الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الموازنة بين الدولار الجمركي والرسوم

المصدر: "النهار"
الدولار (أرشيف "النهار").
الدولار (أرشيف "النهار").
A+ A-
د. أيمن عمر/ أكاديمي وباحث اقتصادي 
 
أشدّ ما لفتني وأوقعني في متاهات الاستغراب تصريح وزير المالية بأن الموازنة لا تتضمّن ضرائب جديدة، وأن الدولار الجمركي سيصبح وفق سعر منصة صيرفة. وفي هذا التصريح العجب العُجاب، أشك في أنه صادر عن وزير للمالية من المفترض أنه هو من وضع مشروع الموازنة. والاحتمالات أنه لم يقرأ الموازنة ولم يغص في تفاصيلها وهذا أمر مستبعد، أو أنه يمارس التضليل والتمويه على الشعب اللبناني الذي تعوّد على هذه الممارسات من سلطة وقوى سياسية امتهنت التحريف والتضليل بامتياز. 
 
الدولار الجمركي هو قمّة الضرائب 
عندما يتغيّر سعر صرف كل ما يتعلق بالمبادلات الخارجية بما يُعرف بالدولار الجمركي وفق سعر منصّة صيرفة، فهذه هي الضرائب بعينها، فالدولار الجمركي وفق سعر منصّة ستترتب عليه أعباء مالية توازي في مفعولها الأعباء الضريبية بل وأكثر، إذ إن زيادة الرسوم الجمركية ستزيد كلفة الاستيراد بين 25% إلى 70%. وهذه سيتحمّلها الشعب اللبناني وخاصة الطبقة الفقيرة والمتوسطة لأنها تمسّ معيشتهم مباشرة حيث إن حوالي 90% من استهلاك الشعب اللبناني يأتي من الاستيراد من الخارج. 
 
وبالعودة إلى إدارة الجمارك، لبنان يستورد ما يأتي: منتجات الأغذية وهي تشكل 7% من قيمة المستوردات، المنتجات النباتية 7%، حيوانات ومنتجات حيوانية 5%، آلات وأجهزة ومعدات كهربائية 8%، معدات نقل 4%، منتجات معدنية 29%، منتجات كيماوية 15%، مواد نسجية 2%، معادن عادية 3%، ورق ومصنوعاته 2%، أحذية وأغطية رأس 1%، خشب ومصنوعاته 1%، شحوم ودهون وزيوت 1%، لؤلؤ وأحجار كريمة وشبه كريمة 8% وغيرها. ومع الدولار الجمركي سترتفع أسعار كل المنتجات بدون استثناء وستطال سلعاً أساسية في استهلاك المواطنين وفي تنقلاتهم وأجهزة معيشتهم وأدوات الإنتاج وموادّ أولية في الزراعة والصناعة.   
 
مواد الموازنة الضريبية 
- المادّتان 102 و103 اللتان تُلزمان أيّ معاملة من المختار بوضع طابع بقيمة 5000 ليرة. 
- المادة 56 تعديل تعرفات الفواتير والإيصالات الناتجة من بعض المؤسسات العامة. 
- المادّتان 104 و105 زيادة رسوم جواز السفر والأرقام المميزة. 
- المادة 57 التي تفرض رسوم خروج على المسافرين اللبنانيين بطريق الجوّ أو البحر. 
- المادة 78 فرض رسم مقطوع على المستوردات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة باستثناء مادة البنزين والمعدات الصناعية والمواد الأولية المستعملة للصناعة والزراعة. 
- المادة 85 التي تزيد من رسوم المرافئ والمنائر. 
- المادة 86 زيادة رسوم المطارات. 
- المادة 91 زيادة العديد من الرسوم العقارية. 
- المادة 100 التي ترفع من نسب الاستثمار في المناطق الصناعية. 
- المادة 81 التي تفرض رسماً جمركياً على السلع والبضائع التي يتم استيرادها ويُصنع مثيل لها منها في لبنان. 
- المادة 41 التي تفرض ضريبة على الأشخاص الطبيعيين عند تفرغهم عن أسهمهم في أنواع معينة من الشركات المساهمة. 
- المادة 44 و45 التي تزيد من الضريبة على شركة الهولدنغ لضريبة سنوية مقطوعة. 
- المادة 110 تجيز للإدارات المحلية فرض رسوم لتغطية كلفة نقل جميع النفايات ومعالجة النفايات الصلبة. 
- المادة 30 وهي تفرض عملية إعادة تقييم للأصول الثابتة للمكلفين بضريبة الدخل والعقارات على أن تخضع الفروقات الإيجابية الناتجية عن عملية إعادة التقييم لضريبة نسبية جديدة معدلها 5% من قيمة هذه الفروقات بعد أن كانت 2% وفق موازنة 2019/ المادة 51. 
 
عندما صرّح وزيرا المالية والإعلام بالوكالة بعدم وجود ضرائب في مشروع الموازنة أظن أنهما قصدا في ذلك المادتين 28 التي تحدد المعدلات الضريبية على أرباح المهن التجارية والصناعية وغير التجارية، و33 التي تحدد المعدلات الضريبية على الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد، حيث أبقت المادتان على نفس نسب الضرائب ولكنها غيّرت من الشطور التي تُفرض عليها الضرائب بحيث رفعت الشطور بما يتناسب مع تغيّرات الأرباح والأجور بسبب الأزمة وارتفاع سعر صرف الدولار، والنتيجة هي انخفاض العبء الضريبي على المكلفين المذكورين أعلاه.
 
وبالعودة إلى الموازنة يتبيّن لنا مكامن زيادة الضرائب والرسوم وهي تتمحور بالدرجة الأولى على الرسوم على التجارة والمبادلات وهنا تأتي أهمية الدولار الجمركي ودوره في الموازنة، وعلى الرسوم الداخلية على السلع والخدمات، كما يظهر الجدول التالي: 
بيان الإيرادات مشروع موازنة 2021 (مليون ل ل) مشروع موازنة 2022 (مليون ل ل) 
ضريبة الدخل على الأرباح 858.7 1703 
ضريبة الدخل على الرواتب والأجور 596 1711 
الرسوم الداخلية على السلع والخدمات 3766.7 19737.5 
الرسوم على التجارة والمبادلات الدولية 470.9 3382.3 
رسوم الطابع المالي 413.7 1648.1 
رسوم الجامعة اللبنانية 12.1 18.8 
 
من هذا المنطلق يظهر لنا أن تصريحات المسؤولين هي تمويه وتضليل للرأي العام، صحيح أن مشروع الموازنة لم يتضمّن أنواعاً جديدة من الضرائب ولكنّه يتضمّن زيادات عديدة لضرائب ورسوم سترهق الشعب اللبناني أكثر، ويكفي الدولار الجمركي وفق سعر منصّة صيرفة إرهاقاً وعبئاً ضريبياً مقنّعاً وغير مباشر ليطال الجميع وخاصة الطبقة الفقيرة والمتوسطة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم