الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لماذا يذكّرنا ميشال عون باسمه؟

الرئيس ميشال عون.
الرئيس ميشال عون.
A+ A-
غسان صليبي

في كلمته المتلفزة المخصصة للتدقيق الجنائي في مصرف لبنان، كرر رئيس الجمهورية مراراً"أنا ميشال عون" وهو يخاطب اللبنانيين.

شخصانية الرئيس معروفة، والـ"أنا" عنده "مضخّمة" كما يقولون في علم النفس. لكن هذا لا يفسر وحده هذا التكرار لإسمه في هذا الظرف التاريخي بالتحديد.

اصلا، ارتبط اسم تياره باسمه، الذي يُعرف بـ"التيار العوني"، اكثر مما يُعرف باسم حزبه، اي "التيار الوطني الحر". وإذا اردت اليوم ان تسأل نفسك ما هو التيار العوني وما هي أهدافه، فلن تعود الى وثائق وبيانات الحزب، بل الى شخصية ميشال عون ومواقفه وسياساته، وخصوصا أن هذه المواقف والسياسات تبدلت جذريا مع الزمن، ولا شيء يفسر لك هذه التبدلات الا معرفتك بشخصية ميشال عون.

بعض التيارات السياسية الاخرى ارتبط اسمها باسم زعيمها، مثل "الحريرية" مثلا، لكن الحريرية تشير الى سياسة اقتصادية على مستوى الوطن أكثر مما تشير الى "تيار المستقبل"، الذي لم يعد تعبير "الحريرية" يختصر سياساته وتشعباته ولا بالتأكيد شخصية زعيمه الحالي. هكذا بالنسبة للاحزاب الاخرى، التي وبالرغم من مركزيتها وهيمنة زعيمها على قراراتها، الا انها ابقت شيئا من التمييز بين اسمها واسم زعيمها.

يبدو ان الرئيس عون، وهو يذكّرنا بأنه "ميشال عون"، انما يتوجه في الواقع الى فئتين من الناس، جمهوره "العوني" من جهة، والجمهور والقيادات السياسية المحلية والخارجية المعارضة له من جهة ثانية.

يريد ميشال عون ان يطمئن اتباعه اولاً بأنه لا يزال ميشال عون الذي يعرفونه والذي يثقون به.، اي "العماد ميشال عون" كما قال. فمع تقلبات مواقفه وتناقضاتها، ووصول البلاد في عهده الى الانهيار التام، لا بد ان اتباعه قد تساءلوا يوما: "هل ميشال عون عوني؟". وعلى الارجح انهم كانوا يطمئنون انفسهم بترداد مقولة "مش عم يخلّوه يشتغل"، او من خلال إقناع أنفسهم بأن المشكلة هي في جبران باسيل الذي لا يحسن التصرف والذي يلزم الرئيس سياساته الخاطئة، وأن لا دخل لعون بكل ما يجري.

اللافت انه كان لعون قبل اسبوع تصريح اعتبر فيه ان جبران باسيل "تلميذه". لا اعرف ماذا يمكن لـ"العوني" ان يستنتج من تصريح كهذا، لكنه على الارجح، قال في نفسه ان باسيل "تلميذ فاشل"، ولا يمكن للمشكلة ان تكون في "المعلم".

إذًا، يسعى ميشال عون لطمأنة مؤيديه الذين يتناقصون يوما بعد يوم، وذلك من خلال التركيز على قضية "رابحة"، مثل التحقيق الجنائي في مصرف لبنان، التي يؤيدها كل اللبنانيين في قرارة نفسهم، ولا سيما هؤلاء المودعون الذي يراقبون سرقة اموالهم في المصارف دون ان يتمكنوا من إيقاف عملية السرقة. طبعا يعرف اللبنانيون وخاصة المعارضين لعون، ان حماسه للتدقيق الجنائي في مصرف لبنان، يَهمُد عندما يتعلق الامر بالتدقيق الجنائي في الكهرباء، او بالتحقيق الجنائي في انفجار مرفأ بيروت. اي انهم يعرفون ان المسألة لا تتعدى بالنسبة له، التصويب على خصميه الحريري وبري، اللذين بإعتقاده يغطيان حاكم مصرف لبنان لارتباط مصالحهما المالية والشخصية ببقائه في الحاكمية منزّها من اي تهمة.

يعرف الناس أيضا ان تركيزه على التدقيق الجنائي مباشرة بعد إنتهاء زيارة وزير خارجية مصر التي استثنى جبران باسيل و"حزب الله" من لقاءاته، وكذلك بعد تهديد وزير الخارجية الفرنسي بمعاقبة الذين يعطلون تأليف الحكومة، انما هو في الواقع رد غير مباشر على الضغط عليه في مسألة تأليف الحكومة.

ليس فقط للقول لمعارضيه ان التدقيق الجنائي هو شرط لتأليف الحكومة، التي لا يمكن ان تقوم بعملها بدون هذا التدقيق، بإعتراف فرنسا وصندوق النقد الدولي. بل لتذكيرهم بـ"ميشال عون"، الذي كرر اسمه مرات عدة.

التذكير بـ"ميشال عون" في هذا السياق هو تذكير بعناد الرجل وعدم خضوعه للضغط حتى ولو ادى ذلك الى المزيد من الخراب. وعلى الخصوم ان يتذكروا انه فضّل ان "يوقِع" البلد تحت الهيمنة السورية الكاملة، على ان "يوقّع" على اتفاق الطائف. اي انه مستعد اليوم أيضا ان يوقع البلد تحت الهيمنة الإيرانية الكاملة على ان يوقّع على حكومة سعد الحريري كما يريدها الخارج.

عندما يقول ميشال عون "انا ميشال عون"، يجب على كل الشعب اللبناني وعلى جميع المعنيين بتأليف الحكومة ان يأخذوا في الإعتبار هذا التهديد. وأول من يجب ان يفهم الرسالة هو البطريرك الراعي الذي لا يزال يراعي موقع الرئاسة ويتساءل في الوقت نفسه لماذا على الشعب اللبناني ان يدفع ثمن استهتار المسؤولين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم