الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تكلفة نقل طلاب الجامعة اللبنانية تفوق رواتب ذويهم... هل من حلول؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
من اعتصام سابق لأصحاب التاكسي (مارك فياض).
من اعتصام سابق لأصحاب التاكسي (مارك فياض).
A+ A-
الدولار يحلّق وأسعار المحروقات تواكبه. أسعار النقل باتت عبئاً كبيراً يفوق أحياناً عبء تأمين الغذاء، خصوصاً لدى طلاب الجامعة اللبنانية الذين يعانون بصمت من الارتفاع المتواصل لتكلفة المواصلات. معظمهم يعتمد على النقل العام في تنقلاته، في وقت باتت ميزانية ذهاب طالب الجامعة اللبنانية إلى كلّيته تفوق راتب أهله أو راتبه، إذا ما كان يعمل...

إلى هذا الحدّ، بات تعليم طلاب "اللبنانية" باهظاً عليهم!

شهادات عديدة يرويها طلاب من الجامعة اللبنانية لـ"النهار"، نبدأها بالشابة أنياس الطالبة في كليّة طبّ الأسنان، حيث التخصّص يتطلّب الالتحاق بالصفوف الحضورية التطبيقية، وحيث الطلاب مضطرّون للحضور من 4 إلى 5 مرات في الأسبوع.

في الأساس، تعيش أنياس مع أهلها في مرجعيون (محافظة النبطيّة)، وللتخفيف من مصاريف التنقل، اضطرت إلى الإقامة في السكن الجامعي.
تستقلّ الطالبة النقل العام مرّتين أسبوعياً، وتخصّص ما يقرب من مليوني ليرة شهرياً تكلفة تنقّلات، فالمشوار الواحد ذهاباً وإياباً إلى مرجعيون يكلّف حالياً 250 ألف ليرة. "الوضع صعب فعلاً"، وفق أنياس، فوالدها المتوفّى كان أستاذاً رسميّاً متقاعداً، وهي تُنفق راتب تعويضه للتنقّل، مع مساعدة من شقيقها. وللتقليل من تكلفة المواصلات التي تتزايد بشكل أسبوعيّ، تضطر أنياس إلى البقاء في بيروت لشهر أو اثنين حتى تعود إلى بلدتها مرجعيون.

مارلين طالبة أخرى من طلاب طبّ الأسنان أيضاً، وتسكن في جعيتا (كسروان). تقول إنّ مصروف البنزين بات مكلفاً جداً، وهي بحاجة إلى نحو 700 ألف ليرة في الأسبوع ثمناً للبنزين، لحضور المحاضرات يومياً؛ وهذا يعني أنّها تحتاج شهرياً إلى ما يقرب من مليونين و400 ألف ليرة، و"بات هذا المبلغ بديلاً عن قسط الجامعة الذي لا يُذكر". وتضيف أنّه "لو كان السكن الجامعي مناسباً، لكان حلاًّ أمثل لمشكلة التنقّلات الباهظة التكلفة، إلّا أنّ السّكن الجامعيّ لا تتوافر فيه الشروط الملائمة من مياه ساخنة وأجهزة تبريد وتدفئة وما إلى ذلك".

أمّا ريمال طالبة طب الأسنان كذلك فتعيش في عكار، وتروي أنّها تقصد الجامعة في بيروت إمّا مع أخيها العسكري، وإمّا بوسائل النقل العام، لكنّها تلازم السكن الجامعيّ أحياناً لأسبوعين أو ثلاثة إن لم تتأمّن تكلفة النقل ذهاباً وإياباً، "بالرغم من أنّ ظروف العيش في السكن الجامعي سيّئة للغاية". وحتى في حال توافر بدل النقل، فإن ريمال تحاول الاقتصاد والتقليل من تنقّلاتها بين عكار وبيروت. فوالدها عسكري، وراتبه لم يعد يكفي، ولذلك تلزم السكن الجامعي معظم الأيام.

كذلك بالنسبة إلى تاتيانا الطالبة في كلية الآداب، والتي تعيش في صيدا، فهي تؤكّد أنّها تتكلّف نحو 3 ملايين ليرة شهرياً كبدلات نقل. "لكن لا يمكن للأمر أن يستمرّ على هذا الشكل، وقد رفعنا الصوت إلى الإدارة، وشدّدنا على عدم قدرتنا على الحضور إلى الجامعة باستمرار، بسبب تكلفة النقل المرتفعة. وإذا كان الحضور إلزامياً، فلن نتمكّن من الالتزام به أكثر من 3 أيام في الأسبوع"، وفق تاتيانا.

الحلّ الموقّت موجود ولكن...!

إيجاد الحلول الجذرية لهؤلاء الطلاب أمرٌ صعب في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم. وفي إطار السؤال عن الحلول، يتحدّث رئيس الجامعة اللبنانية، الدكتور بسام بدران لـ"النهار" عن "الحلّ الوحيد حالياً الذي يتمثّل بتأمين الدولة وسائل النقل للطلاب كما لسائر المواطنين عبر الباصات التي وصلت إلى لبنان". لذلك، تواصل بدران مع وزير الأشغال والنقل علي حمية للعمل على لحظ مرور هذه الباصات بجانب المجمّعات الجامعية في خطة النقل لتسهيل انتقال الطلاب.

وبحسب بدران، هناك توجّه لأن يأخذ الوزير بعين الاعتبار هذا الطلب، و"بذلك نكون قد حللنا جزءاً من المشكلة، لكنّنا أمام عدد كبير من المجمّعات والمباني الجامعية، بما يفوق الـ75 مبنى".

وعن إمكانية اعتماد التعليم من بُعد للتخفيف من أعباء التنقّلات على الطلاب، يورد بدران أنّ "الدراسة في الجامعة اللبنانية تعتمد التعليم المدمَج، إذ نعتمد بجزء كبير التعليم من بُعد، وفي جزء آخر التعليم الحضوري في المختبرات، لكنّنا في وقت من الأوقات سنضطرّ إلى العودة إلى التعليم الحضوري أسوة بجميع المؤسّسات التعليمية الأخرى من جامعات ومدارس". وابتداء من العام المقبل، بتقدير بدران، "لن يكون هناك مسوّغ للتعليم من بُعد".

وقد طرح بدران على البنك الدوليّ خطّة نقل تلحظ مباني الجامعة، وتجعل مسارات الحافلات محاذية للمباني الجامعية الكبرى تحديداً، بالتعاون مع وزارة الأشغال، "لكن هذا المشروع بعيد التنفيذ حالياً". وإذا نُفّذ هذا الحلّ، فلن يتسجّل الطالب الذي يسكن خارج بيروت في كلية في بيروت، وسيحاول الالتحاق بالكلية الأقرب إليه جغرافياً. ويؤكّد أنّ الاختصاصات جميعها متاحة على امتداد لبنان، باستثناء الكليات الموحَّدة الموجودة في المجمّع المزوّد بالسكن الجامعي. ويتطرّق بدران هنا إلى ضرورة تفعيل هذا السكن، مؤكّداً أنّه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدولار، "فإذا ما استمرّ الدولار بالارتفاع فسيكون الأمر صعباً".

لكن حلّ المشكلة الجذريّ وفق الرئيس يتمثّل "بإقامة مجمعات جامعيّة مع سكن جامعيّ، بالإضافة إلى تأمين الصيانة المطلوبة له. لكن من الصعب جداً طرح حلول جذريّة في ظلّ غياب الاستقرار الاقتصاديّ". وقد أقرّت الدولة صفر موازنة لصيانة مجمعات الجامعة اللبنانية في موازنة 2022، فيما كانت في السابق تلحظ 22 مليار ليرة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم