الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قدّاس وكوفية وعشائر... علم "القوات" وضحكة ميقاتي

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
رسالتها المحاسبة وتوجيه رسالة إلى من يهمه الأمر بأنّ النبض لا يزال موجوداً (تعبيرية - "النهار").
رسالتها المحاسبة وتوجيه رسالة إلى من يهمه الأمر بأنّ النبض لا يزال موجوداً (تعبيرية - "النهار").
A+ A-
مؤرقة كانت ذكرى 4 آب للجميع، ومصدر خوف للمنظومة السياسية، التي عملت بجهد للتخفيف من وطأتها أو ضربها وشلّ تأثيراتها السياسية، التي كان من المفترض أن تشكّل عاصفة سياسية تهزّ عروشهم جميعاً.
 
لم يخفَ على أحد الجهد السياسي، المترافق مع الاستخباري الأمني والإعلامي، الذي جرى العمل عليه قبل شهر واحد من الذكرى، وكيف تم توجيه الذكرى الجامعة التي أدّت إلى تفجير وطن بأكمله إلى ذكرى فئوية، تعني فئة معيّنة وتستهدف أخرى في تصنيف غير مفهوم، لكنه نجح في الحدّ من زخمه.
وثمة أسئلة كبيرة عن ظواهر تحرّكت فجأة كانت في سبات عميق قبل أن توقَظ، من دون أيّ مبرر. فلماذا قرّر آل غصن "أخذ الثار" بعد سنة وبهذا التوقيت، ليلتحق بالحدث أحداث كادت توصل البلد إلى ما لا تحمد عقباه؟
 
وما هو سرّ التوافق الكاذب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي؟ إذ "دبّ الوئام والاتفاق" الإعلامي بينهما فجأة، بينما الحقيقة والواقع لا يشيان بأيّ اتفاق أو تعاون؟
 
مَن أطلق الصواريخ على إسرائيل في هذا اليوم؟ وما سرّ التوقيت والأهداف منه؟
 
ومَن اتخذ القرار بإحياء الذكرى بقدّاس؟ بحضور مرجعية دينية مسيحية فقط لإحياء الذكرى؟ ومَن قرّر أن تكون الذكرى في مكان الانفجار، الذي وجبَ أن يكون مسرحاً للغضب الشعبي، لا نشاطاً دينياً مقفلاً توزّع عبره بطاقات دخول ويُمنَع الناس من المشاركة فيه؟ إضافة إلى الكثير من الأسئلة التي لا جواب عنها حتى اللحظة.
 
لم يتوقف الناس عند هذه الأمور وشاركت بأعداد صادمة وكبيرة. ولم يقف الناس أمام ألاعيب السلطة. والأغلبية الساحقة من عشرات الآلاف التي شاركت في هذه الذكرى، كانت رسالتها المحاسبة وتوجيه رسالة إلى من يهمه الأمر بأنّ النبض لا يزال موجوداً. ومن كان في 17 تشرين لا يزال على موقفه، وهو جاهز في أيّ مناسبة ليفرض التغيير بالطريقة التي يريدها.
 
ولكن ما حدث كان ظالماً لهذه الأغلبية، فالرسالة التي أرادوا إيصالها ضاعت في زاروب الجميزة، الذي أضحى الحدث، بعد إشكال غير منطقي أظهر الناس مجموعة محازبين طائفيين يتقاتلون في ما بينهم، عبر استعادة خلفيات ومحطات تاريخية طواها الزمن.
 
من غير المفهوم حتى اللحظة فائدة شتم رئيس حزب أمام مقرّ حزبه، كما من غير المفهوم وغير المبرر ردّة الفعل من الحزبيين على الأمر، التي أعادوا فيها إلى الأذهان تصرّفات كاد اللبنانيون أن ينسوها.
 
وفي المقلب الآخر، يبدو أنّ زاروب الجميزة، وحزم القوى الأمنية، إن لم نقل بطشها، وردودها العنيفة على المتظاهرين، أراحت اللاعبين السياسيين فوق الدماء، الذين أخذوا قسطاً من الراحة. فلم يعودوا ملزمين بمهل زمنية لتشكيل الحكومة، ووزّعوا الابتسامات الزائفة، وبشّروا اللبنانيين بمرحلة تفاوض "إيجابية"، يعلمون ونعلم أنها لن تؤدي إلى مكان سوى الاستمرار باللعب على حافة الهاوية، ونحر اللبنانيين بالوقت القاتل في انتظار التسويات الكبرى، إذ أصبح من غير المضمون بقاء الوطن على صورته إلى حين انتهائها.
 
في النهاية ورغم التشويش، كان غالبية المشاركين يشبهون مَن انطلقوا من أمام قصر العدل، الذين تقدّمهم نقباء المهن الحرّة (المحامون المهندسون الأطبّاء والممرضون)، الذين اجتازوا حواجز الأمن العامّ والطريق الذي أقفل بوجههم، وابتعدوا عن الجميزة من طريق آخر، والتفّوا على القوى الأمنية التي أقفلت عدداً كبيراً من طرقات خارطة تحركاتهم، حتى وصلوا الى المرفأ. وكانت الرسالة الواضحة بأن لا شيء سيبعدهم عن هدفهم؛ الوصول إلى الحقيقة والعدالة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم