الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

المشروع الأميركي لاستجرار الطاقة إلى لبنان... المسار والتحدّيات

المصدر: النهار
تعبيرية (أ ف ب).
تعبيرية (أ ف ب).
A+ A-
بعد إعلان الإدارة الأميركية مساعدة لبنان على استجرار الطاقة الكهربائية، طرحت أسئلة عملانيّة  في ما يتعلّق بالشقّ التقنيّ والوقت الذي قد تستغرقه إعادة تأهيل إمدادات الغاز بين لبنان وسوريا، والعقبات التي تحول دون تنفيذ هذا المشروع.

المشروع يقضي بإيصال كمّيات من الغاز المصريّ إلى الأردن، حيث سيجري إنتاج طاقة كهربائيّة لصالح لبنان، تُرسل في وقت لاحق إلى الأراضي اللبنانية عبر شبكة تربط هذه البلدان، وتمتدّ من الأردن إلى لبنان عبر سوريا. كذلك، سيجري تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى لبنان.

وتشرح الخبيرة في النفط والغاز، لوري هايتيان، في حديث لـ "النهار"، أنّ "الغاز المصري الذي من المفترض أن يمرّ عبر الأنابيب، يواجه مشكلتين: الأولى سياسية والثانية تقنية".

في الشق السياسي، "يواجه مرور الغاز عبر سوريا قانون قيصر. فإذا ما قرّرت وزارة الخزانة الأميركيّة منح لبنان إعفاءً خاصّاً، والسماح له بتخطّي هذا القانون لاستجرار الغاز، يكون لبنان قد تخطّى العقبة الأولى".
وتُضيف هايتيان أنّ في السياسة أيضاً، هناك عقبة أخرى "هي العقبة السورية؛ فإن لم تستفد الدولة السورية من كلّ هذه العملية على مستويات مختلفة، فما الذي يدفعها إلى إعطاء موافقتها على مرور الطاقة عبر أراضيها؟ لذلك قد لا تقبل سوريا باستجرار الطاقة عبرها إلّا ضمن اتّفاق معيّن تُبرمه مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع الأردن في هذا الإطار".
 
أمّا في الشق التقني، فتؤكّد هايتيان أنّ "هناك مشكلة في أنابيب إمدادات الطاقة الممتدّة بين لبنان وسوريا، التي جرى استهدافها خلال الحرب؛ لذلك، هي بحاجة إلى إعادة تأهيل وإصلاح. ويكمن البحث هنا عن الجهة التي ستتولّى تصليحها وتمويلها، وعن إمكانية تأثير هذه الأعمال في سعر الغاز".

وفي الوقت الذي تشير فيه الخبيرة إلى الحديث عن تولّي البنك الدولي الجزءَ الفنيَّ والماليَّ من هذا المشروع، تلفت إلى أنّ "الأمر لا يزال غير واضح، وقد يكون تمويل المشروع على شكل قروض من البنك الدولي لإعادة تأهيل هذه الأنابيب لكونها من البنى التحتيّة التي يتكفّل بها".

لذلك، إذا تذلّلت العقبات السياسية، وبدأ العمل جدّياً وعمليّاً على المستوى التقنيّ، ترى هايتيان أنّه سيكون من الأجدى توسيع رقعة امتداد الأنابيب هذه لتصل إلى معامل الإنتاج كلّها، حتى تستفيد محطات الكهرباء الأخرى من الغاز، لنُتِمّ بذلك مشروع إنتاج الكهرباء بالغاز، وبتكلفة أقلّ وبتلوّث بسيط.

وعن الوقت الذي قد تستغرقه إعادة تأهيل أنابيب الغاز، تقول هايتيان إنّه "بالمقارنة مع الوقت الذي سيستغرقه وصول النفط الإيراني، من المؤكّد أن ناقلة النفط الإيرانية ستصل قبل الغاز والكهرباء وبسرعة أكبر من المشروع الذي تحدّثت عنه السفيرة الأميركية".

لكن من المفترض ألّا تستغرق أعمال إعادة تأهيل الأنابيب وقتاً؛ فمدّ الأنابيب لا يحتاج إلى وقت، إنّما الآليّات الأخرى من إدارية وحكومية بين البلدين، والمفاوضات على سعر الغاز، وإيجاد جهة التمويل التي تتكفّل التصليح، هي التي تأخذ وقتاً"، وفق نظرة هايتيان.

أمّا استجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا، فيتطلّب، وفق الخبيرة رفع قدرة شبكات الكهرباء المحليّة، الضعيفة أساساً، لكي تستوعب الكهرباء التي ستأتي من الأردن، و"هذا الأمر يبقى أسهل من إعادة تأهيل أنابيب الغاز، بالرغم من أن العقبة السياسية تبقى في المشروع على المستوى السياسي".
وعن تحويل معامل الكهرباء في لبنان لإنتاج الطاقة من الغاز بدل الفيول، تُجيب هايتيان بأنّ لدى لبنان محطّات كهرباء قادرة على العمل على الغاز، وهي حوالَي 4، كما أنّها تعمل على الفيول. ومحطة دير عمار قادرة على العمل على الغاز، لكن المحطّات الأخرى بحاجة الى بنى تحتيّة لإمداد لبنان بالغاز، لتعمل على هذه المادة. وفي خطّة وزارة الطاقة المتكاملة، إقرار بأنّ جميع المحطّات الإضافية ستُبنى لزيادة القدرة على التغذية. لذلك، فإن استجرار الطاقة من مصر والأردن عبر سوريا يحتاج إلى العمل على الشبكات والأنابيب، وإلى اتفاقيّات سياسية".

لكن على المستوى القانوني، كيف يُمكن السير بقرار الإدارة الأميركية، الذي سيسمح للبنان باستجرار الطاقة عبر سوريا، في ظلّ قانون قيصر الذي تستهدف به سوريا وكلّ مَن يتعامل معها؟

يوضح رئيس مؤسّسة "جوستيسيا" الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ "النهار" أنّ "قانون قيصر كسائر قوانين العقوبات الأميركية يتضمّن إجازات waivers، من شأنها إعطاء بعض الدول المستفيدة إعفاءات من القانون لسببٍ استراتيجيّ حيويّ ومبرَّر. لكن القرار بهذا الشأن يعود إلى تقدير واستنسابية الإدارة الأميركية، حيث إنّ الرئيس الأميركي، بحسب بنود قانون قيصر، يُمكن أن يتنازل عن تطبيق أيّ حكم من أحكامه إذا اتّفق مع الكونغرس الأميركي على أنّ هذا التنازل يصبّ في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. على أنّ هذا الاستثناء، وإن مُنح، فهو لفترة محدودة فقط، قابلة للتجديد إذا ما ارتأت الإدارة الأميركية ذلك".

وفي التحليل، يقول مرقص: "قد يكون التوجّه الأميركي إلى إعطاء هذه الإجازة للبنان لكي يستفيد من استجرار الغاز والكهرباء، لاسيّما في ظلّ انتفاء مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، إذا ما اعتمد لبنان على خدمات تأتيه من قوات معادية للسياسة الأميركية لمدّه بالموادّ الحيوية، وهو الأمر الذي تريد أن تتفاداه ربما عبر إجازة مماثلة".

لكن "دون ذلك عقبات أخرى"، بحسب مرقص الذي يسأل في هذا الإطار: "هل ستسمح الدولة السورية بتنفيذ هذا المشروع في أماكن سيطرتها؟ وبأيّ مقابل؟ وهل الإمدادات بين سوريا ولبنان صالحة أم تحتاج إلى إعادة تأهيل وإصلاحات وخدمات مرافقة؟".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم