الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"صار وقت نلاقي البلد عن ضايع؟"

المصدر: "النهار"
ميشيل تويني
ميشيل تويني
من احتفال رأس السنة الميلادية  في وسط بيروت (أرشيف - نبيل إسماعيل).
من احتفال رأس السنة الميلادية في وسط بيروت (أرشيف - نبيل إسماعيل).
A+ A-
ميشيل تويني*
 
صحيح أنّ لبنان كما نحبّه قد ضاع، لكن هذا لا يعني أنّه يجوز الاستسلام للأمر الواقع. فالواجب تجاه ماضينا وتضحياتنا وأرضنا وأولادنا وشهدائنا، أن نجد "بلدًا عن ضايع".
ولذلك، يجب تطوير أو تغيير الوطن على صعد مختلفة، لكنّها أساس التغيير:
 
أوّلًا: تنظيم الأحزاب
 
الحزب هو أساس العمل السياسيّ، ولذلك يجب تنظيم الأحزاب وتطويرها، وفرض قوانين لسير العمل الحزبيّ.
فالإصلاح يبدأ بالأحزاب. وفي كلّ البلدان المتطوّرة والديمقراطيّات، يكون تمويل الحزب أساسيًّا، فلا يمكن لشخص أن يموّل أكثر من غيره، لضمان المحاسبة والديمقراطيّة، في ظلّ العمل الحزبيّ. كما أنّ التمويل يكون عبر قوانين، وتكون هناك شفافية في معرفة مصدر التمويل وسقفه لكلّ جهة.
والأهمّ هو تداول السلطة داخل الحزب، فالحزب الذي لا يستوفي أصول الديموقراطيّة في تنظيمه وعمله وممارسته، لا يمكنه أن يكون ديمقراطيًّا في الحياة السياسيّة العامّة.
 
ثانيًا: استقلاليّة القضاء
 
القضاء لا يمكنه أن يحاسب ويلعب دوره، فلن يكون هناك أيّ تغيير، ومن هنا أهميّة الضغط لجعل القضاة يلعبون أدوارهم، ومنع السلطات الأخرى التنفيذيّة والتشريعيّة، من الضغط على السلطة القضائيّة.
 
ثالثًا: مراقبة الفساد الانتخابيّ
 
 أساس التغيير هو في الانتخابات النيابيّة. والأكيد أنّ آخر تجربة أثبتت أنّ المال الانتخابيّ هو أساس في المعركة، وأن لا رقابة قبل أو خلال العملية الانتخابيّة، من قبل هيئة إشراف فعّالة.
فإذا لم يتمّ وقف الفساد الانتخابيّ، ولم تتمّ الرقابة ومعاقبة المرشّح والمنتخِب، فلن يتغيّر شيء، وسنبقى في العقليّة نفسها، وستفرز طبقة سياسيّة تعلم أنّها تشتري الناخب، فيمكنها أن تفعل ما تشاء، لأنّ مبدأ المحاسبة مفقود.
 
رابعًا: دور الإعلام
 
الإعلام والإعلاميّون والصحافيّون أساس في تغيير الواقع. من هنا فإنّ ارتهان بعض الإعلاميين والمحطّات والوسائل الإعلاميّة لبعض الأحزاب والسياسيين، مقابل المال أيضًا، يساهم في ترك الطبقة الحاكمة نفسها، وعدم تغيير الواقع.
فالسلطة الرابعة يجب أن تراقب وتحاسب، ولو كان لها موقف سياسيّ مع أحد الأطراف والأحزاب، وألّا تنجرّ، وتبقى موضوعيّة، وتعطي مساحة للرأي الآخر.
يجب على الإعلام أن يحاسب ويطرح كلّ الأسئلة، وأن ينتقد حتّى أقرب المقرّبين إذا أخطأوا، فهذا هو الإعلام الحرّ.
الثورة يجب أيضًا أن تطال الإعلاميين، وأن يثوروا على وضع الإعلام في لبنان، وأن يكون هناك مساحات لأشخاص جدد، يقدّمون بدائلَ، وعندهم أفكار جيّدة، إنّما ليسوا أصحاب ملايين، أو ضمن أحزاب متموّلة، يمكن أن تموّل إطلالاتهم الإعلاميّة.
فدَور السلطة الرابعة مهمّ وأساسيّ لإيجاد "بلد عن ضايع".
 
خامسًا: لا وجود للدولة دون حصريّة السلاح
 
 هذا ليس نقاشًا سياسيًّا، إنّما مبدأ قانونيّ ودستوريّ معترف به عالميًّا، وهذا تعريف الدولة في كلّ أنحاء العالم، ولا يمكن تغيير هذا المفهوم.
فلا دولة ولا ديموقراطيّة ولا حريّة ولا محاسبة ولا نظام ولا قضاء ولا أيّ شيء، في ظلّ وجود سلاح خارج شرعية الدولة.
خمس نقاط بديهيّة، لكنّها أساسيّة، يوجب تكريسها وترجمتها، وما زال الأمل موجودًا لبناء وإصلاح كلّ القطاعات، من الكهرباء الى الصّحة والتربية وكلّ القطاعات.
الأشخاص موجودون، والحلول موجودة، ولا تنقص إرادة تغيير. من يعطّل كلّ تلك الخطط والأفكار، هو انعدام المراقبة وآليّة التعطيل، وعدم مراقبة كلّ من يساهم بتغذية هذه السلطة.
 
*صحافية ورئيسة مؤسسة جبران تويني
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم