كيف تنعكس أزمة الدولار على التجارة الالكترونية في لبنان؟
01-12-2020 | 17:08
المصدر: "النهار"
مع انتشار كورونا وإجراءات الحجر المنزلي والإقفال المتكرِّر، انتقلت مؤسسات ومحالّ تجارية وأفراد إلى التجارة الإلكترونية في لبنان، وسط أزمة دولار تُرخي بظلالها على جميع مفاصل الأعمال، ولا سيما الرقميّة منها، فالعالم الافتراضي يفرض التداول بالدولار بجميع خدماته، وهو عملة مفقودة من أيدي اللبنانيين، سواء أكانوا زبائن أم أصحاب مؤسسات. لذا كان السؤال، ما هي الصعوبات التي تواجهها التجارة الإلكترونية في ظلّ أزمة الدولار في لبنان؟
تشرح الخبيرة في التكنولوجيا الناشئة والتسويق الرقمي، مايا زغيب، أنّ تحديد سقف السحوبات بالدولار النقدي التي فرضتها المصارف وكذلك على بطاقات الإنترنت، هو أولى الصعوبات التي تواجه التجارة الإلكترونية في لبنان من جرّاء أزمة الدولار، سواء من ناحية الزبون أو من ناحية صاحب الصفحة.
ثانياً، عدم الحصول على بطاقة إنترنت، فالانتقال إلى التجارة الرقمية يفرض وجود سجلٍّ تجاريّ وتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرهما من الأمور التي لا يمكن تنفيذها بدون بطاقة إنترنت. فسابقاً، كان من الممكن شراء بطاقات الإنترنت المدفوعة مسبقاً، أمّا الآن فتوقّفت هذه الخدمة.
ثالثاً، الإعلانات الإلكترونية أصبحت باهظة بسبب أزمة الدولار، وإذا أراد الشخص تسويق صفحته أو الدفع لإعلان، فقيمة الـ boost كانت بـ 5 دولارات أي 7500 ليرة سابقاً، وهو مبلغ زهيد وفعّال جداً للإعلان عبر غوغل أو إنشاء حملة إعلانية، وكانت تُعدّ هذه الباقات من أرخص وسائل الإعلان الرقمي. أمّا الآن، ومع ارتفاع سعر الدولار، فقد أصبحت هذه الإعلانات باهظة جداً نسبةً إلى فاعليّتها؛ فبدفع 10 دولارات يصل الإعلان إلى 3000 شخص لكنّ التفاعل يكون كحدٍّ أقصى مع نحو 100 شخص، لذا أصبحت الـ 10 دولارات على سعر الصرف الحالي باهظة كإعلان.
رابعاً، لم تعد توفّر المصارف بطاقات الإنترنت، وخصوصاً للشركات الناشئة، بل قد تخصّص بعض الاستثناءات للشركات الكبرى العريقة. بالإضافة إلى أنّها لا تفتح حسابات للشركات الناشئة، وهي شركات أساس تجارتها إلكتروني.
وتكمل زغيب أنّه رغم هذه الصعوبات كلّها، لا تزال الشركات الكبرى قادرة على الاستمرار في نشاطها الإلكتروني والإعلان رقمياً، عبر استخدامها بطاقات إنترنت عالمية. وعدد كبير منها استغلّ انتشار كورونا والحجر لنقل تجارته أونلاين، وخاصّة مع إتاحة خدمة الدفع نقداً للّبنانيين، لا عبر الإنترنت. لكنّ مَن يُرِد مواكبة التجارة الرقمية في لبنان خلال الأوقات الراهنة، فالأمر صعب جداً عليه.
وتؤكّد أنّ اليوم في لبنان، لا بديل عن هذه المتطلبات والتسهيلات الرقمية للمضيّ بالتجارة الإلكترونية، وإن وُجدت بطاقات الإنترنت المدفوعة مسبقاً، فسيكون سعرها بالليرة اللبنانية باهظاً.
وتؤكّد أنّ اليوم في لبنان، لا بديل عن هذه المتطلبات والتسهيلات الرقمية للمضيّ بالتجارة الإلكترونية، وإن وُجدت بطاقات الإنترنت المدفوعة مسبقاً، فسيكون سعرها بالليرة اللبنانية باهظاً.
ومن المظاهر السلبية التي ظهرت من جرّاء أزمة الدولار في التجارة الرقمية، وفق زغيب، بروز صفحات تجارية غير قانونية وغير مُسجَّلة رسمياً ولا تمتلك سجلات تجارية، ويجب أن يطالها ويلاحقها مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. بالإضافة إلى غياب الصدقية، أي إنّ السلع أحياناً تصل إلى الزبون مختلفةً عن التي طلبها، أو ذات نوعية رديئة جداً.
التجارة الالكترونية تزداد رغم أزمة الدولار
مدير شركة Social we talk لخدمات مواقع التواصل، عبد الرحمن العالية، يؤكّد ما ذكرته زغيب لناحية صعوبة الدفع عبر البطاقات أونلاين. ويتابع أنّه لا يمكن الدفع على إعلان رقمي لأنّه مربوط ببطاقات الائتمان، فالدفع لمواقع التواصل هو بالدولار؛ لكن دولار لبنان محجوز وهناك قيود على حركته في البطاقة. ولا يمكن لحامل البطاقة أن ينفق أكثر من 15 إلى 20 دولاراً منها. والشركات التجارية تعاني كثيراً من هذه المشكلة، والطريقة الوحيدة التي يمكنها استخدامها كحلّ، هي عبر إيجاد خطّ مباشر مع "فايسبوك" و"تويتر"، أي أن يكون الدفع wire transfer عبر مصارف خارج لبنان، والطريقة الأخرى هي عبر استخدام بطاقات ائتمان غير لبنانية.
ويضيف العالية أنّ هناك مشكلة إضافية في التجارة الإلكترونية في ظل أزمة الدولار في لبنان، أنّه لدى بيع أيّ سلعة، أصبحت الشركات التجارية مضطرّة إلى اللجوء إلى أن يدفع الزبائن ثمنها نقداً. لكن اللبنانيين أصبحوا يدفعون نقداً بالليرة لا عبر بطاقات الائتمان، والتاجر الإلكتروني يدفع قيمة سلَعِهِ المستورَدة بالدولار، وغدا سعرها على الليرة باهظاً جداً للزبائن. بمعنى آخر "انتقلت السوق السوداء أونلاين".
وعن تأثير انتشار كورونا على التجارة الإلكترونية محلياً، يقول العالية بأنّ "الحجر المنزلي والإقفال وفّرا فرصاً كثيرة لبعض الشركات، رغم أنّهما خنقا بعض الشركات الأخرى؛ فجميع الخدمات والنشاطات التجارية أصبحت أونلاين"، لافتاً إلى أنّ "هذا الواقع، سرّع على اللبنانيّين تقبّل التجارة الإلكترونية، ولولا ذلك لكان مفهوم التجارة الإلكترونية ترسّخ بعد خمس سنوات في لبنان للالتحاق بركب الدول المتطوِّرة، ففي لبنان، نحن متأخّرون جداً في ما يتعلق بالتجارة الإلكترونية".
ويزداد الطلب على الإعلانات أونلاين في السوق اللبنانية، لسببٍ أنّه لا بديل عن التجارة الإلكترونية في ظل صعوبات الاستمرار بالعمل في المحالّ الحقيقية مع انتشار كورونا، بالإضافة إلى أنّ إتقان التسويق والإعلان الرقمي أمرٌ صعب ومتخصِّص، ولم يعد سهلاً كالسابق. لذا، ورغم أزمة الدولار التي نعيشها، تزداد التجارة الإلكترونية وما يتبعها من تسويق وإعلان رقمي في لبنان. هذه الدينامية الناشئة في الأزمة تخلق سوقاً غير واضحة المعالم بعد بغياب الدراسات والاحصاءات المتصلة.