ميقاتي وباسيل يطلبان التغطية البرلمانية لرفع الدعم... ماذا في القانون؟

ك.ر.

لو علمت الحكومات المتعاقبة أضرار سياسة الدعم على الاقتصاد لما اتخذت السياسة الشعبوية، ولما تخوّفت من قرار وقفه. وربما لو علم الجميع أنّ الدعم سرّع وتيرة الانهيار لما طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن يحصل على توصية برلمانية تطالب الحكومة "برفع الدعم عن كلّ شيء لو كانت هناك نيّة لذلك". فأوّلاً من لديه النيّة؟ وثانياً من يأخذ القرار؟ وثالثاً ما القيمة القانونية للتوصية البرلمانية المطلوب توجيهها للحكومة؟

اللافت في الجلسة التشريعية اليوم كلام ميقاتي ورئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل عن التوصية البرلمانية لرفع الدعم، وما تدخل باسيل على خط الطلب إلّا لأن وزارة الطاقة المحسوبة على فريقه ستنالها حصّة من "النقمة الشعبية المرتقبة" بعد رفع الدعم. فاليوم تدعم الدولة فاتورة الكهرباء وقمح الخبز العربي ودولار البنزين وفق سعر منصة "صيرفة"، ومصير الكهرباء والبنزين سينعكس على فريقه. لذلك ربما تلاقى الفريقان (ميقاتي – باسيل) على نقطة تجمعهما لتفادي الغضب الشعبي على الحكومة وفريق العهد من خلال التستّر بالتوصية البرلمانية التي تطالب برفع الدعم.

لكن إن كان جواب التيّار على سبب انهيار قطاع الطاقة هو دعم الفاتورة على مدى سنوات ما زاد الكلفة على الخزينة العامة وأدّى إلى تراجع الإنتاج وتدهور المؤسسة، فلماذا لا يقف رجال الدولة ويقولون كلمتهم بكل جرأة كما قالها قبلهم الرئيس الراحل كميل شمعون: "نحن ذاهبون الى رفع الدعم، لأنّه إن لم نرفع الدعم فالبلد يتّجه نحو الإفلاس"، ربما لو كان لدينا كميل شمعون اليوم لما تخلفنا عن سداد اليوروبوند وأفلسنا ولما دعمنا السلع التي لم يستفد منها اللبنانيون بل مجموعة من الشركات والتجّار.

من هنا الجواب على (أوّلاً من لديه النيّة؟)، فالنيّة يجب أن تكون لدى رجال الدولة. وثانياً من يأخذ القرار؟ فالحكومة، لأن الحكومات السابقة وضعت سياسات الدعم. أمّا ثالثاً، عن القيمة القانونية للتوصية البرلمانية المطلوب توجيهها للحكومة، فقيمتها الوحيدة أنّها تنزع مسؤولية ميقاتي وباسيل وتضعها على المجلس النيابي.

وضمن هذا الإطار يقول المحامي كريم ضاهر لـ"النهار" إنّ "التوصية النيابية غير موجودة في القانون، فتصرّف ميقاتي يعني أنه يرفع المسؤولية عن نفسه، عبر الإيحاء أنّ المجلس النيابي يطلب رفع الدعم"، موضحاً أنّ "رفع الدفع أصلاً لا يأتي عن طريق مجلس النواب". وأشار ضاهر إلى أنّ "التوصية تأتي ضمن إطار رفع العتب ونزع المسؤولية عن النفس".

وفي القانون هناك ما يُعرف بمبدأ توازي الصيغ، فما يصدر بموجب قانون يعدّل بموجب قانون، وما صدر بمرسوم يعدَّل بمرسوم.

والتوصية التي يطلبها ميقاتي تأتي كي يغطي القرار الصعب، وهذا الطلب ليس ضرورياً من الناحية القانونية، وإنما يأتي للحدّ من المسؤولية، فالبرلمان لا موجب عليه في هذا الإطار.

وما حصل اليوم يعكس صورة المشهد في الأسابيع المقبلة، والقلق من الفراغ الرئاسي، والبقاء على حكومة تصريف الأعمال الحالية، لأنّ ذلك من شأنه أن يشلّ البلاد أكثر ويؤدّي إلى المزيد من التدهور.