الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"Cork" للمفروشات يعاود فتح أبوابه... "لديّ جنسيّة أجنبيّة ولن أهاجر"

المصدر: "النهار"
فرح نصور
محل Cork للمفروشات (تصوير حسام شبارو )
محل Cork للمفروشات (تصوير حسام شبارو )
A+ A-
ما زال للبنانين أمل في لبنان، وإن بنسبٍ متفاوتة. سيلفي خوري، صاحبة محل "Cork" للمفروشات في الأشرفية، واحدة من الذين تحلّوا بالإصرار والصمود رغم جميع الكوارث التي تحلّ على لبنان وآخرها انفجار مرفأ بيروت الذي ألحق خسائر جسيمة في محلّها ومنزلها. عاودت فتح المحل، ولم تسافر رغم امتلاكها جواز سفرٍ أجنبياً، لكنّها لن تهاجر من لبنان. تنمّ ضحكتها عن روحٍ إيجابية تتحدّى الصعاب، فهي لا تعرف معنى الاستسلام ولا تريد معرفته. رسالة أمل وصمود ترويها سيلفي في هذه السطور.
 
قرّرت سيلفي معاودة فتح محلّها بعد وقوع الانفجار ببضع ساعات، وتؤكّد: "لم أفكر مرتين حتى في ذلك". بدأت فوراً بالاتصال بعمال الزجاج والدهان والحديد والأرضية لكي يبدأوا بالعمل في اليوم التالي. فعلاً، صباح اليوم الثاني كان الفريق كاملاً في المحل، وبدأوا بتقييم الخسائر وحجم الدمار ووضع أولويات التصليح وتوزيع المهام. لم تفكّر بصوابية قرارها، إنّما ما فكّرت فيه هو أنّ "عليّ الاستمرار فهذا بلدي وسأبقى فيه مهما حدث وسأستمر".
 
ورشة إعادة التصليح دامت نحو خمسة أسابيع. تضرّر المحل كثيراً جراء الانفجار، من واجهات حديد وزجاج وغيرها من الديكورات الداخلية التي انفجرت وشلّعت المفروشات وألحقت خسائر بالمحل وبالبضاعة. لا يمكن تصليح شيء وترك ما هو حوله، فحتى الأرضية كانت غير صالحة لأن تبقى. وقدّرت سيلفي خسائرها بنحو 15 ألف دولار، دون أن تحسب المفروشات التي تضرّرت، فهذا المبلغ هو تكلفة إعادة التصليح والترميم وبدل أتعاب العمال الذين اشترطوا الدفع نقداً و"لا أحد يرحم". 
 
 
 
 
 
 
لم يكن المبلغ كلّه متوافراً مع سيلفي، فهناك من ساعدها في تمويل إعادة تصليح المحل. حاولت التصليح بأقلّ الإمكانات لإرجاعه كما كان لا أكثر. أمّا خسائر البضاعة فقدّرتها سيلفي بـ16 ألف دولار كأقلّ تقدير، أي إنّ مجموع خسائر محلّها قُدِّرت بثلاثين ألف دولار. ولم تساعدها الجمعيات في التصليح، إلّا أنّها تتفهّم ذلك، فالأولوية كانت للمنازل وللأشخاص الذين تهجّروا من منازلهم وليس المحال التجارية.
 
وتلفت إلى أنّ مع كل هذه الخسائر، الدولة لا تساعد التجار. وتروي أنّ شحنة من البضائع وصلت إلى لبنان في 5 آب وتحولّت بطبيعة الحال إلى مرفأ طرابلس وبقيت لشهرين هناك، ولم تستطع إخراجها من هناك حتى منذ بضعة أيام. وبما أنّها بضاعة أوروبية لم يكن من المفترض أن تدفع رسوم الجمرك عليها، لكنّها أجبرت، كما غيرها من التجار، على دفعها لمجرد أنّ البضاعة تحوّلت إلى مرفأ طرابلس، فـ "هذا غير مقبول، نحن نستمر وما زلنا نستورد، وبدلاً من أن تساعدنا الدولة وتسهّل لنا أمورنا، ها هي تعرقلها"، وفق سيلفي.
 
تصوير حسام شبارو 
 
كانت قد فتحت محلّها منذ ست سنوات، حيث كانت أياماً صعبة من الناحية الاقتصادية منذ عام 2014، لكنّها فتحت محلها في العام نفسه واستمرت وحاربت وبقيت صامدة وكانت تسير أمورها بالحد الأدنى، إنّما "العام الحالي كان شيئاً فوق التحمل وصعباً جداً، وكان كضربة قاضية". فهي، كما سواها، عانت أساساً من مشكلة الدولار في كيفية شراء البضائع وتسعيرها وطريقة دفع الزبائن. تكمل حالياً عملاً جديداً لأنّ هناك ظروفاً جديدة تختلف عن السابق، وهو ليس عملاً يؤسَّس في جو وظروف طبيعية، "نحن نفتح العمل في جو غير طبيعي كلياً، ولا قوانين تُطبَّق، وعلينا دائماً البحث عن السبل للوقوف على رجلينا".
رسالتها من معاودة فتح محلّها أنّ "ما حدث ليس سهلاً، لكن في الوقت نفسه علينا ألّا نستسلم ولا يمكننا أن نستسلم". كانت أمام خيارين، إمّا أن تصلّح وتستكمل عملها، وإمّا أن تغلق محلّها وتبقى في المنزل، لكنّها فضّلت الخيار الأول، فهي مسؤولة عن أربعة موظفين لا تريد قطع رزقهم، و"آمل أن نصل إلى مكان كما نحلم وكما نريد".
 
تسأل نفسها في بعض الأحيان: "لماذا عاودت فتح المحل؟"، لكنّها لا تريد أن تنظر إلى الخلف، وتتطلّع إلى المستقبل، وتتمنّى أن يكون هذا الانفجار آخر ضربة، فهو كان ضربة موجعة بالنسبة إليها، وإذا ما تكرّرت الضربات ستفقد الأمل بالاستمرار. "لا يمكن القول إنّني سعيدة بمعاودة فتح المحل، فحتى منزلي تضرّر كثيراً، لكن يجب أن نتحلّى بالأمل، فما مرّ علينا ليس سهلاً أبداً، ولديّ أمل، إنّما أمل خجول جداً، أصبحنا نعيش يوماً بيوم ولا نفكر بالغد أو في المستقبل، هكذا تعوّدنا في لبنان".
 
تأمل سيلفي أن تعوّض ما أنفقته في التصليح، "علينا أن نأمل رغم الظروف التي نعيشها، وأتمنّى أن نبقى واقفين على رجلينا وغصباً عنهم جميهعم، فأنا أمتلك جنسية أجنبية ولطالما نصحني أصدقائي أن أهاجر، لكنّني لا أريد أن أرحل ولا أن أهاجر، ما زلت أستطيع أن أتحمّل بعد".
 
 
تصوير حسام شبارو 
 
 
تصوير حسام شبارو 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم