الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

المسارات الممكنة للاقتصادات الروسيّة والأوروبيّة والأميركيّة... كيف تهدّد الحرب في أوكرانيا العالم؟

المصدر: النهار
من آثار الحرب
من آثار الحرب
A+ A-
 
لا شكّ في أنّ الاقتصاد العالميّ اهتزّ من جرّاء الحرب في أوكرانيا، فهو لم يتعافَ بعد من العجز الذي أصابه من جرّاء جائحة كورونا. إذ يحمل الغزو الروسيّ لأوكرانيا مخاطر هائلة على الاقتصاد العالميّ، لاسيّما مع أزمة ارتفاع السلع الحيويّة، وأزمة تقطّع سلاسل التوريد عالمياً من جراء العقوبات المفروضة على روسيا.
 
وجاء الهجوم الروسيّ بعد أسابيع من التوتّرات التي أرسلت بالفعل هزّات في الاقتصاد العالميّ من خلال رفع أسعار الطاقة. وتسارع هذا الارتفاع في اليوم الأول من الغزو، بحيث قفز النفط لفترة وجيزة متجاوزاً الـ100 دولار للبرميل للمرّة الأولى منذ 2014، بينما قفز الغاز الطبيعيّ الأوروبيّ بنسبة 62 في المئة.
 
وبينما تكافح أوكرانيا من أجل البقاء، تتّخذ الحكومات الغربيّة خطوات لمعاقبة روسيا، وهذه الحكومات تدرك أنّه من خلال هذه الخطوات، يمكنها زيادة تأثير الصراع على اقتصاداتها.
 
(أ ف ب)
 
وبحسب ما يشرح الخبراء الاقتصاديون في تقرير نشرته "بلومبرغ" عن تأثير حرب أوكرانيا على تعافي الاقتصاد العالميّ، فقد ترك الوباء الاقتصاد العالميّ مع نقطتين رئيسيّتين للضعف: التضخّم المرتفع والأسواق الماليّة المتوتّرة، والصراع في أوكرانيا سيزيد من كلتيهما.
 
وسيعتمد حجم الضربة التي سينتهي بها الصراع على الاقتصاد العالميّ على طوله ونطاقه، وشدّة العقوبات الغربية، واحتمال انتقام روسيا. كما أنّ هناك احتماليّة لحدوث تقلّبات أخرى، من الهجرة الجماعيّة للاجئين الأوكرانيين إلى موجة من الهجمات الإلكترونيّة الروسيّة.
 
وسط هذا المشهد السوداويّ، وضع خبراء الاقتصاد في "بلومبرغ" هذه التداعيات في ثلاثة سيناريوهات متوقَّعة، تدرس كيف يمكن للحرب أن تؤثّر على النموّ والتضخّم والسياسة النقديّة، وبالتالي، المسارات الممكنة للاقتصادات الروسيّة والأوروبيّة والأميركيّة.
 

السيناريو 1: استمرار تدفّق النفط والغاز
 
السيناريو المتفائل لا يرى أيّ انقطاع في إمدادات النفط والغاز، مع استقرار الأسعار عند مستوياتها الحالية. وظهر هذا النوع من التفاؤل في أسواق النفط بعد أن كشفت الولايات المتّحدة وحلفاؤها النقاب عن عقوبات جديدة على روسيا.
 
لكنّ امدادات الطاقة الروسية لم تكن مستهدَفة ضمن العقوبات، لذلك، انخفضت أسعار النفط، مع إغلاق العقود الآجلة دون 93 دولاراً للبرميل في نيويورك.
وأسعار الطاقة هي القناة الرئيسيّة التي من خلالها يكون للحرب الأوكرانيّة تأثيراً فوريّاً بعيداً عن الخطوط الأماميّة. لكنّ الخطر حادّ بشكل خاصّ في أوروبا، لأنّ روسيا هي المورد الرئيسيّ للنفط والغاز.
 
(أ ف ب)
 
ويُضاف إلى تأثير النفط، أنّ هذا قد يجعل التضخّم في منطقة اليورو يلامس 3 في المئة في نهاية العام. وقد تكون هناك تداعيات أخرى أيضاً من الركود الناجم عن العقوبات في روسيا. أمّا في الولايات المتّحدة، فسيؤدّي ارتفاع تكلفة البنزين والتشديد الماليّ المعتدل إلى إعاقة النموّ. وقد تشحن البلاد المزيد من غازها الطبيعيّ إلى أوروبا، مما سيرفع الأسعار في الداخل. 
 
 
 
ومع ذلك، من المحتمل أن ينظر بنك الاحتياطيّ الفيدراليّ إلى ما هو أبعد من صدمة الأسعار المؤقّتة، ويمضي قدماً في خططه لبدء رفع أسعار الفائدة في آذار.
 
 
السيناريو 2: تعطيل إمدادات الطاقة
 
يتجنّب بعض مالكي ناقلات النفط التعامل مع الخام الروسيّ حتّى يصبح لديهم المزيد من الوضوح بشأن العقوبات. وتمرّ خطوط أنابيب الغاز الرئيسيّة عبر أوكرانيا، ويمكن أن تتضرّر أثناء الاشتباكات. وحتّى الانقطاع المحدود للإمدادات يمكن أن يؤدّي إلى تفاقم الصدمة التي تتعرّض لها أسعار الطاقة.
 
العودة المستمرّة إلى أسعار الغاز إلى 180 يورو للساعة - المستوى الذي تمّ التوصّل إليه في كانون الأول - والنفط عند 120 دولاراً، يمكن أن يترك التضخّم في منطقة اليورو قريباً من 4 في المئة بحلول نهاية العام، ممّا سيزيد من ضغط الدخل الحقيقيّ.
 
ومن المرجَّح أن تكون أوروبا قادرة على إبقاء الأضواء مضاءة، لكن سيكون هناك ضرر مادّي للناتج المحلّي الإجماليّ، مما سيدفع أيّ رفع لسعر الفائدة من البنك المركزيّ الأوروبيّ حتّى عام 2023.
 
(أ ف ب)
 
محافظو البنوك المركزيّة في أوروبا يرسلون بالفعل إشارات تشاؤميّة. وفي الولايات المتّحدة، قد يدفع هذا السيناريو التضخّم العام إلى 9 في المئة في آذار، ويبقيه قريباً من 6 في المئة بحلول نهاية العام. في الوقت نفسه، من شأن المزيد من الاضطرابات الماليّة وضعف الاقتصاد، (ويرجع ذلك جزئيًّا إلى الانكماش الأوروبي)، أن يترك بنك الاحتياطيّ الفيدراليّ في حالة تضارب. 
 
 
السيناريو 3: قطع الغاز
 
في مواجهة العقوبات القصوى من الولايات المتّحدة وأوروبا - مثل توقيف النظام السريع للمدفوعات الدوليّة - قد تردّ روسيا بإيقاف تدفّق الغاز إلى أوروبا.
 
لكن وفق محلّلي "بلمبرغ"، "هذه نتيجة بعيدة المنال". لم يفكر مسؤولو الاتّحاد الأوروبيّ في الأمر، العام الماضي، عندما أجروا محاكاة لـ19 سيناريواً لاختبار الضغط على أمن الطاقة في الاتّحاد. ومع ذلك، يقدّر البنك المركزيّ الأوروبيّ أنّ صدمة تقنين الغاز بنسبة 10 في المئة، قد تخفّض الناتج المحلّي الإجماليّ في منطقة اليورو بنسبة 0،7 في المئة.
 
لكنّ زيادة هذا الرقم إلى 40 في المئة - حصّة الغاز في أوروبا، التي تأتي من روسيا - يعني ضمناً ضربة اقتصادية بنسبة 3 في المئة. وقد يكون الرقم الفعليّ أعلى بكثير، بالنظر إلى الفوضى التي من المحتمل أن تُحدِث أزمة طاقة غير مسبوقة من هذا القبيل. وقد يعني ذلك الركود، وعدم قيام البنك المركزيّ الأوروبيّ برفع أسعار الفائدة في المستقبل المنظور.
 
بالنسبة إلى الولايات المتّحدة، ستكون صدمة النموّ كبيرة أيضاً. وقد تكون هناك عواقب غير مقصودة من العقوبات القصوى التي تعطّل النظام الماليّ العالميّ، مع تداعيات على البنوك الأميركيّة. وسوف يتحوّل تركيز الاحتياطيّ الفيدراليّ إلى الحفاظ على النموّ. ولكن إذا أدّت الأسعار المرتفعة إلى ترسيخ توقّعات التضخّم بين المستهلكين والشركات، فإنّ ذلك من شأنه أن يثير أسوأ سيناريو للسياسة النقدية: الحاجة إلى التشديد بقوة حتّى في ظلّ اقتصاد ضعيف.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم