الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

استراحات الليطاني تنشط رغم انهيار الليرة... لكن أزمة البنزين لم تكن في الحسبان!

المصدر: النهار
فرح نصور
من استراحات الليطاني.
من استراحات الليطاني.
A+ A-
 
لا تسجيل أرباح، والعمل هو بهدف الاستمرارية. كلمات مشترَكة بين بعض أصحاب استراحات الليطاني، تختصر واقع أحوالهم وأعمالهم في ظل الأزمة الراهنة، التي شكّلت ضربة قوية للمؤسسات السياحية، لا سيّما الصغيرة منها. أزمة البنزين والمازوت وما تلاها من عدم توافر كهرباء وعدم تمكّن الزبائن من الوصول إلى هذه الأماكن، شكّلت ضربة موجِعة لأصحاب الاستراحات، إلى جانب طبعاً ارتفاع أسعار السلع الغذائية الهائل. ما هو واقع استراحات الليطاني مع بداية الموسم الصيفي؟
 
"نعمل بصعوبة و"بطلوع الروح" وليس هناك تسجيل أرباح مطلقاً في ظل أزمة الدولار الراهنة"، بهذه الكلمات عبّر صاحب "استراحة الجنوب" في قرية زوطر الشرقية في قضاء النبطية في الجنوب، نعيم إسماعيل، عن العمل حالياً.
 
تسعيرة حجز طاولة بستة كراسٍ لديه تبلغ 50 ألف ليرة لليوم، وإذا ما احتسبناها على الدولار، لا تساوي شيئاً والزبائن بغالبيتهم يجدون أنّ هذا السعر هو رخيص جداً، يقول إسماعيل. إلّا أنّ الأمر لا يخلو مِمَّن يطلبون منه أن يراعيهم في السعر. وأكثر الزبائن لديه يستأجرون طاولة لليوم ويفضّلون الإتيان بجميع مأكولاتهم معهم.
 
ومع بداية هذا الموسم، يجد إسماعيل أنّ الحركة ما زالت خفيفة، فالعام الدراسي لم ينتهِ بعد، وحالياً، تشهد الاستراحة زحمة كبيرة يوم الأحد. 
"غلاء أسعار جميع السلع ينهكنا"، وفق إسماعيل. وتقلّباتها تصعّب مثلاً توفير كانون الفحم للنراجيل ولشوي المأكولات، فيما تُعدّ هذه العمليات من أساسيات جلسات النهر، فتقديم كانون فيه 2 كيلوغرام من الفحم للشوي يبلغ 30 ألف ليرة.
ويشتكي إسماعيل من الشح في مادة المازوت لتوفير الكهرباء للمولّدات، وبشكل أساسي لبرادات اللحوم والمواد الغذائية، والإنارة، "هي فعلاً مشكلة كبيرة". وإزاء هذا الواقع، بات يقنّن أوقات عمل المولّد لديه ويعتذر من الزبائن للإقفال باكراً ليلاً بسبب وجوب إطفاء المولّد لعدم توافر المازوت. 
 
ومن الصعب تسجيل أرباح في هذه الظروف، "وما نجنيه يكفي مصروف شهرٍ للاستراحة ليس أكثر، لكن نحمد الله أنّ العقار هو مِلكنا وأنا وإخوتي نعمل في الاستراحة وليس لدينا نفقات رواتب لموظفين، إذ لو كان لدي هذه النفقات لما استطعت الاستمرار طبعاً"، على ما يروي إسماعيل. إلّا أنّ العمل في الاستراحة يستدعي شراء جميع السلع الغذائية التي ارتفع سعرها أكثر من جميع السلع الأخرى وبشكل هائل. 
 
بالانتقال إلى قرية بدياس في قضاء صور في الجنوب، يقول صاحب "استراحة الياسمين"، علي دياب، "نحن نعاني من الغلاء الذي أثقل كاهلنا وكاهل الناس جميعاً، لكن نحاول التأقلم مع الظروف قدر المستطاع".  
 
يبلغ ثمن دخول الاستراحة 10 آلاف ليرة للشخص الواحد كباراً وصغاراً، ويوجد فيها مسبح للأولاد لكن لا يغيّر ذلك من رسم الدخول، و"مع ذلك الناس تعنّ"، يشير دياب. ويضيف أنّ مجموع الرسوم اليومية لا يساوي ثمن المازوت، فتعبئة المسبح تستوجب عمل مولّد الكهرباء لـ 12 ساعة متواصلة، ويضطرّ لأن يشتري المازوت من السوق السوداء بـ 40 ألف ليرة للصفيحة.
 
ويشير دياب إلى أنّ الحركة لديه في بداية هذا الموسم "بدأت جيدة جداّ"، ويوضح أنّ الاستراحات جميعها تقريباً "تفوّل" يوم الأحد. وخلال الأسبوع، تشهد استراحته حركة أيضاً، إنّما الزحمة تكون في أيام الجمعة والسبت والأحد. ويمكن الناس إمّا طلب المأكولات من مطعم الاستراحة أو الإتيان بها معهم. لكن حتى الآن، لم تظهر بعد حركة مغتربين قوية لديه، باستثناء قلّة قليلة. 
 
وعن إمكان تسجيل الأرباح، يفيد دياب أنّه "لا نجني الأرباح طبعاً، إذ لدينا نفقات رواتب موظفين وإلى ما هنالك، لكن الحمد لله عايشين والزبائن سعداء"، ولا يعتقد أنّه يمكنه الاستمرار بالعمل إذا ما ارتفع سعر الدولار بعد عمّا هو عليه اليوم. ويذكر أنّ هناك مشكلة استجدّت أيضاً الآن وأثّرت أيضاً على العمل، وهي أزمة البنزين التي تحول دون مجيء الناس من خارج الجنوب من بيروت والبقاع، فهم يقصدونه لأنّ أسعار استراحته رخيصة. 
 
بالوصول إلى البقاع الغربي، يشرح صاحب "استراحة الشواغير" في قرية قليا في البقاع الغربي، محمد عبد الله، واقع العمل في هذه الظروف بالقول:"لا أرباح أبداً، ونحن فتحنا هذا الموسم فقط للحفاظ على زبائننا". 
 
لم يغيّر نوعية مأكولاته، ويشتريها جميعها على سعر الدولار اليومي لكنّه حرص على أن تبقى تسعيرة الشخص مقبولة وهي حوالي 85 ألف ليرة وتتضمّن غداء كامل مع تحلية ومشروبات ساخنة وباردة ومشاوي باستثناء اللحم.
 
ويشير عبد الله إلى أنّه حافظ على جودة مأكولاته إذ لا يمكنه تغييرها لأنّ استراحته مقصودة من جميع المناطق اللبنانية، ولو أنّ المنطقة بعيدة، إذ يأتونه الناس من بيروت والبقاع والجنوب كلّه وجبيل، لكن بات هناك صعوبة لوصولهم هذا العام من جراء أزمة البنزين الراهنة. لهذا، عدد كبير من الزبائن يحجزون ومن ثمّ يلغون حجوزاتهم لعدم توفّر البنزين، ما يؤّثر سلباً على العمل. لكن حتى الآن الحركة لديه جيدة، مع ملاحظة ارتياد بعض المغتربين لاستراحته.
 
معظم زبائن عبد الله يطلب المأكولات من مطعم الاستراحة، أمّا الباقون فيأتون بمأكولاتهم ويستأجرون طاولة بـ 10 آلاف ليرة للشخص الواحد، إضافة إلى كلفة فحم النرجيلة. 
 
وعن مدى قدرته على الاستمرارية في هذه الظروف، يفيد عبدالله أنّ أرض مشروعه هي ملكه، ما يوفّر عليه نفقات إضافية، بينما "الأرباح هي شبه غير موجودة، لكن يبقى الأمر كذلك أفضل من الإغلاق لكي نستمر". وثمّة عامل إيجابي في المنطقة بحسب عبد الله، هو أنّ الكهرباء تنقطع لساعتين يومياً فقط. لذا، فهو لا يعاني من أزمة المازوت لتوفير الكهرباء، "لكن ما هو مهم هو أنّنا نغطي مصاريفنا ورواتب الموظفين".  
 
وتزدحم الحركة في أواخر الأسبوع وتخف بطبيعة الحال في منتصفه، وبرأيه "لا يمكن توقّع وضع الموسم كيف سيكون، فالعام الدراسي لم ينتهِ إلى جانب أزمة البنزين، وبالطبع لن يعوّض هذا الموسم سابقه الذي ترافق مع إقفال البلاد". 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم