فريق العمل المبتكر أساس استمراريّة الشركة... فكيف تساعده على اكتساب هذه المهارة؟
27-10-2020 | 18:57
المصدر: "النهار"
يقول أينشتاين "إن الخيال أهمّ من المعرفة، فالمعرفة محدودة إلّا أن الخيال يشمل العالم أجمع، يدفع بالتقدم ويحفّز التطور". والذي يميز الابتكار عن الخيال هو أنه في الأخير تكون الفكرة مجردة، وغير مصحوبة بآلية تنفيذ، وخالية من معلومات عن السوق التي ستتلقّاها. من جهة أخرى ما يميز الابتكار عن الاختراع هو أنه في الأخير يقوم المخترع باستحداث فكرة غير موجودة سابقًا، أمّا الابتكار فيتم عبر إضافة قيمة إلى مادة موجودة سابقًا.
أهمية الابتكار المستمرّ في ظلّ المنافسة القويّة:
للابتكار أهمية قصوى بالنسبة للمستخدم الذي يريد أن يتميّز في مجال عمله، فإن أردت أن تكون عاملاً مبتكراً تنصحك مدربة روّاد الأعمال في مركز المهن والابتكار وريادة الأعمال في الجامعة اللبنانية، السيدة ليندا عشقوتي، بـ"أن تعمل ضمن فريق متناغم وتبحثون سويًا في القضايا العالقة، وينبغي عليك أن ترصد كل جديد من حول العالم في المجال الذي تريد أن تبتكر فيه وتحاول أن تضيف عليه قيمة معيّنة، قد تكون نوعية أفضل أو مميزات جديدة للسلعة أو حتى تخفيض سعر المنتج". قد يمتلك المستخدم مسبقاً بعض المهارات الأساسية للقيام بالابتكار، لكن هذه المهارات من دون تدريب وتطوير تموت مع الوقت، ومنها القدرة على رصد الفرص قبل حدوثها وحسن استغلالها، والفضول الإيجابي عبر كثرة القراءة والاطلاع، والقدرة على فهم متطلبات المستهلك وتحليل السوق.
يشعر المستخدم بصعوبة لدى قيامه بعملية الابتكار لأن الأفكار التي يتخيّلها ليست بمعظمها قابلة للتطبيق، وتشرح عشقوتي أن "سبب ذلك يعود إلى معوقات تفرضها القوانين والسياسية المالية للشركة وغيرها من الأسباب"، وتضيف أنّ "الابتكار عملية تحتاج إلى وقت كبير من الدراسة والتّحضير عبر دراسات الجدوى وأيضًا تحديد نقاط القوة التي تساعد الشركة ونقاط الضعف التي تحول دون تطبيق الفكرة.
تسعى الشّركات لكي تبقى على قيد الحياة في ظل المنافسة الشرسة وبُنية السّوق التي تتغير بسرعة، لأن تكون رائدة في مجال الابتكار، فالقاعدة الأساسية في عالم الأعمال أن لا بقاء لمن لا يواكب التطور ويحاول تحسين سلعته وإضافة قيمة جديدة عليها كل فترة، لأن من يبقى مكانه يسبقه قطار ريادة الأعمال السّريع الذي لا ينتظر أحداً".
خطوات على الشركات اتّباعها بهدف تحفيز عمّالهم على الابتكار:
ولأن عملية الابتكار صعبة ولكنها غير مستحيلة تشرح عشقوتي أنه "يمكن للشركات الراغبة بالتحدي والاستمرار أن تقوم بهذه الخطوات:
1ـ وضع خطة استقطاب عمّال مناسبة للمجال المراد الخوض فيه والابتكار في ظله.
2 ـ تطوير قدرات الابتكار لدى العمال القدامى الذين يمتلكون المهارات المطلوبة لهذا الغرض.
3 ـ أخيرًا، تخصيص جلسات تدريب بشكل مستمر للموظفين الذين لا يمتلكون المهارات السابق ذكرها".
يطال هذا التقسيم الذي ذكرته عشقوتي جميع فئات العمّال في الشركة المستقبليين منهم والموجودين في كنفها عند اعتمادها لاستراتيجية جديدة.
"يتم اختيار المستخدمين الجدد بناء للمعايير المطلوبة للابتكار في القطاع الذي تعمل فيه الشركة، قد تكون هذه المعايير تكلِّم عدداً معيناً من اللغات أو حسن استخدام التكنولوجيا، هذا بالإضافة إلى المعايير الموضوعية الثابتة لكل القطاعات وهي الفضول، والقراءة باستمرار، وترقب الفرص. ويحظى الأجراء القدامى بدورات تدريبية، ويجب التمييز هنا بين الذين يمتلكون مسبقًا مهارات الابتكار والإبداع والذين لا يتمتعون بهذه المواصفات، بالنسبة للفئة الأولى يقتصر الأمر على إجراء تدريبات لتعزيز هذه الإمكانيات لديهم، أمّا الفئة الثانية فتحتاج إلى تدريبات مكثفة لتوجيه أفكارهم نحو الموضوع الواجب تطويره، وتدريبهم على وسائل العمل الجديدة، وحسن إدراة الوقت. كما يمكن للشركة تدريب عمالها على كيفية قراءة أكبر عدد ممكن من المقالات العلمية والكتب في وقت محدد، بالإضافة إلى مهارة مراقبة المنافس والقيام بابتكار سلع أفضل من منتجاته.
اتّباع هذه الخطوات لتعليم الأجراء على الابتكار أمر غير كاف بل ينبغي على الشركة أيضًا أن تقوم بتحفيزهم للقيام بهذه العملية الصعبة. يمكنها على سبيل المثال اعتماد استراتيجية العلاوات على الأجر التي يحصل عليها المستخدم عندما يقدّم للشركة أفكاراً مبتكرة ويقوم بدراستها مع فريقه. تشرح عشقوتي أن الابتكار لا يتم إلا عندما تقوم الشركة بوضع المستخدمين بصورة مشاريعها المستقبلية حتى يستطيعوا الإبداع من دون التغريد خارج السرب".
تقول عشقوتي إنّ "من غير المسموح في زمن العولمة الذي فتح كل الأسواق على بعضها البعض وأتت جائحة كورونا لتعزز هذا الموضوع، أن تبقى أي شركة خارج إطار المنافسة والابتكار". المجالات التي تجذب رواد الأعمال هي تلك المربحة اكثر، والموضوع الرائج اليوم هو مجال التكنولوجيا حيث تتم أغلب الأعمال من بعد، لكن تجدر الإشارة إلى أن المجالات التي لم تعد تستهوي روّاد الأعمال قد تحتاج لابتكار واحد جديد لكي تنطلق عجلتها من جديد.
سهلّت الابتكارات حياة الناس ومنها ما غيّر أساليب الحياة، حلّت مشاكل كثيرة وأتت بأفكار جميلة. نذكر مثلًا الدفع عبر الإنترنت وخدمة الدليفري، وهناك من طوّر برنامجاً يقوم بتفحص الأموال التي يدفعها ذوي الحاجات الخاصة في المتاجر ويقوم بإحصاء المال الذي يردّه موظف الصّندوق بهدف تفحّص صحة العملية. لكن في ظل التطورات الراهنة وتكلفة بعض عمليات الابتكار الباهظة، ولأن الابتكار شرط لاستمرارية المؤسسات، هل نرى في المستقبل غياباً للمؤسسات والشركات الصغير غير القادرة على تحمّل هذه التكلفة؟