجم الفساد والمُحاصَصة التي كانت تتم على حسابنا، طوال هذه السنين، بين من هم أضداد في السياسة، فيتناحَرون عَلنَاً، ويتَقاسَمون سِرّاً، وكيف كانت المُحاصصة وتقاسم العمولات والحِصَص مُسْتَمِرَّة حتى في السنوات الأخيرة، رغم أن البلد كان على شفير الهاوية الاقتصادية والمالية.

ويُدرك أيضاً كيف أن هذه الطبقة السياسية تريد أن تحمي حالها اليوم من العقوبات الآتية لا محال... فهل من المعقول أن يَصْطَفُّوا جميعاً، ويُسمُّوا الاسم الذي أُنزِل عليهم بالباراشوت في ظرف ساعات قبل عودة الرئيس الفرنسي؟!

والمُذهل ـ ولصحيفة الفيغارو الفرنسية مصداقيتها، ومراجعها، ومَصادرها التي تكون مُوثَّقةـ كيف أن الصحافي الكبير جورج مالبرونو، المُتخصِّص في السياسة اللبنانية والشرق الأوسطية، وكان من المخطوفين الفرنسيين سابقاً، يُسَمِّي بالأسماء المسؤولين الكبار من الصف الأول في لبنان، وبعضاً من مستشاريهم، وبعض أفراد عائلاتهم، أنهم في قائمة لائحة العقوبات، عقوبات الفساد.

ومن يقرأ حوار الرئيس الفرنسي مع صحيفة بوليتيكو، الذي يُعطي مهلة ثلاثة أشهر قبل العقوبات، (ويبدو أن الإليزيه صرَّح عن زيارة ثالثة لماكرون إلى بيروت في كانون الأول) ويُفصح فيها عن الطريقة المُعتمدة للوصول إلى نتائج جذرية دون الوصول إلى مُجابهة وحرب (أي نظرية السوفت باور soft power)، أي الحرب التي لا تُستعمَل فيها الصواريخ والقذائف وحرب الشوارع، ما ينزع قيمة السلاح في هذه الحرب من بعض الأطراف، يُدرك أن الآتي سيكون صعباً جداً على هذه الطبقة السياسية المَصلحية، ولكن سيكون صعباً علينا أيضاً، نحن المأسورين بفعلهم، وعلى لبنان المأسور من هذه الطبقة التي لن تستسلم بسهولة.

المستقبل القريب سيكشف ما إذا كان الرئيس ماكرون ومَن وراءه، أدرى بالرمال المُتحركة اللبنانية أم لا، وإلى أي مدى ستكون سياسة العصا والجزرة ناجحة، وأي أثمان سيتكبدها الشعب اللبناني.

ويبقى السؤال، على ضوء هذه المعلومات العلنية (التي لم يتم تكذيبَها بعد، لا بل شعر البعض بالإحراج عند سؤال الصحافة عن الموضوع)، هل يعني ذلك أن بعض المسؤولين ليسوا على علم بما ارتكب هؤلاء القريبون منهم ليكونوا على لائحة عقوبات الفساد؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم