الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"بلد عن ضايع."

المصدر: "النهار"
صورة جوّيّة لبيروت الجميلة (نبيل إسماعيل).
صورة جوّيّة لبيروت الجميلة (نبيل إسماعيل).
A+ A-
سامي صعب
 
هل أُعلِن لبنان الكبير سنة 1920 كي يبقى صغيراً أو كي يبقى تائهاً يبحث دائماً عن هويةٍ ضائعة؟
هل وُلِد كي لا يعيش؟ أم وُجِد كي يبقى مفقوداً؟
من لحظة الإعلان عن دولة لبنان الكبير ونحن في بحثٍ دائمٍ عن هويتنا. 
 
 
 لم نُقدّر يوماً معنى أن نكون دولة ذات هوية خاصة.
لم نستطع إعتبار أنفسنا مواطنين/ات منفصلين/ات عن طوائفنا، مستقلّين/ات ومؤمنين/ات فقط بالمواطنة والهوية اللبنانية. 
مارسنا كلّ أنواع الإنتماءات إلّا الإنتماء الوطني اللبناني.
من الفينيقية مروراً بالعروبة وصولاً إلى الفارسية… 
وكلّ ذلك إن دلّ على شيء هو الضياع الكلّي لوطنٍ فاقدٍ لهويّته. حتّى بطاقة هويّتنا الوطنية ليست كافية فهي بحاجة دائمة إلى إخراج قيدٍ تنتهي صلاحيته كلّ ثلاثة أشهر.
يجب علينا الإعتراف بأنّنا سلَطَة هويّات مختلفة تحاول دون جدوى إيجاد هويّة موحّدة.
نحن خلطة مشكّلة وملوّنة شبيهة بصحننا الوطني الذي هو بحدّ ذاته منقسم أيضاً بين "الفتّوش" و "التبولة".
بالشكل صحنا الفتّوش والتبّولة ملفتان للنظر وُيسحران العين ولكن مشكلتهما أنّ عيارهما وخلطتهما ليست ثابتة في كلّ الأوقات.
تأتي الخلطة مختلفة في كلّ مرّة بحسب التوقيت والظرف وبحسب خبرة الخالط والمخلوط وبحسب المنطقة والعادة والمهارة الشخصية التي تختلف بين خالطٍ وآخر… 
 
دقّت ساعة الإعتراف بأن الحلّ هو أن نتّفق جميعاً على معايير ثابتة لخلطةٍ ناجحة تريحنا مدى الحياة. 
خلطة متطوّرة تكون هي الحلّ الإيجابي والنهائي لمعضلة هويتنا. 
خلطة لا تُزعج أحد وتنطلق من مبدأ أنّنا جميعنا مواطنين درجة أولى وأنّ لا أحد خائن فينا. 
كلّنا محقّون ولكن لا أحد بيننا يملك كلّ الحقّ.
 
بما أنني لا أستطيع أن أفرض عليك فكرتي كما أنّك لا تستطيع أن تفرض عليّ فكرتك… لما لا تكون الفكرة أن يحتفظ كلٌّ منّا بفكرته، يُطبّقها ويمارسها بكلّ حريّة مع إحترامٍ مطلق لفكرة الآخر.
هكذا يصبح لبنان مبني على فكرتين وكلّ مواطنة ومواطن لها/له حق إختيار واعتماد الفكرة التي/الذي تريد/يريد.
 
الإنتخابات النيابية ضرورية لكنها لن تغيّر في المعادلة شيئاً لأنّنا لم نتّفق بعد على فكرةٍ واحدة وخلطةٍ واحدة وهويّةٍ واحدة وتركيبةٍ واحدة لحلّ السبب الجوهري للمشكلة الأساسية.
تبّولة أو فتّوش؟ وحدها الفدرالية تستطيع جمع التبّولة والفتّوش على طاولة واحدة. 
ليختار كلّ مواطن/ة بحريّة صحنه/ا المفضّل دون إكراه مع احترامٍ كاملٍ ومطلقٍ للصحن الآخر.
ليس لدينا ترف الوقت وعلينا جميعاً البحث عن بدل عن ضايع… عن "بلد عن ضايع".
لنعتمد جميعنا فكرة جريئة جديدة متطوّرة ضامنة للكلّ..  
لنعتمد فكرة الإستفتاء إلكتروني 
‏Digital Referendum ونصوّت ديمقراطياً على فكرة من إثنين، على صحنٍ من إثنين. 
تبّولة أو فتّوش؟
قد نتفّق أو نختلف على الفدرالية كعنوان ولكننا حتماً سنتناغم ونتفاهم ونحمي بعضنا باحترام ونحلّق ونتطوّر وننهض معاً بلبنان من جديد، لبنان الدولة المدنية، لبنان السيّد، لبنان المحايد، لبنان الإقتصاد الحرّ، لبنان الدولة الذكية، لبنان الإنتاجية، لبنان العدالة الإجتماعية، لبنان الدولة الإتحادية، لبنان الفدرالية الجامعة.
 
*مبدع، خبير ومستشار في عالم التواصل والإعلان، الذي يعمل فيه منذ 28 عاماً. مؤسس ومدير إبداع ورئيس شركة Phenomena للإعلانات. عضو ومؤسس في ACT. 
 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم