في أعقاب جائحة كورونا... ما هو مستقبل رحلات سفر الأعمال؟

كانت إحدى السمات المميزة لفيروس كورونا للعاملين هي النموّ الهائل في التواصل، عبر المنصّات مثل تطبيق "زووم" لمكالمات الفيديو. وبعدما كان يجتمع العمّال في السابق وجهاً لوجه، فقد أجبر الوباء الذي علّق السفر وأدى إلى إغلاق المكاتب على التواصل افتراضياً.
 
وحتماً، فإنّ توقف رحلات السفر بغرض العمل له آثار تجارية ضخمة على شركات الطيران، إذ يُعتقَد أنّ مسافري الأعمال يشكلون نحو 12 في المئة من إجمالي المسافرين. ومن المؤكد أنّ قطاع الطيران حريص على عودة الأمور إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن، لإنعاش الأعمال.
 
ففي شهر تموز، توصّلت دراسة استقصائية لـ "GBTA"، أنّ نحو نصف الرحلات التجارية المحلّية المتوقعة ستستأنف في الولايات المتحدة بحلول فصل الخريف، بحسب موقع "فوربس".
 
وفيما تردد العمّال في العودة إلى المكاتب بعد عمليات الإغلاق لمحاربة الوباء، لم يتردد أيّ منهم في ركوب الطائرة لحضور مؤتمرات أو اجتماعات مباشرة. ويُعزى ذلك بنحو كبير، إلى الميزة الواضحة لممارسة الأعمال التجارية وجهاً لوجه.
 
الأهمية التجارية
 
يصعب التقليل من أهمية السفر بغرض العمل على الاقتصاد، فقد توصلت دراسة أجرتها "Oxford Economics" إلى أنّ 12.50 دولاراً أميركياً من الإيرادات الإضافية تضاف مقابل كل دولار أميركي ينفق على رحلات العمل.
 
وألقت دراسة ثانية من جامعة "هارفرد" الضوء على الدور الحيوي الذي يؤديه سفر رجال الأعمال في الاقتصاد. إذ أظهر البحث أنّ المعرفة الضمنية، التي يصعب نقلها إلى الشخص الآخر عن طريق الكتابة أو التعبير عنها لفظياً، ضرورية للنموّ الاقتصادي، إلّا أنه يتم تقويضها من خلال التواصل الافتراضي.
 
واستخدم الباحثون بيانات المعاملات من "ماستر كارد" لتحديد تدفق رحلات العمل في جميع أنحاء العالم. ومن خلال هذه العملية، أنشأوا مؤشر المعرفة الذي يعتقدون أنه يعيّن المعرفة الواردة والصادرة في كل بلد. وتبيّن أنّ حشد المعرفة له تأثير كبير على اقتصاد الدول، إذ ساهم انخفاض السفر التجاري في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 5 في المئة تقريباً. 
 
التعافي
 
هناك قبول متزايد ومعرفة أكبر بأدوات الاتصال الافتراضية، إذ حصلت الغالبية العظمى من القوى العاملة على دورات مكثفة على مدار الأشهر الستة الماضية. ومن المحتمل أن يؤدي الركود العالمي، الذي لا مفرّ منه، إلى انخفاض الإنفاق التقديري ما قد يؤدي إلى تقليص ميزانيات السفر لبعض الوقت في المستقبل.
 
وقبل انتشار الوباء، كانت أسفار العمل العالمية تسير على ما يبدو باتجاه صاعد. ووصلت إلى 1.3 تريليون دولار سنوياً على مدى السنوات القليلة الماضية، وهو مستوى من غير المرجّح الوصول إليه في السنوات المقبلة.
 
وتجدر الإشارة، إلى أنّه عندما تعود أسفار العمل من المحتمل أن يتغير شكلها، إذ يُتوقع أن يجمع المسافرون بين الاجتماعات ليتمكنوا من الاستفادة بشكل أكبر من كل رحلة، ولا سيما إذا ارتفعت التكاليف، في محاولة شركات الطيران استعادة بعض مظاهر الاستقرار المالي. فقد قدّرت مجموعة "IATA" المتخصصة في مجال الطيران، أنّ الأسعار يمكن أن ترتفع بنسبة 54 في المئة.