الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

النقابات والمودعون يتحرّكون رفضاً للكابيتال كونترول... لحظة مفصلية وشهادات حية

المصدر: النهار
من تحرك النقابات والمودعين (تصوير حسام شبارو)
من تحرك النقابات والمودعين (تصوير حسام شبارو)
A+ A-
 
لطالما لعبت النقابات دوراً هاماً في الحياة السياسية، وكانت شريكاً في القرارات والقوانين التي ترعى شؤون الناس، كونها جزءًا لا يتجزأ منهم. لكن في لبنان، في بلد يعاني من الطائفية، وحيث تتألّف النقابات وأعضاؤها، بمعظمها، من لوائح الأحزاب، غاب العمل النقابي المستقل، إلّا ما ندر منه، وغابت معه أشكال الضغوط على السلطة.
 
لكن نقابات المهن الحرة –البالغ عددها 18، و220 ألف شخص- اليوم، اجتمعت وتوحّدت جميعها، في تحرّك أمام مجلس النواب، لرفض إقرار مشروع قانون "الكابيتال كونترول"، إلى جانب جمعيات معنيّة باستعادة أموال المودعين مثل جمعية "صرخة المودعين" وأموالنا لنا"، في مشهد يدلّ فعلاً على فداحة الأوضاع التي وصلت إليها البلاد، في لحظة مفصلية. 
 
مشهد المحتشدين بلباسهم المهني، والمودعين بيافطاتهم المطالِبة بودائعهم، يعود بالناظر إلى تحركات 17 تشرين، لكن الفرق بالأعداد كان شاسعاً. اذ مستغرَب هذا الاستسلام لما وصلت إليه حال البلاد، من قِبل الناس والمودعٍين الذين يبلغ عددهم 800 ألف شخص. فحين تقرّر فرض ضريبة 6 دولارات على الواتساب، اشتعلت البلاد، لكن دولار الـ 30 والـ35 ألف ليرة، لم يزحزح أحدا. 
 
تصوير حسام شبارو
 
إذاً، شعارات وموسيقى ثورية تصدح في شارع ويغان. رسائل عديدة أوصلها المودعون، من قلوب محترِقة ومتعَبة إلى النواب في المجلس النيابي، وإلى الزعماء عامة، عبر مكبرات الصوت.  
 
في جولة بين المحتجين، تقول إحداهن إنّها لم تفارق تحركات الشارع منذ ثورة 17 تشرين، و"قانون الكابيتال كونترول لا يتعلق بالمودعين فقط، بل بكل ما له علاقة بالشأن العام، وسنضغط بكل ما أوتينا من قوة لعدم تمرير هذا القانون، لأنه إن حصل، فكثير من القوانين المجحِفة ستمر في المستقبل، رغم أنّنا نعيش على شفير الموت". السيدة الثائرة أتت من صور للمشاركة في التحرّك، تقف جانباً بانتظار أي كلمة "فرج" تتحقق في ظل السوداوية الراهنة. وتقول بغضب: "على جميع المودعين النزول إلى الشارع، أين هم؟ وجودهم هنا يزيد الضغط على مجلس النواب، وأنا جئت لأجل مستقبل أولادي الذي سرقوه، ولم أعد أسأل عن مستقبلي بعد". 
 
تقف سيدة أخرى تحمل شعار "صرخة المودعين" لتقول كلمة حق في زمن باتت أبسط حقوق اللبنانيين فيه، مهدورة. "المسألة ليست مسألة ودائع فقط، لذلك علينا أن نقف وقفة حق، الوضع لم يعد يحتمل أبداً. بعد سنتين من الأزمة، الحجز على ودائعنا خنقنا، وحال البلاد كلّها بالحضيض، وأصبحنا نهتم ونشغل بالنا بأبسط حقوقنا كالكهرباء والماء ونقسّم حياتنا على أساس وجودها من عدمه، بسبب الضيقة المالية التي بتنا نعانيها، ولم يعد للمواطن أي حق، سلبوا جميع حقوقه".  
 
تصوير حسام شبارو
 
 
إحدى المشاركات، تحمل علماً ملفوفاً، تقول: "إنها المرة الأولى التي تشارك فيها المحتجين الساحات، لأنّ الخطر كبير بحسب تعبيرها، وكنا ننتظر بعض الضمير من المسؤولين، لكن لا أمل. حياتنا بخطر شديد، ولم أحتج حتى الآن دخول المستشفى، لكن إن احتجت الى ذلك فمن أين سآتي بالأموال؟". وتشير الى انها عاشت خارج لبنان لثلاثين عاماً و"عملت وجّمعت أموالي من خارج لبنان بالدولار الفريش، لأستقر ببلدي في آخر عمري، لكن أموالي سرقت، فهل هناك خطر أخطر من ذلك؟".
 
كذلك، إحدى المواطنات وهي مودِعة، تشير إلى أنّ مشاركتها هي لتأكيد وقوف الشعب ضد أي محاولة لسرقة جنى عمره، وتسأل :"كيف يمكن لقانون أن يذكر عبارة، الحفاظ على أموال المودعين قدر الإمكان؟ ماذا تعني هذه العبارة؟ وتجيب أنّ هذا أكبر دليل على أنّهم يتلاعبون بالنصوص القانونية لمصالحهم ويتآمرون على الشعب".
 
وقد أكّدت معالِجة فيزيائية، بثوبها الأبيض، أنّ معركتها هي على مستويين. الأول هو الودائع الخاصة في المصارف، والثاني هو على الصعيد النقابي، لأنّ "ملف قانون صندوق التقاعدي نائم في أدراج مجلس النواب منذ سنوات، أمّا الأموال التي جمعتها، والتي سحبتها من فم أولادي لأضمن تقاعدي، محجوز عليها". وتضيف: "لا ضمان صحي لدي ولا تأمين، وفي حال مرضت كيف لي أن أسدّد كلفة علاجي؟ وإن توقّفت عن العمل من سيعيلني؟ يريدون سرقة أموالنا في المصارف بهذه البساطة؟ هذه سرقة موصوفة، وإجرام جديد بحق الشعب".
 
تصوير حسام شبارو
 
النقابات ترفع الصوت وتهدّد بالتصعيد
 
نقيب الأطباء، الدكتور شرف أبو شرف، وفي حديث لـ "النهار"، خلال التحرّك، رأى أنّ "هذا القانون غير قانوني ويشرّع الفساد، فهم يستفيدون من الفترة القليلة المتبقية قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي ليبرّأوا أنفسهم من الفساد الذي سببوه. لا يمكن أن يحمّلوا الناس نتيجة سرقاتهم وهدرهم وفشلهم، ويفترض تحديد المسؤوليات وأن يتحمّل كل طرف مسؤولياته في الخسارة الحاصلة وليس المودعين إطلاقاً". 
 
وقال: "صحيح أنّ هذا التحرّك هو الأول لنا على الأرض، لكن النقابات كانت تحضّر الحلول عبر اجتماعات مع صندوق النقد الدولي، الذي طلب بنفسه الاجتماع بها، و"قدّمنا الحلول ووافق عليها الصندوق، لذلك، لا يمكن للمسؤولين حالياً أن يشطبوا أموال المودعين كما أنّ شيئاً لم يكن"، على حدّ قوله. يجب وضع خطة تعافي شفافة وواضحة، و"لا تهريب أو تسريب، فصندوق النقد يقف إلى جانبنا في هذا الإطار".
 
ويكشف أبو شرف عن أنّ "التصعيد قد يبدأ بالإضرابات وصولا الى العصيان المدني، إن أصرّوا على إقرار هذا القانون. وقال: "كفى استفزازا واستغباء واستهتارا بالشعب". وعن تضرّر نقابة الأطباء من حجز أموال النقابة في المصارف، لفت أبو شرف إلى أنّ نقابة الأطباء تضرّرت بشكل كبير من حجز المصارف لودائعها، "فما جمعناه لمدة 30 و 40 عاما، طار". ولم يعد الطبيب مضمونا ولا مؤمَّنا، كذلك، لم تعد النقابة قادرة على تسديد رواتب الأطباء المتقاعدين، وإذا ما دفعت، تدفع بالتقسيط ولم يعد للأموال أي قيمة، وقد هاجر من لبنان 3000 طبيب من ذوي الكفاءت العالية، ولا يمكن تعويضهم بسهولة. 
 
تصوير حسام شبارو
 
أمّا نقيب المحامين، ناضر كسبار، وفي كلمة لـ"النهار" خلال توجّهه وعدد من النقباء، للدخول إلى مجلس النواب والاجتماع بالنواب، علق على سبب الاستعجال الحكومة والمجلس النيابي لإقرار هذا القانون، فرأى أنّ "السبب هو أنّهم يريدون أن يضربوا عصفورين بحجر واحد، أولاً يجرّبون حظّهم بتمرير قانون غير مقبول، وثانياً لإلهاء الناس بالقوانين وإقرارها بدلاً من المطالبة بحقوقنا، لكن الله أعطانا نعمة استشراف الأمور". 
 
من جهته، انضمّ نقيب المهندسين في الشمال، بهاء حرب، إلى المشاركين، فالوجع واحد. وقال لـ"النهار": "مستمرّون في رفضنا لهذا لقانون، وحتى إن استدعى الأمر للإضراب ولإقفال النقابة، حفاظاً على حقوق نقابتنا وأموالنا وأموال المتقاعدين في نقابتنا". وبرأي حرب، "يريدون تمرير هذا القانون بسرعة لتقاضي الثمن من المصارف، بينما يحمّلون المودعين الخسائر".  
 
المهندسون بوضع سيئ جداً، وفق شرح حرب، "فنقابتنا لديها 50 مليون دولار في المصارف، و3 مليار ليرة شهرياً كرواتب للمهندسين المتقاعدين، والمتقاعد الذي فنى حياته في العمل، لا يسعه تقاضي راتبه التقاعدي الآن". 
 
في هذا السياق، علمت "النهار"، خلال التحرّك، أنّ النصاب لم يكتمل والجلسة ولم تنعقد.
 
 
 
 
تصوير حسام شبارو
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
  
تصوير مارك فياض
 
  
 
 
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم