الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

رفع الدعم عن المحروقات... المطاعم والفنادق تواجه استحقاق رفع الأسعار والطلقة النهائية!

المصدر: النهار
فرح نصور
أرشيفية
أرشيفية
A+ A-
لم تكد نقابة أصحاب المطاعم والملاهي أن أصدرت بيان شكواها، الذي أفاد بأن "قدرة المؤسّسات على الاستمرار مستحيلة بكلّ ما للكلمة، ونعجز عن تأمين المازوت الشرعي، ونشحذه من السوق السوداء بقطرات لا تكفي لساعات"، متسائلة في نهاية البيان بعبارة "وبعدين؟"، حتى جاء الجواب بعد ساعات من مصرف لبنان عبر قرار رفع الدعم عن المحروقات.

القرار نزل كالصاعقة على القطاع السياحيّ وأصحابه. ضربة ستُهلك القطاع بمَن فيه، وستدفع إلى كارثة اقتصادية، وإلى مزيدٍ من الإقفالات، ما يستدعي كارثة اجتماعيّة سببها التسريحات "بالجملة".
فهل تستمرّ المؤسسات السياحية في القيام بدورها؟

يُجيب مدير أحد المطاعم في مار مخايل بقوله "من هنا حتى نهاية الشهر، معظم المؤسسات السياحية ستقفل إذا كان الاتجاه فعلياً نحو رفع الدعم، ولا نستثني المؤسسات الكبرى من ذلك، إذ أصبح تأمين المازوت من السوق السوداء صعباً بل شبه مستحيل. وإذا ما أراد المطعم أن يزيد الأسعار بسبب رفع الدعم، فالزبائن لن يكونوا قادرين على ارتياد المطاعم أصلاً، بسبب ارتفاع تكلفة التنقّل نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، وكذلك الموظفون لن يتمكّنوا من الذهاب إلى أعمالهم"، ثم يختم بعبارة "لا نعرف إلى أين يذهبون بنا". ويُضيف أنّه في أواخر الشهر، سيعود المغتربون إلى ديارهم، أمّا المقيمون فلن يقدروا على ارتياد المطاعم لارتفاع أسعارها، ولعدم قدرتهم على شراء البنزين غير المدعوم.

منذ بداية أزمة المازوت، والفنادق والمؤسسات السياحية تشتري المازوت من السوداء، أي إنّ رفع الدعم لم يبدأ بعد الإعلان عن هذا الإجراء، إنّما بدأ عملياً في السوق السوداء، وفق ما يورده نقيب أصحاب الفنادق في لبنان، بيار الأشقر. وفي حديثه لـ "النهار"، يتابع "حتى المياه يشترونها بسعر السوق السوداء، لأنّ عليهم تأمين المازوت للشاحنة التي ستنقل المياه، من السوق السوداء".
وبغضّ النظر عن أيّ اعتبار، "قرار رفع الدعم يُشكّل ضرراً كبيراً جداً للمؤسسات، إذ لا شك في أنّه مع مضاعفة الأسعار وارتفاعها، أصحاب المؤسسات مضطرون إلى مواكبة هذه الأسعار لكي يستمرّوا عدا عن أزمة ارتفاع سعر الدولار"، يشرح الأشقر.

ومع تحرير أسعار المحروقات، من المعلوم أنّ أسعارها ستصبح حسب سعر السوق، وبما أنّ الطلب على الدولار سيرتفع لاستيرادها، فسيرتفع سعر صرف الدولار. وبالتالي، ستواكب أسعار المحروقات أسعار الصرف.

إزاء هذه الحال، يتصوّر الأشقر "أن يصل أصحاب المؤسّسات السياحية إلى التسعير بالدولار للتخلّص من هذه الأزمات كلّها المرتبطة بالدولار"، فجميع مشتريات المؤسّسات ونفقاتها تخضع لسعر الدولار، بينما أسعار المؤسسات بالليرة وفق القانون، وهو ما يشكّل محلّ اعتراض الأشقر، حيث يقول: "لكنّهم يدفعوننا إلى أن نصل إلى مرحلة نقول فيها إنّنا سنخرج عن القانون كما تفعل الدولة؛ فلم نصل ولم نرَ في حياتنا بعد مرحلة صعبة كهذه، ولا نوعية بشر كهذه تحكمنا".
وعن احتمال إقفال بعض الفنادق، يؤكّد الأشقر أنّ "كلّ شيء ممكن في هذا البلد. لكن من ناحية أخرى، هناك إرادة حقيقية لدى أصحاب المؤسسات لأن يبقوا موجودين، وأن يحافظوا على مؤسّساتهم وأسمائها التجارية وموظّفيها".
وفي ما يتعلّق بانعكاس رفع الدعم على الأسعار، يُفيد الأشقر بأنّ "أسعار الفنادق حالياً أرخص بعشر مرات ممّا كانت عليه في السابق، وإذا ما ثبّتنا أسعارنا بالدولار تُحَلّ المشكلة".

بعد أن أقفلت المطاعم بالآلاف بسبب الأزمة الاقتصادية وانفجار المرفأ ومعاناة ما تبقّى منها لتأمين المازوت، ماذا عن مصيرها هي الأخرى بعد رفع الدعم عن المحروقات؟

يُجيب نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، خالد نزهة، بكلمةٍ بسيطة تختصر ما سنشهده في القريب العاجل، "كارثة"، مكرّراً إيّاها مرات عديدة علّها تعبّر عن شعوره بالمرارة من واقع هذه المؤسسات.

ويطلق نزهة الصرخة بالقول: "المرحلة المقبلة جنون. ونحن اليوم أمام طريق مسدودة، ونعيش أيّاماً صعبة لم نعشها سابقاً، لكننا مكتوفو الأيدي، ونحن نغرق في الأزمات، ونتلقّى الضربة تلو الأخرى، وكلّ ضربة أقوى من سابقتها، لكن رفع الدعم عن المحروقات هو الضربة الأقوى في عزّ موسم الصيف وقدوم المغتربين، الذين كنّا ننتظرهم لضخّ عملة صعبة في القطاع السياحي، ولتحريك الاقتصاد".

قطاع المطاعم، الذي شارك بفاعلية في تظهير وجه البلد الحضاري والثقافي، وهو القطاع الأكثر استثماراً والأكثر تشغيلاً لموظفين لبنانيين والأكثر استهلاكاً لأصناف الإنتاج المحليّ من السلع، والأكثر تسديداً لضرائب الدولة، وهو الذي أنعش شوارع سياحيّة بامتياز، سيتهاوى قريباً.

والمؤسف - وفق نزهة - أنّ أزمة المحروقات سبّبت عودة المغتربين إلى البلاد التي حضروا منها، أو دفعتهم إلى تغيير وجهتهم السياحيّة إلى دول أخرى كتركيا ومصر، "فيما كنّا موعودين بصيفٍ ممتاز بفضل وجودهم".

وعن إقفالات إضافيّة في القطاع بعد قرار رفع الدعم، يقول نزهة: "مَن يستمرّ من المؤسّسات يُعتبر بطلاً، ويستأهل أن نشيّد تمثالاً له. فمؤسسات كثيرة ستُضطرّ إلى الإقفال، وطبعاً سنشهد إقفالات في القطاع، وسلسلة المطاعم العالميّة ستلجأ إلى إقفال 50% من فروعها، في محاولة منها لتجنّب الإقفال التام".

فالقطاع، الذي صدّر آلاف الأسماء من المطاعم إلى الخارج، لا يُمكنه أن يكون مسؤولاً عن سلامة الغذاء مع أزمة المحروقات ورفع الدعم عنها. هذا ما يشرحه نزهة، مضيفاً أنّ "النقابة غير مستعدّة لتحمّل أيّ حالة تسمّم؛ فالأمر أصبح مُرعِباً، لأنّ سلامة الغذاء وصحّة الزبائن فوق كلّ اعتبار، والمطاعم بحاجة إلى طاقة لـ 24 ساعة مستمرّة؛ وهذا الأمر بات غير متوافِر، إلى جانب مشكلة الغاز الكبيرة لطهو الطعام في المطاعم".
ولدى إطفاء الكهرباء في أيّ مطعم، تغيب الحياة عن الشوارع؛ فالمطاعم هي التي تُنير الشوارع ليلاً، وهذا ما يُظهره مشهد شوارع العاصمة.

كيف سيؤثّر رفع الدعم في أسعار المطاعم؟

"المطاعم مضطرّة لأن تزيد أسعارها مع رفع الدعم عن المحروقات، وهذا سيحول دون ارتياد عدد كبير من الزبائن المطاعم لتراجع القدرة الشرائية لديهم؛ وتراجع القدرة على الاستمرارية هي من المستحيلات".

وضربة رفع الدعم جاءت في ظلّ الانحدار الاجتماعيّ والنفسيّ والماليّ، ما أضعف قدرة المؤسسات السياحيّة على الاستمرار والمحافظة قدر الإمكان على موظّفيها، إذ يؤكّد نزهة أن "هذا القرار ضربَ عصب القطاعات كافة، وهو قطاع السياحة"، معبّراً عن حيرة حيال ما سيفعله أهل القطاع.

وبعد تاريخ من التألّق في لبنان بالسهر والسياحة، يستشرف نزهة المستقبل، ويرى أنّ المطاعم قد تُصبح سناكات صغيرة؛ والمطاعم الكبيرة ستقلّص من أحجامها، والمؤسسات الصغيرة ستقفل. وبالتالي، سنكون أمام أزمة اجتماعية بسبب إقفال المؤسّسات، ليشدّد على أن "هناك حالة إعدام للبلد كلّه، وللقطاعات بأجمعها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم