السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

هل المسافة والموقع يؤهّلان مرفأ بيروت بعد طرابلس لتفريغ وتخزين البضائع الأوكرانية المنقولة إلى البحر الأسود؟

المصدر: "النهار"
مرفأ بيروت.
مرفأ بيروت.
A+ A-
رولى راشد
 
مع بدء الاقتصاد العالمي مرحلة التعافي من تداعيات انتشار وباء كورونا الذي قلب استراتيجيات قطاعات عالمية مختلفة، اندلعت الحرب الأوكرانية الروسية وطالت شظاياها معظم الدول، مقدّمة مسألة الأمن الغذائي على ما عداها من أمور.
 
وبات معلوماً أن طريق إيصال الغذاء معبّد بالمخاطر مع إقفال مرافئ وتهديد أمن أخرى، فيما أعلنت أحواض مرافئ جهوزيتها لاستقبال السفن المحمّلة والمعدّة لإعادة الشحن.
 
نتيجة الأعمال الحربية تراكمت السفن في البحر الأسود، وبدأت بعض شركات الملاحة بتفريغ بضائع الحاويات برسم أوكرانيا في مرافئ خارجية متعدّدة، والبعض لفت الى أن مرفأ طرابلس في شمال لبنان واردٌ ضمناً بالنسبة للبضائع المنقولة على الخطوط الملاحية المباشرة بين الصين والشرق الأقصى عبر قناة السويس الى شرق المتوسّط وصولاً الى موانئ البحر الأسود.
 
ما انعكاس هذه الحرب على حركة الشحن البحري العالمي؟
 
هل من دور لمرفأي طرابلس وبيروت في هذه الفترة؟
ما انعكاس ارتفاع أسعار النفط على حركة وأجر الشحن البحري؟
 
 
يقول رئيس الغرفة الدولية للملاحة في مرفأ بيروت إيلي زخور لـ"النهار": "أدى الهجوم الحربي الروسي على أوكرانيا إلى إغلاق المرافئ الأوكرانية في البحر الأسود أمام الملاحة البحرية العالمية، والى اضطرار البواخر المحمّلة بالحاويات والبضائع برسم التفريغ في هذه المرافئ الى تغيير مسار إبحارها وتفريغها في مرافئ بلدان أخرى في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط. وقد أبلغت شركات الملاحة العالمية زبائنها تعليق تعاملها مع المرافئ الأوكرانية حتى إشعار آخر.

ودفعت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي على روسيا، بأغلبية شركات للملاحة العالمية إلى اتخاذ قرار عدم التعامل مع المرافئ الروسية، وإلى إبلاغ عملائها تعليق تعاملها مع هذه المرافئ حتى إشعار آخر. 

وأفادت البيانات الأخيرة الصادرة عن أهم شركات الملاحة العالمية التي تحتلّ المراتب العشر الأولى في العالم بسعة أساطيلها التجارية والتي تقدر بأكثر من 82%من سعة الأسطول التجاري العالمي البالغة أكثر من 25.500 مليون حاوية نمطية، أنها فرّغت الحاويات التي كانت مشحونة على بواخرها وهي برسم التفريغ في المرافئ الأوكرانية أو الروسية، في مرافئ مصرية وتركية ويونانية وإيطالية، ولم تذكر هذه الشركات في بياناتها أنها فرّغت هذه الحاويات في أي مرفأ لبناني حتى اليوم. 

أما عن إمكان اعتماد مرفأي طرابلس أو بيروت لتفريغ بضائع الحاويات برسم أوكرانيا أو روسيا، فإن شركات الملاحة العالمية تفضّل تفريغ هذه الحاويات المشحونة على بواخرها في المرافئ التي تؤمّها بصورة دورية عبر خطوطها البحرية المنتظمة في البحر المتوسط والبحر الأسود، توفيراً للوقت والمال. 
 
فاختيار مرفأ جديد لتفريغ بضائع الحاويات برسم أوكرانيا أو روسيا، يعني رحلة إضافية الى المرفأ الجديد، وأيضاً مصاريف مالية إضافية تتمثل بالتكلفة المالية لهذه الرحلة، ولا سيما مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز، ومصاريف الباخرة في المرفأ الجديد".
 
وعن ارتفاع قيمة رسوم الشحن يوضح زخور أن "من المعروف أن روسيا من أكبر الدول المصدّرة للنفط والغاز في العالم، وجاءت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي على روسيا لترفع أسعار هاتين المادتين بنسبة كبيرة وغير مسبوقة، ما أدّى ارتفاع أجور الشحن البحري بصورة قياسية، كما أن استمرار الأعمال الحربية بين الدولتين أدّى ايضاً إلى ارتفاع رسوم التأمين على البواخر والبضائع المتوجّهة الى مرافئ البلدان الواقعة على البحر الأسود.
 
وتجدر الإشارة إلى أن تركيا تحوّلت خلال الأعوام الخمسة الماضية الى شريك تجاري رئيسي للبنان.
فتركيا دولة صناعية وزراعية بامتياز وقريبة جداً من لبنان، وبالتالي، فإن أجور الشحن البحري من تركيا الى لبنان متدنّية جداً مقارنة مع أجور الشحن من المرافئ الأوروبية والشرق الأقصى والولايات المتحدة الأميركية... لذلك أصبحت الأسواق اللبنانية تعجّ بالبضائع التركية التي هي الأرخص من البضائع المستوردة من بلدان أخرى.
 
ولكن بكل أسف، اشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، اللتين هما من الدول الرئيسية المصدّرة للقمح والحبوب والزيوت، دفع بتركيا الى وقف تصدير كافة المواد والسلع الغذائية الى الخارج، ما أدّى إلى حرمان الأسواق اللبنانية من البضائع والسلع التركية. لذلك اضطرّ التجّار اللبنانيون الى التفتيش عن بلدان أخرى لاستيراد هذه المواد والسلع، بالإضافة إلى القمح والزيوت والبنزين والمازوت والغاز المنزلي، ولكن بأسعار أغلى وأكبر ممّا كانوا يدفعونه الى المصدّرين في تركيا وأوكرانيا وروسيا". 
 
 
من جهته، رئيس نقابة الوكلاء البحريين في لبنان مروان اليمن يرى "أن الانعكاسات الاقتصادية للحرب بين روسيا وأوكرانيا أرخت بثقلها على سلاسل التوريد العالمية، بضائع ونقلاً، ونتج عنها ارتفاع في أسعار بعض المواد وندرة في توافرها ريثما يتم تأمين شحنات من مصادر جديدة في معظمها بعيدة جغرافياً عن لبنان، أو ذات أكلاف إضافية بالنسبة للسوق اللبناني. 
 
وفي هذا السياق، تعرّضت حركة التجارة العالمية عبر البحر الأسود لضرر كبير لأن جميع الموانئ الأوكرانية أصبحت خارج الخدمة، وتعطلّت أيضاً الملاحة في بحر آزوف المؤدّي الى بعض المرافئ الروسية.
 
من جهة أخرى، أعلنت شركات ملاحية عديدة وقف كامل رحلاتها مع الموانئ الروسية، مع تسجيل الأسواق العالمية حالة من الامتناع الطوعي عن التعامل مع الموردين في روسيا خشية عقوبات اقتصادية معلنة وأخرى قد يعلن عنها تباعاً".
 
ويقول لـ"النهار": "إن قصر المسافة مع أوكرانيا وموانئ البحر الأسود يجعل لبنان في موقع متميّز من حديقة غذائية غنيّة للحصول على بضائع أساسية بأسعار نقل منافسة، على بعد أربعة الى خمسة أيام إبحار فقط، وعبر سفن صغيرة ومتوسطة الحجم متوفرة بكثرة في منطقتنا مقارنة بمصادر البضائع البديلة المشحونة عبر المحيط الأطلسي أو من شبه القارة الهندية والشرق الأقصى مروراً بقناة السويس، حيث سيتضاعف وقت الإبحار وأجور الشحن.
 
وكحدث بارز لوجستياً في لبنان من جراء الأزمة الأوكرانية، اعتُمد مرفأ طرابلس استثنائياً ومؤقتاً لتفريغ وتخزين البضائع الأوكرانية المنقولة في الحاويات عبر الخط الملاحي المباشر الذي تؤمنه سفن سعة 9500 حاوية نمطية، من موانئ الصين والشرق الأقصى الى موانئ البحر الأسود مروراً بموانئ شرق البحر المتوسط ومنها مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس".

ويختم اليمن: "نشير الى أن شراء كمّيات من القمح من مصادر جديدة وبعيدة نسبياً لتأمين احتياجات السوق سيتمّ عبر سفن كبيرة نسبياً، وهذا سيتطلب تدابير تشغيلية إضافية بسبب عدم توافر التفريغ بواسطة الأهراء".

إذن، المشهد في حركة الشحن البحري من منطقة البحر الأسود في الوقت الحالي يسجّل ارتباكاً شديداً بسبب الحرب غير المحدّد زمن انتهائها.
 
ووفق المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، "إن الأزمة في سلاسل التوريد العالمية ستستمر لفترة أطول ممّا كان يُعتقد في الأصل، وقد تؤدّي باستمرار إلى تهميش البلدان النامية. كما أن تكاليف المعاملات المرتفعة تخاطر بالضغط على البلدان الفقيرة حتى بعد حلّ بعض مشاكل سلسلة التوريد".
 
وفي غضون ذلك، معظم الخطوط يترقّب قرارات وتوجّهات منظمات الملاحة العالمية، ولا سيما أن المجازفة بإبحار السفن في منطقة البحر الأسود قد تؤدّي إلى أخطار جسيمة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم