التقرير الأسبوعي لبنك عوده: سوق القطع بين تداعيات التخبط السياسي وجهود مصرف لبنان لامتصاص السيولة

 
على وقع ترحيل الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلّف إلى الخميس المقبل، وازدياد الترقب لولادة حكومة "مهمّة" تسعف البلد في إخراجه من أزماته المستفحلة وتكون قادرة على إطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية الملحّة وفتح الباب أمام الدعم الدولي، وفيما إجراءات ترشيد الدعم تلوح في الأفق، بينما يسعى مصرف لبنان لامتصاص السيولة النقدية بالليرة ومكافحة التضخم، شهدت الأسواق المالية اللبنانية هذا الأسبوع بعض التقلبات في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، بينما واصلت سوق سندات الأوروبوند مسلكها التراجعي وسجلت سوق الأسهم ارتفاعاً في الأسعار، وفق التقرير الأسبوعي لبنك عوده. في التفاصيل، سجلت السوق السوداء تقلبات في سعر صرف الدولار خلال هذا الأسبوع على وقع التطورات التي واكبت مسار التكليف الحكومي، إذ عاود الدولار صعوده ليلامس الـ8000 ل.ل. يوم الجمعة بعد أن كان قد سجّل تراجعاً بنحو 1000 ل.ل. منتصف الأسبوع بالمقارنة مع إقفال الأسبوع السابق على وقع مساعي التكليف الحكومي. في موازاة ذلك، ظهرت مساعٍ لدى مصرف لبنان لامتصاص السيولة النقدية بالليرة من أجل لجم عمليات المضاربة على العملة الوطنية في السوق السوداء ومكافحة الارتفاع المفرط في أسعار السلع والخدمات، ما أبقى تقلبات السوق السوداء ضمن هوامش معقولة. وفي ما يتعلق بسوق سندات الأوروبوند، واصلت الأسعار مسلكها التنازلي في ظل ضبابية المشهد الحكومي، حيث سجلت معظم الأسعار في محيط الـ14 سنتاً للدولار الواحد. وعلى صعيد سوق الأسهم، ارتفع مؤشر الأسعار بنسبة 0.8% أسبوعياً، مدعوماً بشكل أساسي باستمرار الطلب على أسهم "سوليدير"، في حين زادت أحجام التداول أكثر من الضعف بالمقارنة مع الأسبوع السابق. 

الأسواق
في سوق النقد: ظل معدل الفائدة من يوم إلى يوم مستقراً عند 3% هذا الأسبوع مع استمرار توفر السيولة بالليرة اللبنانية في سوق النقد. في موازاة ذلك، أظهرت آخر الإحصاءات النقدية الصادرة عن مصرف لبنان للأسبوع المنتهي في 1 تشرين الأول 2020 أنّ الودائع المصرفية المقيمة سجلت أول اتساع أسبوعي لها خلال خمسة أسابيع بقيمة 437 مليار ليرة. ويعزى هذا الاتساع إلى ارتفاع الودائع المقيمة بالليرة بقيمة 466 مليار ليرة وسط ارتفاع في الودائع تحت الطلب بالليرة بقيمة 557 مليار ليرة وتراجع في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 91 مليار ليرة، بينما انخفضت الودائع المقيمة بالعملات الأجنبية بقيمة 29 مليار ليرة. عليه، سجلت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) اتساعاً لافتاً قيمته 911 مليار ليرة وسط زيادة في حجم النقد المتداول بالليرة بقيمة 511 مليار ليرة وتراجع في سندات الخزينة المكتتبة من قبل القطاع غير المصرفي بقيمة 37 مليار ليرة. في هذا السياق، يجدر الذكر أن حجم النقد المتداول زاد بنحو 13 الف مليار ليرة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2020 ليسجل 22 ألف مليار ليرة في نهاية أيلول.

في سوق سندات الخزينة: أظهرت النتائج الاولية للمناقصات بتاريخ 15 تشرين الأول 2020 أن مصرف لبنان سمح للمصارف الاكتتاب بكامل طروحاتها في فئة الثلاثة أشهر (بمردود 3.50%)، ففئة السنة (بمردود 4.50%) وفئة الخمس سنوات (بمردود 6.0%). إلى ذلك، أظهرت نتائج المناقصات بتاريخ 8 تشرين الأول 2020 اكتتابات بقيمة 1660 مليار ليرة، بحيث نالت فئة السبع سنوات (بمردود 6.50%) 99% منها بقيمة 1642 مليار ليرة، بينما نالت فئة الستة أشهر (بمردود 4.0%) اكتتابات بقيمة 11 مليار ليرة وفئة الثلاث سنوات (بمردود 5.50%) اكتتابات بقيمة 7 مليار ليرة. في المقابل، ظهرت استحقاقات بقيمة 1826 مليار ليرة، ما أسفر عن عجز اسمي أسبوعي بقيمة 166 مليار ليرة.

في سوق القطع: سجل سعر صرف الدولار بعض التقلبات في السوق السوداء خلال هذا الأسبوع على وقع التطورات التي واكبت عملية التكليف الحكومي. فقد ساهمت الجولات المكثفة للمرشح الحكومي في شحذ الآمال بشأن إمكانية التوافق حول تسمية الرئيس المكلّف وساعدت على خفض منسوب التوتر في السوق السوداء لتداول العملات، التي أفادت كذلك من مساعي مصرف لبنان لامتصاص السيولة، فانخفض سعر صرف الدولار من 8600 ل.ل.-8750 ل.ل. في نهاية الأسبوع السابق إلى 7550 ل.ل. و7650 ل.ل منتصف الأسبوع، إلا أن تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة عاد فضغط على سعر الصرف الدولار صعوداً ليتراوح بين 7850 ل.ل.-7900 ل.ل. يوم الجمعة. في موازاة ذلك، ووسط مساعٍ لامتصاص السيولة النقدية بالليرة اللبنانية ولجم عمليات المضاربة على العملة الوطنية في السوق السوداء ومكافحة التضخم والارتفاع المفرط في أسعار السلع والخدمات، أصدر مصرف لبنان في 14 تشرين الأول 2020 بياناً أشار فيه إلى أنه وضع سقوفاً للمصارف لما يمكن أن تسحب من حسابها الجاري لدى المركزي، لافتاً إلى أنه عند تخطي هذه السقوف تحتسب المبالغ المطلوبة من حسابات المصارف المجمدة لدى مصرف لبنان. ويأتي هذا البيان في أعقاب تعميم وسيط رقمه 13283 أصدره مصرف لبنان في 9 تشرين الأول 2020 طلب فيه من المصرف أن يودع أوراقاً نقدية (Banknotes) لدى المصرف المركزي القيمة بالليرة التي يسددها العميل على أساس سعر الصرف 1507.5 ل.ل. من أجل تأمين العملات الأجنبية لعملية استيراد المواد المدعومة من قمح ومحروقات وأدوية ومستلزمات طبية. 

في سوق الأسهم: زادت أحجام التداول أكثر من الضعف هذا الأسبوع لتبلغ زهاء 3.3 مليون دولار، علماً أن أسهم "سوليدير" ظلت تستحوذ على غالبية النشاط. وفي ما يخص الأسعار، واصل مؤشر الأسعار ارتفاعه للأسبوع الثاني على التوالي بنسبة 0.8%. فمن أصل 6 أسهم تداولها، زادت أسعار 3 أسهم، بينما تراجعت أسعار سهمين وظل سعر سهم واحد مستقراً. في التفاصيل، واصلت أسعار أسهم "سوليدير" مسلكها التصاعدي في ظل استمرار المتعاملين في نقل توظيفاتهم من الأسهم المصرفية إلى الأسهم العقارية، إذ ارتفعت أسعار أسهم "سوليدير أ" بنسبة 1.7% إلى 15.85 دولار. وزادت أسعار أسهم "سوليدير ب" بنسبة 2.4% إلى 15.87 دولار. وأقفلت أسعار أسهم "بنك عوده العادية" على نمو نسبته 1.9% لتبلغ 1.07 دولار. في المقابل، انخفضت أسعار إيصالات إيداع "بنك لبنان والمهجر" بنسبة 7.7% إلى 2.76 دولار. وهبطت أسعار "الإسمنت الأبيض اسمي" بنسبة 7.9% إلى 3.50 دولار. وظلت أسعار أسهم "بنك بيمو العادية" مستقرة عند 1.20 دولار.

سوق سندات الأوروبوند: سجلت سوق سندات الأوروبوند اللبنانية انخفاضاً في الأسعار هذا الأسبوع في ظل ترقب المشهد الحكومي بعد إرجاء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف إلى 22 تشرين الأول الجاري، وغياب الطلب من قبل المتعاملين المؤسساتيين الأجانب. إذ سجلت سندات الدين اللبنانية تقلصات أسبوعية في الأسعار على طول منحنى المردود تراوحت بين 0.38 دولار و1.0 دولار. عليه، تراوحت أسعار سندات الأوروبوند التي تستحق بين العام 2022 والعام 2037 بين 13.75 سنتاً للدولار الواحد و14.88 سنتاً للدولار الواحد، بينما بلغت أسعار السندات السيادية التي تستحق في العام 2020 و2021 نحو 16.5 سنتاً للدولار الواحد. وهذا ما انسحب ارتفاعاً في متوسط المردود المثقل من 52% في نهاية الأسبوع السابق إلى 53% في نهاية هذا الأسبوع، مع تقلص إضافي لمتوسط الآجال بحيث بلغ 7.24 سنة اليوم.