السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

مجلس النواب وندرة المشرّعين

المصدر: "النهار"
"القول بوجود ندرة من المشرّعين في عضويّة المجلس النيابي لا يعني خلوّه من نخب قانونية" (تعبيرية- تصوير نبيل إسماعيل).
"القول بوجود ندرة من المشرّعين في عضويّة المجلس النيابي لا يعني خلوّه من نخب قانونية" (تعبيرية- تصوير نبيل إسماعيل).
A+ A-

المحامي زكري الغول

 
أثارت مسألة تلقّي بعض أعضاء المجلس النيابي الّلقاح المخصّص لمواجهة جائحة كورونا من خارج الآلية الموضوعة من قبل اللجنة المختصّة، ردود فعل قاسية تجاه النواب، وكان لافتاً تصريح وزير الصحة أنه قام بعمل سيادي تجاه النواب تقديراً لعملهم التشريعي في مواجهة الوباء. وبالعودة الى عمل النواب الأساسي في مجلس النواب، يتبيّن أنه يتمحور حول تمثيل الشعب اللبناني وإقرار القوانين، ولعلّ إقرار القوانين يعتبر من أهم أعمال النواب في البلدان كافة.
 

وكان لافتاً وجود ثغرات عدة في القوانين الصادرة عن المجلس النيابي، من قانون الإيجارات الصادر في العام 2014 وتعديلاته الصادرة في العام 2017، وما رافقه من جدل كبير على المستوى القانوني والتشريعي، بخصوص إنشاء صندوق مالي واقتصار العمل بهذا القانون على الشق السكني دون التجاري. كما كان لافتاً ما ورد في قانون تعليق المهل القانونية رقم 2020/199 والمخّصص لمواجهة تداعيات وباء كورونا، وتحديداً لجهة تمديد مهل بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم وعدم شموله تمديد جميع المهل القانونية والقضائية والعقدية، ما سيثير أزمة على المستوى التشريعي. ولم يقتصر الأمر على ما سبق ذكره من قوانين، بل تبدى التخبط التشريعي في التأخير بإقرار قانون استيراد اللقاحات، ما جعل لبنان من آخر الدول التي تبدأ بحملة التطعيم.

 

إن السبب الرئيسي للتخبط التشريعي مردّه إلى ندرة النواب المشرّعين واقتصارهم على عدد قليل بالمقارنة مع وجود وفرة من المشرّعين قديماً. فقد كانت المجالس النيابية وتحديداً في فترة ما قبل الحرب تضم نخبة من رجال القانون، وقد انتموا إلى مختلف الكتل والأحزاب، حتى إن البعض منهم وصل الى سدّة الرئاسة كإميل إدة وبشارة الخوري وكميل شمعون، ومنهم من تولّى رئاسة الحكومة مثل عبد الله اليافي، هذا فضلاً عن العديد من الذين تولّوا مناصب وزارية.

 

أما في فترة ما بعد الحرب، فقد انتشرت ظاهرة رجال الأعمال الذين انضموا إلى الكتل البرلمانية، بعد انتشار ظاهرة المال وتأثيره في سير العملية الانتخابية، وكلّ ذلك على حساب المشرّعين، حتى أصبح هؤلاء يمثلون فئة قليلة من أعضاء المجلس النيابي، وأصبح النائب يمثل مصالح ناخبيه ومؤيديه – وهو واجبه – على حساب إنتاجية قانونية وتشريعية.

 

إنّ القول بوجود ندرة من المشرّعين في عضويّة المجلس النيابي لا يعني خلوّه من نخب قانونية، بل تصدّى من تبقى منهم لدراسة وإقرار القوانين، هذا فضلاً عن وجود مجموعة من النواب غير المشرّعين الذين قدموا ما يتوجّب عليهم.

 

على أبواب الانتخابات النيابية في العام 2022، وما يتنظر لبنان من ورشة تشريعية لمواجهة الأخطار التي تحيط به من كافة النواحي، أصبح لزاماً على الناخب اللبناني أن يحسن اختيار ممثليه في الندوة البرلمانية، لأن الكيان اللبناني أصبح مهدداً بعد أن توالت الأزمات التي ضربت كافة القطاعات المنتجة في لبنان.

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم