السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

من يعرقل ميناء "الفاو الكبير" على ضفاف الخليج؟

 ميناء "الفاو الكبير".
ميناء "الفاو الكبير".
A+ A-
"خور عبدالله" عبارة عن ممر مائي يفصل بين ميناءي "مبارك الكبير الكويتي" و"الفاو الكبير العراقي"، واتفاق "خور عبدالله" وُقع بين البلدين عام 2012 والذي صدّق عليه العراق عام 2013، خرجت أصوات برلمانية من بغداد مؤخراً تطالب بإلغائه بسبب ضيق القناة الخاصة به؟ 
 
وكتب حمزة عليان في "النهار العربي"
 
الاتفاق قسّم القناة ما بين جزيرتي "وربة" و"بوبيان" الكويتيتين، وشبه جزيرة "الفاو"، وتمتد إلى داخل الأراضي العراقية لتشكل "خور الزبير" والذي يقع فيه ميناء "أم قصر". 
 
وبحسب إدعاء الكاتب والباحث العراقي علاء اللامي، فإن "ميناء الفاو" سيكون تحت رحمة ميناء مبارك الكبير والذي سيهدد بإغلاق الممر المائي المؤدي إليه أو إعاقة الممر فيه. وللتدليل على حجته تلك أرفق خريطة ملونه من الجو تظهر فيها المياه العميقة في الخور باللون الأزرق وتتبع الكويت، بينما المياه الضحلة باللون الأبيض تتبع العراق!
 
وإمعاناً في التضليل، وزيادة في تشويه الحقائق، دعا إلى إطلاق "مشروع الجزيرة الصخرية" وإدماجه مع "مشروع ميناء الفاو الكبير" والذي سيوفر مساحة تبلغ 350 كيلومتراً مربعاً، تمتد داخل مياه الخليج العربي لمسافة 250 كيلومتراً إضافة إلى مدن تجارية وسياحية ومحطات أخرى بكلفة تتراوح بين 8.12 مليارات دولار!
 
وبالرغم من استئناف شركة "دايو" الكورية الجنوبية، تنفيذ أعمالها في الميناء، بعد "العملية المشبوهة" لانتحار مدير الشركة والتعديلات الكثيرة التي جرت على تصاميم الميناء، إلا أنه يعتبر في "حكم المجمَد" نظراً للعراقيل والمشكلات التي واجهته منذ عام 2010 والموافقة عليه والبدء به، وهو لا يزال يراوح مكانه، ولم ينجز منه إلا جزء يسير يتعلق بكاسر الأمواج والذي تكلف بحدود 591 مليون دولار واستغرق خمس سنوات! 
 
مضى على المشروع عشرون عاماً، أي قبل البدء بمشروع ميناء "مبارك الكبير" بأربع سنوات! بعدما وضع العراقيون آمالهم عليه، باعتباره سيغير خريطة النقل البحري في المنطقة الخليجية وسيكون ضمن عشر موانئ عالمية!
 
يكتسب هذا الميناء ميزات إستراتيجية قد تجعله نقطة التقاء بأوروبا من النافذة التركية، لكن أحياناً حساب البيدر لا يتوافق مع حساب الحقل كما يقولون... 
 
البيئة السياسية في العراق مهيأة لإشاعة نظرية "المؤامرة" ورمي المسؤولية على أطراف خارجية، وستجد آراء وتحليلات تصب في هذا الاتجاه، وترمي بأحجارها الثقيلة على الكويت والإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل وأميركا، هكذا كلهم دفعة واحدة، وهي تهم "سياسية" تخاطب عصبية الشارع العراقي بالدرجة الأولى وعلى حساب حياة ومستقبل الشعب الذي تحول إلى "مكسر عصا" تتقاذفه المجموعات والقوى السياسية المتناحرة!
 
وعلى الرغم من التحول الذي طرأ على طرق وخطط مشروع الحرير الصيني، وتوقفه عند المحطة الإيرانية وهذا ما عرضته بكين على طهرن تحت اسم صفقة ربع القرن، ما زال هناك في بغداد من يربط اكتمال مشروع الحرير بميناء الفاو الكبير، وبحسب ما يروجون له، لكونه حلقة مهمة من حلقات هذا المشروع العملاق! 
 
الخبراء الاقتصاديون استبعدوا أن ينضم العراق إلى ما يعرف بعمالقة الموانئ في المنطقة لأسباب قد تكون لها صلة بالوضع الجيوسياسي والفساد المستشري في مفاصل الدولة، والذي يعوّق كل مشاريع التنمية المرصودة في خطط الحكومات المتعاقبة، لذلك سيبقى صراع الهيمنة على الملاحة البحرية تتحكم به دول خليجية، لن يكون هو من بينها؟ وسط تنافس شديد، تقوده تسع دول، يصل إلى الهند وباكستان ويضم 43 ميناءً، سيتم ضخ المليارات من الدولارات في توسعاته وإنشاءاته الجديدة. 
 
إقحام الكويت في هذا الجدل الصاخب وتحميلها مسؤولية "إجهاض" بناء "الفاو الكبير"، لن يخدم مستقبل العلاقة بين بلدين خرجا من نكبة مدمرة في التسعينات من القرن الماضي، بل سيحدث شروخاً معطلة لكل ما تم بناؤه خلال ثلاثين عاماً مضت. 
 
ربما كان تصريح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عندما زار محافظة البصرة مؤخراً، أصدق تعبير عما يجري بقوله، "لقد تمت المتاجرة بهذا المشروع طوال سبعة عشر عاماً مضت". 
 
لم تكن الكويت يوماً، طامعة في أراضي العراق ولا هي في هذا النهج، بل عانت الأمرين من أطماع حكامه، من أيام الملك غازي ومروراً بعبدالكريم قاسم وصولاً إلى صدام حسين. 
 
الجيرة الجغرافية قدر البلدين، والمصالح المشتركة أقصر السبل والطرق للتفاهم على ما يعكر استمراريتها وبناءها، وليس هناك من خيارات أمامهما، سوى السير نحو "التكامل" في المشاريع الكبرى بديلاً من الصراعات ولغة المؤامرات، فالتجربة المريرة أظهرت كم أن كلفة الغزو والحروب مهلكة ومكلفة ومدمرة؟ 
 
*إعلامي وباحث لبناني مقيم في الكويت 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم