الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بعد فضيحة التهريب: ما هي الشركات الوهمية ومن يعطي شهادة المنشأ؟

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
من يضبط عمليات التهريب؟ (تصوير مارك فياض).
من يضبط عمليات التهريب؟ (تصوير مارك فياض).
A+ A-
تتفاعل قضية إحباط تهريب 5.3 ملايين حبة كابتاغون، من لبنان إلى أراضي المملكة العربية السعودية، وقد تردد أنّ شركة وهمية تقف وراء محاولة تهريب هذه الشحنة. في هذا الإطار، علمت "النهار" أنّ هذه الشركة الوهمية التي احترفت تهريب بضائع غير لبنانية عبر الترانزيت من لبنان، عمدت هذه المرّة إلى تحويل البضائع السورية إلى سلع وطنية ومن ثمّ تصديرها إلى السعودية.

وفتحت هذه القضية، المتمثلة بحشو الرمان الأجنبي بمادة مخدرة ولاحقاً تغيير شهادة المنشأ خاصّته إلى لبنانية وتصديره إلى السعودية، الباب على مصراعيه أمام تساؤلات عديدة حول كيفية التستر وراء شركات وهمية لممارسة أعمال مخالفة للقانون، وحول الجهة المخولة إصدار شهادات المنشأ للسلع.

على الصعيد القانوني، صورية الشركات تناولتها مواد قليلة في قانون أصول المحاكمات المدنية، وقانون الموجبات والعقود، فتطرق الأوّل إلى "الأوراق الظاهرة" في المادتين 155 و156، أمّا الثاني فتكلم في المادة 197 عن السبب الوهمي والسبب الحقيقي، فماذا يعني ذلك؟

تخفي الشركة الوهمية نشاطاً يمارسه أحدهم خلفها، في حين أنّ ظاهر الأمر يكون مختلفاً عن السبب أو المحرك الأساسي منها. فهي تشكل الواجهة غير الحقيقية للنشاط الذي يمارسه صاحبها باسمها، وغالباً ما يلجأ الأفراد إلى الشركة الصورية للتهرب من الضريبة عندما تكون أقل من ضريبة الأفراد، أو (في بعض أنواع الشركات) لحصر مسؤوليتهم (أي مسؤولية الشركاء) بذمة الشركة، فلا تتعرض ذممهم المالية الخاصة لحق الارتهان العام في حال تعثر الشركة أو إفلاسها، وغيرهما العديد من الأسباب. لكن تستوجب هذه القضية الغوص أكثر في مفهوم شركة "الأوف شور"، التي تتناسب طبيعة عملها مع الواقعة الحاصلة، وكذلك البحث في واقعة الوفاة التي تؤدي في بعض الأحيان إلى إضفاء طابع الصورية على الشركة، لأن المعلومات أشارت إلى أنّ "شاحنة الرمان دخلت لبنان محملة بالكبتاغون وخرجت منه بأوراق مزورة عند الدخول والخروج، عبر الحدود البرية في منطقة المصنع في البقاع وذلك لحساب شركة عبد اللطيف صالح وهي شركة وهمية وصاحبها متوفٍ منذ سنوات". من الناحية القانونية، يمكن أن تتحول الشركة إلى صورية لدى موت أحد الشريكين (في شركات الأشخاص)، فيصبح الشريك الثاني وحيداً في الشركة، ويختفي عندها عنصر تعدد الشركاء المطلوب في هذا النوع من الشركات.

أمّا عن شركة "الأوف شور" التي نصّ عليها المرسوم الاشتراعي رقم 46 تاريخ 24 حزيران 1983، هي في الأساس شركة مغفلة (أو مساهمة "ش.م")، لكن نشاطها أو ممارستها لأعمالها يكون محصوراً في الخارج، وتالياً خارج البلد المركز وفي حالتنا لبنان. ويكون موضوعها إبرام الصفقات التي ستنفّذ خارج لبنان، وبذلك تستثمر في عمليات على بضائع أو مواد موجودة خارج الأراضي اللبنانية أو في المنطقة الحرة.

التوصيف القانوني المعطى لهذه الشركة هو الأقرب إلى نشاط الشركة الوهمية التي تردد أنّها حاولت تهريب المادة المخدرة إلى الأراضي السعودية من لبنان في رمّان سوري غُيّرت شهادة المنشأ خاصّته إلى لبنانية. لكن لم يستتبع اسم الشركة في التقارير بـ" ش م" أي شركة مغفلة أو مساهمة، وهي الطبيعة القانونية لشركة الـ "أوف شور". وعن هذا الموضوع، يشرح المحامي ورئيس مؤسسة جوستيسيا "JUSTICIA" الحقوقية الدكتور بول مرقص لـ"النهار" أنّ "شركة (الأوف شور) هي التي يمكن أن تبتعد عن الرقابة في لبنان". وعلى الصعيد النظري عرّفها بأنها "تلك التي يكون لها تعاملات دولية وتبادل تجاري دولي، وتالياً تستخدم نشاطها الشرعي في عمليات تحويل الأموال إلى الخارج نتيجة الأعمال الاقتصادية المشروعة التي تمارسها".

ويقول مرقص إنّ تأسيس شركة الـ"أوف شور" التي تحمل في طياتها عملاً غير مشروع ينطوي على تعقيد هيكليتها المالية التي يغلب عليها طابع عدم الوضوح، لافتاً إلى أنّه "غالباً ما يصعب التحقق من صحة هذه العمليات نظراً للسرية المصرفية والمسافة الجغرافية البعيدة بين الدولة المركز، والدول التي تنتشر فيها أعمالها، ليتعذّر على اثر ذلك ضبط تحويل الأموال، ويسهل عندئذ إخفاء مصدرها الحقيقي. ولذلك صُنّفت شركات (الأوف شور) على أنها عالية المخاطر entities High risk". تستخدم هذه الشركة التسهيلات المتوافرة في المنطقة الجمركية الحرّة وذلك بغية إعادة التصدير، علاوة على ذلك يمكنها تَمَلّك العقارات الضرورية لعملها، كذلك بالنسبة لمكاتبها في لبنان، وتراعي قانون تملك الأجانب.

طاولت الصورية في الشركة التي قيل إنها خلف محاولة التهريب، نشاط الشركة المتركز حول تصدير الخضر والفواكه، التي تمر ترانزيت من لبنان، بحيث إنّ المادة المصدّرة هي أبعد من كونها رمّاناً، بل هي المادة المخدرة، الأمفيتامين والمستعملة في تصنيع الكبتاغون، لتكون عمليات تهريب المخدرات مستترة خلف شركة تدعي أنّ موضوعها هو تصدير الخضر والفواكه. وكانت معلومات "النهار" قد أفادت أن اجتماع بعبدا الذي حصل على إثر حادثة محاولة التهريب هذه قد تطرّق إلى معطيات تفيد بأن الفاكهة المصدّرة سورية المنشأ، وشركة لبنانية قامت بإعادة التصدير. وتردد أنّ الشحنة الأولى من الكبتاغون دخلت لبنان في 8 نيسان والثانية في 14 الجاري أيضاً.

شركة "الأرز" التي طرح اسمها على أنها ساهمت بإدخال البضائع إلى لبنان، ولم يتبين أي تسجيل لها في لبنان، الأمر الذي دفع إلى التشكيك في تزوير شهادة المنشأ، قالت المصادر الأمنية عنها إنها وهمية وحاصلة على رخصة استيراد وتصدير.

يترتب أمام حال الضياع والتخبط، السؤال عن المبادئ الأساسية التي يجب أن تحكم عالم الأعمال اليوم، وهي الشفافية والعلانية، وغيرهما من المبادئ التي من شأنها أن تزيل الغموض وتحارب الفساد وأي محاولة جرمية مثل التهريب وتبيض الأموال. وقبل المناقشة في حق الوصول إلى المعلومة، وتتبع نوع الشركة التي أدخلت البضائع ومركزها وموضوعها، السؤال هو عن الداتا الرسمية في الوزارات والمراكز الرسمية، حيث التسجيل والترقيم وإنجاز المعاملات، كلها عمليات خاضعة للإنجاز اليدوي والورقي، ولبيروقراطية ورقية، كفيلة بتسهيل أي تزوير، وتحفز التستر خلف مستندات ورقية صورية.

وفي ما يتعلق بشهادة المنشأ، فإنّ الشركات أو المزارعين المنتجين يتقدمون بطلب الموافقة على الحصول على شهادة منشأ، من المصالح الإقليمية أو الإدارة المركزية في وزارة الزراعة، وبعد حيازته، يتجه صاحبه إلى غرف التجارة والصناعة والزراعة التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة. وأكّد مصدر في وزارة الزراعة لـ"النهار" أنّهم "كوزارة لا يقبلون إعطاء الموافقة لشركة ليس لديها رخصة استيراد وتصدير، وكذلك الأمر لا تعطى الموافقة في حال كانت البضائع ليست من شركة منتجة مسجلة لدينا". بعد الحصول على هذه الموافقة تتوجه الجهة المعنية إلى غرفة التجارة والصناعة والزراعة لاستكمال الأوراق. وقد تطلب بعض الدّول، مصادقة شهادة المنشأ لدى صدورها، من الجهة المختصة. وعادةً ما تطلب شهادة المنشأ للاستفادة من الإعفاءات الجمركية في بعض الدّول.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم