التخطيط منطلقاً للحل في لبنان

علي عيديبي  إن ما نعيشه اليوم في لبنان ما هو إلا نتيجة ما خططنا له ونفّذناه في عقود مضت أو سنوات على أقل تقدير. هكذا تدار الأمور كلها ومنها الأمور الوطنية والحكومية كما الأعمال والشركات وحتى على المستوى الشخصي؛ فببساطة تامة ومن وحي موسم الصيد الذي نعيشه، إذا سألنا أي صياد طيور ماهر عن سر مهارته بالصيد لقال إنه يتوقع حركة الطير أمامه ومن ثم يطلق عياره على المسار المتوقع فيصيب الهدف؛ ولأضاف أنه لو صبّ تركيزه على موقع الطير الآني لوصل الطلق متأخراً عن هدفه ولانكتب للطير عمرٌ جديد. تلك هي طرق استهداف كل ما هو متحرك، فقياساً على ذلك، وطبعاً على قاعدة النسبة والتناسب وصعوداً من المستوى الشخصي الى المستوى المجتمعي والمؤسساتي وصولاً الى الوطني والدولي، نجد أن حوكمة الدول هي في أعلى سلّم الوجود، وبالتالي يلزمها أعلى مستوى من التخطيط والإستشراف، خصوصاً أن القاعدة تلك هي لكل ما هو متحرك ومتغير، ولا يسعني التفكير بما هو أكثر حركة وديناميكية من الاقتصادات الوطنية لدول الكرة الأرضية التي ينتج منها إقتصاد عالمي يؤثر ويتأثر بها فيصبح السبب والمسبّب في آن. للمصادفة كان لي حديث شيّق مع أحد اصدقائي وهو مدير قسم التصميم لأحد أهم منتجي السيارات الأوروبية، حيث طلبت منه ممازحاً أن يطلعني على تصميم لإحدى سياراتهم لسنة 2022، فأجابني بأنه لا يملكها حالياً و أنها في أرشيفه كونه يعمل الآن على تصميم السيارة لسنة 2030. بالنظر إلى واقعنا اللبناني، نجد أن أحد أهم أسباب فشلنا في إدارة الدولة (عدا عن الطائفية السياسية وغيرها من الآفات) هو غياب التخطيط واستشراف المستقبل والبناء عليه، حتى أننا قمنا، وبذكاء عارم، بإلغاء وزارة التخطيط! وهذا تفصيل، إذ يغيب مبدأ التخطيط وخلق السياسات الإقتصادية والتطويرية عن أي وزارة أكانت على "قياسهم" سيادية او على "قياس حساباتهم"خدماتية. إن التخطيط والإعداد المقرون بالإدارة السليمة هو بالتأكيد العنصر الأهم في نجاح الدول وازدهار مجتمعاتها، وهذا هو جوهر عمل الحكومات. يرتبط هذا التخطيط إرتباطاً...