"إنهم يحبّون الهدايا الغالية"... كيف تجعل طفلك يقدّر قيمة المال خلال الأزمة الاقتصادية الراهنة؟

تعامل الأهل مع طفلهم وتربيته بشكلٍ سليم ليس بالأمر السهل، فكيف إذا حلّت أزمة اقتصادية قاهرة كالتي يعيشها اللبناني، وجعلت الأطفال يطلبون الكثير ولا يحصلون سوى على القليل، إذا حصلوا عليه، بسبب تراجع قدرة ذويهم على شراء ما يرغبون فيه كالسابق. ومع حلول يوم الطفل العالمي في هذه الأوضاع، ومع اقتراب الأعياد، نسأل، كيف نتعامل مع الطفل خلال الأزمة الاقتصادية، وما السبل لجعله يقدّر قيمة المال، ويجيد ترشيد الإنفاق؟
 
أفكار لتثقيف طفلك حول وضع الأسرة المادي خلال الأزمات الاقتصادية:
 
ينصح موقع "Green path" المختصّ في تمكين الناس ليعيشوا حياة صحية من الناحية المالية، بتثقيف أطفالك حول المال خلال الأوقات الصعبة عبر تطبيق الأفكار التالية: 
 
- اشرح الوضع لطفلك بطريقة بسيطة.
 
- اجعل المحادثات إيجابية. سيكون الجميع متوترين بشأن المجهول. سيساعدهم الحفاظ على عقلية إيجابية في تجنب التوتر.
 
- إنشاء ميزانية مصغرة. وجّه عائلتك نحو ذلك بحيث يكون كلّ شخص على الموجة نفسها. ربما يمكنك نشر الميزانية على الثلاجة وتحديثها يوميًا.
 
- امنح الأطفال القوة في الميزانية. امنحهم خيارات حول الأنشطة المهمة بالنسبة إليهم. هذا يجعلهم يشعرون أنّهم يساهمون.
 
- حاول أن تحافظ على الشيء نفسه يومًا بعد يوم. ما زال في إمكانك الاستمتاع بسهرة عائلية مسلّية. قد يكون مجرّد عشاء مطهو في المنزل وليلة لعب، بدلاً من مطعم وفيلم في المسرح. 
 
- قم بعصف ذهني لبعض الأنشطة المجانية للقيام بها معًا.
 
- ضع في اعتبارك السماح للطفل الأكبر سنًا بالمراقبة أثناء سداد الفواتير حتى يتمكّن من التعلّم بشكلٍ مباشر.
 
- اجعل المدخرات لعبة. أجرِ مسابقات أسبوعية لمعرفة من يمكنه العثور على أفضل سعر لمحال البقالة أو تذاكر السينما.
 
- حاول ألّا تجعل الصراعات المالية سبباً للجدال، فهي صعبة على العائلات. بدلاً من ذلك، اجعله وقتًا لتقريب العائلة من خلال العمل معًا.
 
وبحسب مقالٍ نُشر في موقع " Psychalive" الذي يُعنى بالصحة النفسية، يمكن التحدث إلى طفلك حول قضايا، مثل الأزمة الاقتصادية الراهنة، من دون أن تسبّب قلقًا له، وذلك باتباع هذه الاقتراحات: 
 
- عند مناقشة مواضيع صعبة، من المهمّ التحدّث بوضوح وهدوء وثقة. كن حساسًا لردود فعل أطفالك العاطفية تجاه ما تقوله. شجع أطفالك على التحدث أثناء المناقشة حول ما يفكّرون فيه ويشعرون به. يجب أن تكون هذه محادثة بينكما؛ ليست محاضرة منك.
 
- اشرح الوضع الاقتصادي بعباراتٍ بسيطة يمكن للأطفال فهمها. تأكّد من أنّ تفسيراتك مناسبة للعمر.
 
- اشرح كيف يصعب أحيانًا كسب المال أكثر من الأوقات الأخرى، وفي الأوقات الصعبة يكون من الجيّد أن ندرك أنّ هناك أشياء كثيرة إلى جانب المال تعتبر مهمة في العالم، وهذه الأشياء مجانية.
 
- تحدّث بشكلٍ شخصي عمّا تقدّره في حياتك "لا يمكن شراء هذا المال".
 
- اطلب من أطفالك التحدّث عن الصداقات والأنشطة التي يستمتعون بها، وأشِر إلى أنّها موجودة سواء كان لديك المال أم لا.
 
- تأكّد من أنّهم يعرفون أنّ قيمتهم لا تعتمد أبدًا على مدى ثرائهم أو فقرهم، ولكن من هم كأشخاص. هذه فرصة لتعليم أطفالك قيمة المال وكيف يأتي من العمل الجاد.
- أخبر أطفالك أنّ كلّ شخص في البلد يعمل معًا لإصلاح الوضع الحالي وتحسينه.
 
- أظهر لهم أنّه يمكنهم المساعدة أيضًا. كلّما شعر أطفالنا أنّهم ليسوا بمفردهم، وأنّهم جزء من مجتمع يتدخّل ويمدّ يد المساعدة، يصبحون أقل عزلة وخوفًا.
 
- اجعل طفلك يساعدك في التبرّع بالملابس والألعاب القديمة للجمعيات الخيرية (عندما يكون ذلك ممكنًا)، وتطوّع في المناسبات المجتمعية وصداقة العائلات التي تكافح ماليًا. يمكنك أن تقدّم لأطفالك منظورًا جديدًا من خلال تعليمهم أهمية مساعدة الأشخاص المحتاجين، إضافة إلى أهمية قبول المساعدة عندما تكون في حاجة إليها.
 
الطفل والمأساة المادية
 
تعتبر المعالجة النفسية، ماري شاهين، أنّ لكلّ عمر خصوصية وطريقة تواصل معيّنة في ما يتعلّق بالإقناع وفهم الأمور. لكن بشكلٍ عام، وابتداء من سن الرابعة وما فوق، الأمر الأهم خلال الأزمات الاقتصادية هو ألّا يتحول عبء الوضع الاقتصادي في المنزل إلى مأساة تنعكس على الطفل، ويمكن القول له أنّه يصعب شراء هذا المنتج الآن وسنشتريه عندما نكون قادرين مادياً. 
 
كما أنّه من الضروري ألّا يتمّ الحديث عن المأساة المادية أمام الطفل وعدم التذمّر والشكوى.
 
وتسدي شاهين مجموعة نصائح لإقناع الولد بضرورة الحرص على المال وتفهّم الوضع المادي الراهن، عبر النقاط التالية:
 
-لدى وجوده في السوبرماركت مثلاً، يمكن الأم أن تشرح لطفلها أنّها غير قادرة على شراء لوح الشوكولا الغالي الثمن، وفي إمكانها شراء لوح آخر أرخص.
 
-واجب على الطفل أن يستوعب أنّه لن يحصل على جميع الأشياء التي يريدها، في الوقت الراهن، وهنا دور الأهل أن يشرحوا له بأنّ هناك تغييرات طرأت على مشترياته.
 
-أمّا المراهق، فيمكن التعاطي معه بشكلٍ واقعي تماماً، أي الاكتفاء بإعطائه مصروفه الأسبوعي، وإعلامه أنّ والده غير قادر على إعطائه المزيد، فالمراهق قادر على أن يتفهّم ويستوعب أكثر. 
 
-من الخطأ حرمان الطفل نهائياً ممّا يطلبه. والآن، مع قدوم الأعياد، من الضروري جداً أن يحصل الطفل على هديته. وعلى الأهل تقديم هدية ضمن ميزانيتهم مع الشرح للولد أنّ هذه السنة بابا نويل ليس لديه ما يكفي من المال ليشتري له ما يريد إنّما سيشتري له شيئاً آخر. أمّا إذا أصبح في عمرٍ أكبر، فيمكن للأهل إقناعه بأنّ هذا العام هم غير قادرين على شراء الهدية التي طلبها، لكن يمكنهم شراء هدية بثمن أقل.
 
-يمكن الاكتفاء بتقديم هدية رمزية إذا كان الولد في سن المراهقة، ويمكن تنظيم سهرة عائلية، والشرح للأطفال بأنّه بمقارنة بين المال والعائلة، هذه الأخيرة هي الأهمّ وأنّ الاجتماع معاً هو شيء جميل، ويمكن اللجوء الى أفكار بسيطة لخلق جو من الفرج في المنزل (ألعاب فكرية ومسابقات، موسيقى، رسم وتلوين...). 
 
-لدى طلب الولد الملِحّ شراء لعبةٍ باهظة الثمن، بدافع الغيرة من رفاقه، تشرح شاهين أنّ سعي الأهل لعدم شعور أطفالهم بأيّ نقص عن رفاقهم هو خاطئ جداً. فمن المهم أن يعتاد الولد القناعة، مثلاً يمكن تبرير عدم شراء هذه اللعبة بالتالي: "أنا لم اشترِ لك هذه اللعبة ليس بسبب عدم توافر المال، إنّما لأنّها قد تلهيك عن إتمام دروسك، لكن يمكنني أن اشتري لك ما يفيدك أكثر".
 
 
-من المهمّ جداً بثّ شعور السعادة داخل العائلة، والعمل على تحقيق ذلك وإن لم يتوافر المال، فالانبهار بالأمور المعنوية أهمّ بكثير من الانبهار بالأمور المادية، والأولاد بحاجة قصوى إلى الأمور المعنوية. لكن في عصرنا، أصبح تقديم المادة للطفل هو تعويض عن عاطفة الأهل له، بينما الحب الحقيقي هو في الوقوف الى جانب الطفل، وعدم لومه إذا رسب في المدرسة وتوفير الحنان له.  
 
-على الأهل أن يشرحوا لطفلهم أنّهم بحاجة إلى وقوفه بجانبهم في الظروف الصعبة، وتوفير جو حوارٍ دائم مع الولد، ويتمكّن المراهق يذلك من أن يكون عاملاً مساعداً للأهل في الظروف الاقتصادية الصعبة.
 
-في ظل انتشار جائحة كورونا، ترى شاهين أنّ من أصعب الأمور التي حدثت هي إلزام الأطفال بالبقاء من المنزل. فبقاؤهم في المنزل هو ضرر لهم، وهم في أحيان كثيرة لا يستوعبون ماذا يعني كورونا وطريقة انتقاله، إذ انقلب نظام حياتهم كلّها ولا روتين يومياً يريحهم كروتين المدرسة. لذا يجب اصطحابهم في جولة في السيارة، أو للتنزه في الهواء الطلق، أو إلى بيت الضيعة في الطبيعة. بالإضافة إلى وجوب ابتكار الأهل لنشاطاتٍ مجتمعية وترفيهية للقيام بها مع الطفل في المنزل، وأن يلعبوا معه.