الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ظاهرة "العونية" أو عندما يصبح بالإمكان تشبيه جبران باسيل بالمسيح

المصدر: غسان صليبي
جبران باسيل (تصوير مارك فياض)
جبران باسيل (تصوير مارك فياض)
A+ A-
 
صرّح باسيل في بكركي: "لو ان المسيح استسلم منذ الفي سنة لما كان هناك مسيحيون". لذلك هو أيضا، كما قال، لن يستسلم ولن يتوقف عن الدفاع عن حقوق المسيحيين.
ليست المرة الاولى التي يتشبه فيها باسيل بسلوك المسيح، فقد سبق في عيد الشعانين، ان ركب على دابة وسار من حوله اتباعه، تقليدا لما قام به يسوع عندما دخل الى اورشليم.
لا يستفزني على الاطلاق كما بعض المتدينين، ان يتشبه انسان عادي بنبي او بإله، ولا أعتبر ذلك إهانة للنبي او للإله، بل سعيا من الانسان لأن يصبح على صورة الله، الذي كما علّموه، قد خلقه على صورته. ما يقلقني ويثير إهتمامي هو تقبل العونيين بسهولة وببديهية مطلقة، ان يتشبه شخص مثل جبران باسيل بيسوع.
ليس جديدا ان يؤله او يقدس اتباع الزعيم زعيمهم، وهذا شائع عندنا في جميع المذاهب ولو بدرجات متفاوتة. لكن الجديد ان باسيل هو من يقدس نفسه علنا، ويترك لأتباعه التهنئة والتبريك. وإذا كان تقديس الزعماء الآخرين يتم بدون مقارنتهم المباشرة مع انبياء او شخصيات دينية معروفة، فالجديد هنا أيضا مع باسيل انه يقارن نفسه بشخص معروفة مواصفاته، مما يسمح للأتباع من حيث المبدأ، بأن يجروا المقارنة بأنفسهم.
اكتفي في هذا المجال، بملاحظة ان جبران باسيل الذي اجمع معظم اللبنانيين على شتمه بسبب خصاله البشعة، جمع في شخصه خليطا من الانتهازية والتبعية ومن الطائفية والعنصرية لم يسبقه اليه احد في تاريخ لبنان الحديث، وقد وظّف جميع هذه المواصفات للوصول الى السلطة والبقاء فيها.
وهل من الضروري التذكير بمواصفات يسوع، الذي استخف بكل سلطة، وتخلّى عن دينه وانفتح على الآخرين من الأديان الأخرى، ولم يحن رأسه للإحتلال الروماني؟!
اعتقد ان الجامع الوحيد بين يسوع وباسيل، هو نبش القبور، لكن يسوع ينبشها ليحيي الاموات، فيما باسيل ينبشها ليلتحق الأحياء بالأموات.
لقد سبق وكتبت بالتفصيل عن الظاهرة العونية، فنشرت على الاقل ثلاثة مقالات في "النهار"، واحدا بعنوان "هل العونية حالة سياسية ثأرية حتى من نفسها؟"، وثانيا بعنوان "القوات والقوات الجدد"، وثالثا بعنوان "كيف لم ننتبه أن للنار لونا برتقاليا أيضا؟". ليس هدفي هنا تكرار ما كتبته، بل التساؤل مع القراء، حول هذه الظاهرة السياسية التي تجعل أتباعها لا يستغربون تشبيه باسيل نفسه بيسوع.
ترى ما الذي حصل للعقل وللعاطفة، ليعجزا عن التمييز بين الخير والشر، بين الصدق والكذب، وبين الحب والكراهية؟ كيف نفهم هذا العمى الفكري وهذا الاضطراب العاطفي؟ هل هذا ما يميّز "العونية"، ام انه اصبح لزاما علينا ان نسمّيها "الباسيلية"، كأحد مشتقات "العونية" في مرحلة انحطاطها؟
التساؤلات تتوسع لتطال نظرة العونيين او الباسيليين ليسوع نفسه، وأية قيم باتت تحملها مسيحيتهم، هم الذين لا يتوقفون عن المطالبة بحقوق المسيحيين كفئة مميزة عن باقي اللبنانيين.
وكإنتهازي عريق، اختار باسيل ان يتشبه بيسوع في بكركي قبل يوم من لقاء الحريري مع البابا في روما. وأجمل جواب على تبجحه بمسيحيته، مقابل سنية الحريري، هو قول البابا للحريري ان ما يهمه هو حقوق جميع اللبنانيين وليس المسيحيين فقط. البابا لم يكن بالطبع يرد على باسيل، الذي على الارجح لم يسمع بتصريحه، ولم يكن أيضا يؤيد الحريري الا كرئيس مكلف لتأليف الحكومة. قول البابا لا يعني فقط ان جميع اللبنانيين في خطر اليوم، وعلى الجميع العمل لانقاذ الشعب ككل من الانهيار الحاصل. فهذا يعني أيضا بالنسبة لبابا مثل فرنسيس، ان المسيحية هي أخوة ولا تقوم الا على المحبة والمساواة.
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم