حريق المرفأ... خسائر ومسؤوليات ضائعة
13-09-2020 | 10:21
المصدر: "النهار"
فرح نصور
كأنّ مرفأ بيروت لم ينقصه سوى حريقين متتاليين لا أحد يدري حتى الساعة إذا ما كانا مفتعلين لإخفاء أدلة انفجار المرفأ، أم أنّه حادث بسبب إهمال وعدم وعي المسؤولين عن المنطقة المحروقة، في ما يتعلق بالسلامة العامة. لكن في هذا المقال نسأل تقديرياً كم بلغت كلفة خسائر حريق المرفأ.
في السؤال عن حجم الأضرار والخسائر التي لحقت بالمرفأ بعد حريق أمس، يروي مدير مرفأ بيروت، باسم قيسي، أنّهم لا يدرون ماذا لدى التجار من بضائع، وهم لم يفيدوا إدارة المرفأ حتى الساعة بهذه المعطيات لكي يتبيّن لها حجم الأضرار. ولا يستطيع أحد الاقتراب من المباني نفسها، نتيجة ما يتصاعد من الدواليب المحروقة، فأحادي أوكسيد الكربون المتصاعد يحول دون اقتراب أي شخص، وذلك أدّى إلى وفاة أحد الأشخاص اختناقاً أمس.
ويتابع قيسي أنّ حجم الأضرار والخسائر مجهول، بانتظار تقرير التجار، ولا يعتقد أن يعطيه التجار تقريراً عن بضائعهم قبل البحث مع شركة التأمين التي أمّنوا بضائعهم لديها، بالإضافة إلى أنّه على الجيش التأكّد أيضاً من هذه المعلومات قبل أن يدلي بأي تصريح عن خسائر بالأرقام.
المنطقة الحرة
والمنطقة الحرة تنقسم إلى قسمين، قسم مؤلّف من مبانٍ أنشأها المرفأ ويؤجّر مستودعات فيها للتجار، وتعرف الإدارة ما يحتوي من بضائع.
وقسم آخر، مؤلّف من مستودعات لوجستية مستأجَرة من وسطاء النقل، ليس المرفأ من أنشأها، بل أجّر الأرض فقط. وهناك شروط عامة للبناء حسب شروط العقد مع مرفأ بيروت، وعلى من يستأجر وينشئ مباني هناك، احترام السلامة العامة للدفاع المدني وشروط وزارة الأشغال في ما يتعلق بالبناء. وهنا يأتي وسيط النقل بالبضائع ويخزنها، وبهذه الحال يصبح هو "صاحب المنزل" وليس مرفأ بيروت. ومَن ينشئ هذه المباني مُجبر على وضع مطافئ الحريق، وخراطيم المياه، وجرس إنذار، وتتأكّد إدارة المرفأ من تطبيق هذه الإجراءات، كما الجمارك. لكن إذا لم يتحلَّ الشخص المعني بالوعي والمسؤولية اللازمة للحفاظ على السلامة العامة، يتحمّل هو المسؤولية. وحالياً، أوقفت الشرطة العسكرية 20 شخصاً في قضية حريق المرفأ.
التدابير
وما هي التدابير التي سيتّخذها مرفأ بيروت تفادياً لأي حريق آخر؟ يقول قيسي أنّه طلب من الدفاع المدني إبقاء سيارات إطفاء في المرفأ لأنّ جميع المطافئ دُمرت في المرفأ وكذلك خزانات الماء جراء الانفجار، وعمّم على جميع التجار التبليغ عن جميع المواد المستورَدة، ووجوب تخزين البضائع بطريقة آمنة وسليمة، وهم يتحمّلون المسؤولية القانونية والجزائية في حال وقوع أي حادث مضرّ بالسلامة العامة.
حريق المنطقة الحرة لم يشهد خسائر كبيرة في المرفأ، فالمنطقة التي اندلع فيها الحريق هي المنطقة الحرة حيث تصل البضائع وتوضع هناك، وفق عضو في المجلس الاقتصادي الاجتماعي، عدنان رمال. ويشرح أنّ بعض هذه البضائع غير مجمركة بعد وتوضع في مستودعات التفريغ، ويبدأ أصحابها بسحبها على الطلب عبر جمركة كمية معينة منها وإخراجها. وهناك بضائع أخرى تبقى في المنطقة الحرة بانتظار فحوص معهد البحوث عليها، إذ يأخذ المعهد منها عينات ويفحصها للسماح بإدخالها إلى البلاد. بالتالي، هناك نوعان من البضائع في هذه المنطقة، لكن نتيجة انفجار 4 آب لم يستطع المعنيون إخراج البضائع من المنطقة بسبب إقامة منطقة حظر على المرفأ، وتأخّرت البضائع كثيراً لأن تخرج من المرفأ بعد الانفجار وكانت تقريباً بحكم المحجوزة.
لذا، كمية البضائع الباقية لم تكن كميات كبيرة، وليس هناك تقديرات نهائية حتى الآن، لكن "بحسب اتصالاتنا لا تتجاوز هذه الخسائر الـ 10 ملايين دولار"، وفق رمال، "ويمكن أن تكون بقايا بضائع، أو قيد الفحص، أو مخزّنَة تحت الطلب بانتظار جمركتها ليستلمها أصحابها. ويعود سبب عدم وجود كميات كبيرة من البضائع، برأي رمال، إلى الوضع الاقتصادي المتردّي والمتراجع أساساً بحدود 80-90 %، وحتى وقت الانفجار، الخسائر لم تكن فادحة لأنّ الاستيراد انخفض في لبنان جراء الأزمة الاقتصادية بحدود الـ 60 %، فلو وقع الانفجار واندلع الحريق السنة الماضية، لكنّا نتحدث الآن عن خسائر مضاعفة مرتين أو ثلاث مرات، فالكميات الحالية هي قليلة جداً بالنسبة إلى السنوات الماضية".
ومن ناحية التعويض على البضائع، يؤمّن المستورِد عادةً على الهنغارات، وأصحاب شركات الهنغارات تؤمّن على البضائع التي تخزَّن لديها، وبالتالي على شركات التأمين أن تعوّض على هذا الحريق، فهو إن كان مفتعلاً أم لا، حريق، وشركات التأمين عادةّ تغطي الحريق 100 %، والحالة هنا تختلف عن الخسائر الناتجة عن انفجار المرفأ، بحسب رمال.