الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ملايين صندوق النقد الآتية الى لبنان... كميل أبو سليمان لـ"النهار": لا ثقة بطريقة الإنفاق

المصدر: النهار
فرح نصور
مبنى صندوق النقد الدولي. (الصورة عن "رويترز").
مبنى صندوق النقد الدولي. (الصورة عن "رويترز").
A+ A-
مع إعلان صندوق النقد الدولي تخصيص مبلغ 860 مليون دولار للبنان، كثُرت الأسئلة حول توقيت تقديم هذا المبلغ والجهة الموكَلة استلامه وكيفية إنفاقه والاستفادة منه، في وقتٍ لبنان بأمسّ الحاجة إلى دولارات تدخل إليه. لكن تبقى العبرة بإنفاق المبلغ المذكور بشفافية مطلَقة (رغم الشكوك التي تحوم حول هذه النقطة بالتحديد)، وفي المكان المناسب حيث يستفيد منه البلد في ظل الأوضاع المتردية التي يعيشها. 
 
في بادئ حديثه لـ "النهار"، يقول وزير العمل السابق والمحامي المتخصِّص في المالية العامة والدولية الدكتور كميل أبو سليمان، إنّ "المبلغ الموازي لـ 860 مليون دولار، الذي يعتزم صندوق النقد الدولي تقديمه للبنان هو توزيع ولا يندرج في إطار القروض، إنّما يقوم الصندوق بتوزيع هذه الأموال وفق برنامج بقيمة 650 مليار دولار، أطلقه لمساعدة جميع البلدان في الأزمات المالية والنقدية الناتجة عن جائحة كورونا". 
 
وفيما أجرى لبنان مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بغية الاتفاق على برنامجٍ للحصول على قروض، إلّا أنّ المفاوضات توقّفت، ولم يتمّ الاتفاق على هذا البرنامج بعد. لكن الـ 860 مليون دولار التي ينوي الصندوق توزيعها في لبنان في شهر أيلول، هي خارج هذا الإطار.
 
ويقول أبو سليمان: "سبق أن قام الصندوق بتوزيع مماثل عامي 2009 و 2012، ومشروع الصندوق المنشود حالياً، لا علاقة له بالبرنامج الذي كان يتفاوض عليه لبنان مع الصندوق، إنّما هو مشروع ستستفيد منه جميع الدول الأعضاء في الصندوق".
 
وبحسب أبو سليمان "لا شروط مسبَقة من قِبل الصندوق على لبنان لصرف هذه الأموال، ولا علاقة لصرف هذه الأموال وتوزيعها بتشكيل حكومة جديدة في لبنان البتة، ولا يمكن للصندوق فرض شروط خاصة على بلدٍ دون الآخر، إنّما يطلب الصندوق من جميع الدول الالتزام بالشفافية في إنفاق هذا المبلغ". 
 
وعن الجهة الموكَلة استلام المبلغ وإنفاقه، وهل استلامه يكون عن طريق حكومة تصريف الأعمال؟ يؤكد أبو سليمان: "بالنسبة إلى لبنان، فإنّ مصرف لبنان هو العميل المالي (fiscal agent) لصندوق النقد الدولي في لبنان، بينما في بلدان أخرى، يكون العميل المالي للصندوق إمّا المصرف المركزي للبلد إمّا وزارة المالية، ما يعني أنّ مبلغ الـ 860 مليون دولار سيدخل في احتياطي مصرف لبنان، ولا علاقة للحكومة بذلك". 
 
ويوضح أبو سليمان في هذا الإطار أنّ "مصرف لبنان لن يستلم هذه الأموال fresh، إنّما على شكل SDR (حقوق سحب خاصة)". وفي هذا السياق، يمكن لمصرف لبنان أن يقوم بأمرين: إمّا أن يبقيها على الشكل التي استلمها فيه (SDR) وتُحتسب كاحتياطي ويزيد بذلك احتياطيه، إمّا يمكنه بيع هذه الـ SDR إلى دولٍ أخرى بشكلٍ طوعي. 
 
أمّا في الشّق السياسي والمالي والنقدي في لبنان، فيتخوّف أبو سليمان من إنفاق هذه الأموال عشوائياً، "فإذا ما استُعمل هذا المبلغ على سياسة الدعم الخاطئة، ستكون استفادة الناس ضئيلة جداً بما أنّ أموال الدعم يستفيد منها التجار والمهرّبون، على أمل ألّا تجري الأمور بهذا المسار".
 
لكن برأيه :"لا ثقة بطريقة إنفاق هذه الأموال"، وبما أنّه ليس هناك ثقة، ما يجب تطبيقه هو واحد من هذه الحلول:
 
- إقرار قانون لمنع استعمال هذه الأموال أو ما يوازيها بالدولار دون موافقة مجلس النواب، كما هو الحال بالنسبة إلى احتياطي الذهب. 
 
- استخدام هذه الأموال لتمويل مشروع يفيد لبنان كإنشاء معملين لتوليد الكهرباء، في غياب رأس المال الخاص لتمويل هكذا مشاريع في ظل الأزمة الراهنة، وفق شروط قانون الشراء العام .
 
- إقرار خطة تعافِ اقتصادية شاملة والاستمرار في برنامج صندوق النقد الدولي 
 
ويشرح أبو سليمان توزيع المبلغ من الناحية التقنية، بأنّ صندوق النقد الدولي سيعطي لبنان 642 مليوناً SDR (Special drawing rights)، ما يُسمّى بالعربية بـ"حقوق السحب الخاصة "، وهو مبلغ أساساً للبنان لدى صندوق النقد. ويعتزم الصندوق توزيع مبلغٍ يوازي 95% من حقوق السحب الخاصة (SDR) لكل دولة من الدول الأعضاء. وقيمة الـ 642 مليون SDR تساوي  بالدولار الأميركي (وفقاً لسعر عملة صندوق النقد الدولي (SDR) مقابل الدولار الأميركي) حوالي 860 مليون دولار أميركي. لذلك، بحسب أبو سليمان "هذا المبلغ هو قابل للتغيّر لكن بشكل بسيط استناداً إلى سعر الـ SDR مقابل الدولار في شهر أيلول، إذ مبلغ الـ860 مليون دولار سيُحوَّل أوائل أيلول إلى لبنان".  
 
وعن تصوّر الحكومة لطريقة توظيف هذا المبلغ، تفيد مصادر حكومية في حديث لـ "النهار" أنّ "الموضوع قيد النقاش بين وزارة المال والمصرف المركزي والحكومة، فالمبلغ سيأتي على شكل سندات قابلة للبيع وللشراء، لكن لا شكّ في أنّ له دوراً بتعزيز احتياطي المركزي".
 
هل حكومة تصريف الأعمال قادرة على اتخاذ أي إجراء في ما يتعلّق بإنفاق هذه الأموال؟ تجيب المصادر: "لا نعتقد أنّ هناك ما يمنع ذلك". 
 
وعن احتمال إنفاق هذا المبلغ على الدعم، ترى المصادر أنّ "التصوّر المبدئي يصبّ باستثمار هذا المبلغ في مشاريع وليس إنفاقه على الدعم، لكن الأمر قيد الدراسة، وهناك عنوانان أساسيان في هذا الإطار كرؤية أولية وليس كتصوّر كامل، وهما تعزيز احتياطي المركزي وملف الدواء".
 
كان المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي، محمود محيي الدين، قد أعلن أنّ الصندوق سيخصّص 860 مليون دولار للبنان، من ضمن برنامج قيمته 650 مليار دولار تُوزّع على 190 دولة هي الدول الأعضاء في الصندوق، خلال الشهرين المقبلين.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم