السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

70% من أزمة المياه ترتبط بالكهرباء... وغياب دولار الصيانة تهديد خطير (صور وفيديو)

المصدر: النهار
فرح نصور
عودة إلى تعبئة المياه من النبع (مارك فياض).
عودة إلى تعبئة المياه من النبع (مارك فياض).
A+ A-
أصدرت منظمة الـ"يونيسف" التابعة للأمم المتحدة في شهر تموز الفائت، تقريراً لوّحت من خلاله إلى انهيارٍ كاملٍ لشبكات المیاه العامة في لبنان إذا لم تُتَّخذ إجراءات سریعة فوریة. ووفق المنظمة، فإنّ "ھذا الانھیار سیقضي على إمكانیة وصول أكثر من أربعة ملایین شخص، في شكلٍ مباشر أو غیر مباشر، إلى المیاه الصالحة للشرب".
 
 
وفي حين أعلنت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان مؤخراً عن بداية تقنين قاسٍ للمياه، أعاد تقرير الـ"يونيسف" السبب الأساس، من جراء أزمة المياه المستجدَّة، إلى الانقطاع بإمدادات الكهرباء لشبكات المياه، إلى جانب أزمة الليرة التي حالت دون التمكّن من صيانة هذه الشبكات. وتوازياً مع هذا التقنين وارتفاع أسعار مياه الخدمة والشرب، بتنا نرى تهافتاً على ينابيع المياه في المناطق الجبلية للتزوّد بالمياه، بما يحيي عادة لبنانية قديمة.
 
ما هو واقع أزمة المياه؟ هل من حلول؟
 
يشرح مدير برنامج التغيّر المناخي والبيئة  في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، الدكتور نديم فرج الله، في حديث لـ "النهار"، أنّ هناك مشكلة أساسية تعاني منها جميع مؤسسات المياه، وهي فارق سعر الليرة على الدولار، ما حال دون تمكّنها من شراء قطع غيار لمحطاتها، وتضطرّ إمّا للترقيع في التصليح إما لقطع المياه منعاً لهدرها في حال عدم  التمكّن من التصليح، إنّما "شبكة المياه ليست معرَّضة للتفكّك، لكن هناك أماكن بحاجة إلى صيانة لكن تنقصها الإمكانات المالية".
 
 
ويضيف فرج الله سبباً أساسياً آخر لهذه الأزمة، يتمثّل بانقطاع امدادات الكهرباء عن الشبكات، ما يؤدّي إلى عدم توزيع المياه. فهناك محطات كثيرة تعمل على الضخ، وهناك آبار تغذّي بيروت وتعتمد كلياً في ضخها على المياه الجوفية، وسحبها لتوزيعها إلى المدينة أمر مكلف. كذلك، هناك محطات تسمى بـ "الرفع"، حيث لا تصل الجاذبية وبحاجة إلى ضخ، وهي متوقّفة عن العمل. وأكثر السكان تأثّراً هم سكان البقاع لأنّ المنطقة تخلو من الارتفاعات. لذلك هناك مناطق كثيرة في لبنان تنقطع فيها الماء من جراء انقطاع الكهرباء وشح المازوت. 
 
هل يشكّل ذلك خطراً جديّاً على سكان لبنان؟ يجيب فرج الله أنّ "منظمة اليونيسف لا تهوّل في ما أوردته في تقريرها، وقد لا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لكي نصل إلى ما لوّحَت به"، لأنّ الشبكة بحاجة إلى صيانة وليس هناك مداخيل لتغطية هذه النفقات. فمنذ الحركة الشعبية في 17 تشرين وحلول الأزمة الاقتصادية، مَن كان قدراً على دفع بدل اشتراك المياه، توقّف، رغم أنّ مؤسسات المياه حسّنت الجباية". 
 
 
وعن مدى فعالية شبكات البنى التحتية الحيوية، يقول فرج الله إنّ هناك عاملين يؤثّران على فعاليتها: عامل تقني يتمثّل بالتسرّب، وعامل غير تقني يتمثّل بالتعدّي على الشبكة وسرقة المياه، ما يمنع عدداً كبيراً من المنازل من الحصول على المياه.
 
وكان لافتاً في تقرير الـ"يونيسف"، التنبيه من الخطر على المياه بألّا تصبح صالحة للشرب، من جراء هذه الأزمة.
 
ما الذي يدفع بهذا الاتّجاه؟
 
يوضح فرج الله أنّ هناك ثلاثة أسباب. الأوّل يكمن في حفر جور الصرف الصحي إلى جانب آبار المياه، ما يجعل هذه الأخيرة تتلوّث، ومن ثمّ ضمّ هذه المياه وربطها بمياه الدولة النظيفة، وبالتالي، تصبح المياه غير صالحة للشرب. 
 
إضافة إلى أنّه في حال لم تتأمن قطع الغيار للشبكات، قد لا تكون مياه الدولة نظيفة بالدرجة المطلوبة. أمّا السبب الثالث، فهو دخول الـ"فاكيوم" إلى الشبكة بسب انقطاع المياه، فهذا الهواء كالشفاط، يسحب أي رطوبة من حوله، ويسحب بذلك المجارير المحاذية إلى الشبكة، إلى داخلها، ويلوّث مياهها.  
 
 بدورها، تفيد مستشارة وزير الطاقة لقطاع المياه، سوزي حويك،في حديث لـ "النهار"، أنّ شبكة المياه في لبنان لطالما عانت من التسرب لأسباب مختلفة، لكن المياه كانت تتوزّع دائماً وتصل إلى السكان. أمّا اليوم، فهناك أزمة مياه لسبين رئيسيين أوّلهما انقطاع الكهرباء، وثانيهما الأزمة المالية الراهنة، فمؤسسات المياه لا تمتلك الدولارات لصيانة وتشغيل الشبكة كما يجب. وغياب الكهرباء من مصدريها (كهرباء لبنان التي تغذّي معظم مصادر المياه والمولدات)، ما يعني أنّ عدداً كبيراً من مضخات وآبار المياه لا يمكنها أن تعمل. وعادةً، تكون هناك مضخات للاحتياط في حال تعطّلت المضخّة الأساسية في إحدى النقاط، لكن بسب قلّة الإمكانات، المضخة التي تتعطّل تصبح خارجة عن الخدمة. 
 
وبحسب حويّك، فإنّ تشديد الـ"يونيسف" على حل مشكلة إمدادات الطاقة، يعود إلى أنّ المنظمة والجهات المانحة تدعم وزارة الطاقة ببعض القطع اللازمة، ولو أنّها ليست بالكمية المطلوبة، لكن هذه الجهات غير قادرة على تأمين الفيول للإمداد بالكهرباء. 
 
لكن السؤل الذي يطرح نفسه، لماذا لا تؤمّن وزارة الطاقة والمياه الفيول اللازم لتغذية شبكة المياه في لبنان؟
المشكلة، بحسب ما توضح حويّك، لا تكمن في تأمين كمية الفيول إنّما بنقله من منشآت النفط إلى محطات الضخ، "الأمر لوجستياً ليس سهلاً أبداً، وليس لدى الوزارة صهاريج لنقل المحروقات". وتفيد أنّ الـ "يونيسف" ستساعد في تأمين الفيول عبر الاتفاق مع إحدى الشركات المستورِدة للنفط، بإذنٍ من وزير الطاقة. 
 
وقد تعاونت الـ "يونيسف" مع وزارة الطاقة في قسم المياه منذ بداية الأزمة السورية حتى 2020، من خلال دعم الجهات المانحة، لتأمين بعض الأمور التقنية. والآن تحاول الوزارة عبر الـ"يونيسف" تأمين هذا التمويل من الجهات المانحة لصيانة شبكة المياه، وفق حويك، إذ "بعد أن اشتدّت أزمة المحروقات بشكلٍ كبير في لبنان مؤخراً، والتماس المنظمة لمدى كمية الناس التي ستُحرم من المياه، وجدت أنّه من الأجدى مساندة مؤسسات المياه بالخدمات لأنّ بهذه الطريقة يمكن أن تصل المياه إلى عدد أكبر من السكان بكلفة أقل". 
 
وعن سبب عدم صلاحية مياه الشرب، تقول حويك إنّ "من جملة المستلزمات التي لم تعد مؤسسات المياه قادرة على شرائها، هي المواد الكيميائية لمعالجة مياه الشرب وتكريرها قبل توزيعها على المنازل، وأهمّها الكلور، فهو مستورَد". والسبب الثاني هو شبكات الصرف الصحي الواقعة في المناطق الداخلية حيث يُرمى الصرف الصحي في الأنهر، وتلوَّث مياه النهر التي تعود بدورها إلى المياه الجوفية. 
 
وفي ما يتعلّق بحجم المناطق التي لا تصلها المياه، تورد حويك أنّ "ليس هناك أي منطقة تنفقد فيها المياه نهائياً"، لكن هناك مناطق في القرى والجبال قد لا تصل المياه إليها بسب نقص الكهرباء الذي يحتاج إلى ضخٍّ لـ 12 ساعة متواصلة لتصل المياه إلى خط التوزيع كلّه. وهناك محاولات للمداورة بين هذه المناطق بحيث لا تنقطع المياه نهائياً. 
 
من الواضح أنّ أزمة المياه ترتبط بجزء كبير منها بالكهرباء. وفي ما يتعلق بالحلول، "الأمر يحتاج إلى حلّ أزمة الكهرباء، فإذا ما توفّرت الكهرباء، تًعالَج 70% من مشكلة المياه، أمّا الـ 30% الأخرى، فيمكن للوزارة العمل عليها مع الـ "يونيسف" و الجهات المانِحة، ريثما تُشكَّل الحكومة"، على ما تقول حويك. 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم