قانون الدولار الطالبي... حبر على ورق؟

توجُّس أهالي الطلاب لدى إقرار قانون الدولار الطالبي، من عدم تنفيذه، كان بمحلّه. فما حسبوه حدثَ، في بلد "حارة كل من إيدو إلو"، حيث حقوق المواطن تُهدر والقوانين لا تُطبَق. بعد نحو أسبوعين على نشره في الجريدة الرسمية، لم يُطبَّق بعد قانون الدولار الطالبي، وسط مماطلة وتهرّب واضحين من المصارف، وتملّص المسؤولين المعنيين من تنفيذه.
 
 
مسؤولية عدم تطبيق قانون الدولار الطالبي حتى اليوم تقع على عاتق حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف وفق القوانين المرعيّة الإجراء، فالقانون نُشِر في الجريدة الرسمية وأصبح ملزِماً، أي على المستوى القضائي يمكن التحرّك والادّعاء على المصارف، فهذه الأخيرة تخالف القانون وهذه المخالفة تمكّن أهالي الطلاب بالادعاء على المصارف، بحسب عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب إيهاب حمادة. ويشرح أنّها مخالفة واضحة للدستور أيضاً عبر مصادرة الحق في التصرّف في الملكية الخاصة والمتمثَّلة هنا بودائع الناس في المصارف. 
 
ويحمّل القضاء ومجلس النواب مسؤولية متابعة تنفيذ هذا القانون، و"نحن نناقش اليوم إمكانية وضع أسنان لهذا القانون، وهي عبارة عن مادة عقوبات على المصارف في ظل تعنّتها، فنحن نعلم أنّها تتهرّب من تطبيق القانون، والعنوان العريض لعدم تطبيق القانون هو التهرب".
 
وبرأيه، "هذا اعتداء على المواطن وعلى القانون، ويجب بالتالي وضع حدٍّ للمصارف، فهي بالنهاية مؤسسات وعليها الالتزام بالقوانين إذ لا أحد فوق القانون، انطلاقاً من نص القانون ومن المنطلق الأخلاقي، وإذا ما غاب تطبيق القوانين، فهذا نعيٌ لدولة القانون في لبنان وهذا مؤسف حقاً". 
 
ويفيد أنّ اجتماعاً سيُعقد بين وزير المال وحاكم مصرف لبنان لوضع آلية تنفيذٍ لقانون الدولار الطالبي ولتحديد المسار المستقبلي.
 
هذا القانون هو قانون فعلاً أم حبر على ورق؟
 
يسأل عضو جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج، سامي حميه: "نريد أن نسأل من هو المسؤول عن المماطلة في تطبيق قانون الدولار الطالبي"، ويضيف أنّ المصارف تقول إنّها بانتظار تعميمٍ يصدر من مصرف لبنان لتشرع في تنفيذ التحويل إلى الطلاب. 
 
وحمّلت الجمعية المسؤولية الأولى لهذه الممارسات إلى حاكم مصرف لبنان لعدم تطبيقه قانوناً صادراً عن مجلس النواب ومنشوراً في الجريدة الرسمية، كما حمّلته المسؤولية الجزائية التي تنتج عن ضرر الطلاب، إذ كل يوم يتم فصل عدد منهم من الجامعات في الخارج.
 
ويتساءل حميه هنا عن ماهية الآلية التنظيمية لتنفيذ هذا القانون في ظل توافر الشروط المنصوص عليها في نص القانون، و"نحن كجمعية لدينا تساؤلات كثيرة، إذ كل جهة ترمي الطابة على الجهة الأخرى وهناك تسويف في الوقت"، كما حمّل حميه المسؤولية أيضاً للمصارف. 
 
وتُحمِّل الجمعية المسؤولية أيضاً لرئيس الجمهورية، فهو راعي وحامي حقوق المواطنين والدولة القوية التي تحدّث عنها، و"نحن نلتجئ إليه لتحصيل حقوقنا، ونحن كجمعية وأصحاب حقوق نعتبره الكف الآمن ونشكره لإصدار قانون الدولار الطالبي، لكن نحمّله المسؤولية في تقاعس بعض المسؤولين في تطبيقه".
 
ويؤكّد حميه على أنّه "إن نفّذوا هذا القانون بعد شهر، لا نريده، لأنّ "إلي فات مات شو بعد ينفعو الهوى؟"، فنحو 20 طالباً تم فصلهم من الجامعات، لكن قامت الجمعية بالتواصل مع جامعاتهم والسفارات في الخارج وشرحت لهم الوضع القائم، ومددت مهلة إضافية لهم لمدة 15 يوماً. ويسأل: "هذا القانون هو قانون فعلاً أم حبر على ورق؟ لماذا لا يُنفذ هذا القانون؟". وفي رأيه، أنّ عقدة التنفيذ تكمن لدى كلّ الجهات، لأنّه "لو كانت هناك جهة أو أكثر لديها فعلاً نية حسنة لتسيِّر أمور الطلاب لسارت، لكنّهم فريق ونحن الكرة التي يتقاذفونها".  
 
وضع الطلاب مأسوي في الخارج، وأصبحوا يستدينون من المطاعم ليأكلوا، ويتواصلون مع مؤسسات خيرية لطلب المساعدة، "هل هناك أكثر من هذا الذل؟ هل هناك من قادة محترمين يقبلون بهذا الذل؟ أين إنسانيتهم وضميرهم؟"، يسأل حميه. ويضيف أنّ هناك شريحة كبيرة من الطلاب مشرّدة حالياً في الخارج لعدم توافر المال بين يديها، وأنّ بلجيكا ساعدت طلاباً لبنانيين لديها وعفت عن أقساط من هم غير قادرين على تسديدها، و"دولتنا المسؤولة عن طلابنا لا تنظر بحالهم".
 
وتنتظر الجمعية ما سينتج عن اجتماع حاكم المصرف ووزير المال، و"في حال لم يتوصّلوا إلى آلية تنفيذٍ واضحة وسريعة للإسراع في تطبيق القانون، سنلجأ إلى التصعيد، فهذه القضية أصبحت كرة ثلج وإذا لم تُنفَّذ المطالب سوف نصعّد ونحشد حضور أهالي الطلاب على مستوى البلد كلّه أمام مصرف لبنان والقصر الجمهوري، رغم أنّنا غير ملزمين متابعة تطبيق قانون صدر مرسوم فيه ووقّعه رئيس الجمهورية، لكن هل الموظف أعلى من القانون؟". 
 
ويعبّر بالقول: "نحن أقوياء بحقّنا، وهناك مستند قانوني بيدنا، مع العلم أنّ حاكم مصرف لبنان اعترف رسمياً في تعميمٍ صدر منذ بضعة أيام أنّ هذا القرار يُلزم المصارف بالتنفيذ، وقد اختزلوا من القانون بنوداً عديدة لتسييره ولم يُنفَّذ، فكيف لو أقرّوه كما كان بكلّ بنوده؟".
 
وقد عقدت جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج ونقابة الصحافة والمجلس الوطني للإعلام مؤتمراً صحافياً في نقابة الصحافة، تناول مسألة "صدور القانون الطالبي والتلكؤ في تنفيذه وتداعيات ذلك على مستقبل الطلاب".
 
وحضر المؤتمر نواب ممثلين لغالبية الكتل النيابية ومنهم إيهاب حمادة، ورئيس المجلس الوطني للإعلام، نقيب الصحافة عوني الكعكي، محامون ومختصون في الشأن القانوني.