الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

فندق Arthaus يُعاود الانبعاث من ركام الانفجار... "نرفض الاعتداء على حياتنا" (صور وفيديو)

المصدر: "النهار"
فرح نصور
فندق Arthaus (تصوير مارك فياض)
فندق Arthaus (تصوير مارك فياض)
A+ A-
 لربما هو من النماذج الأكثر إصراراً بين جميع النماذج التي كتبنا عنها في سلسلة "لبنان الأمل". كان من المفترض أن يفتتح فندقه يوم 10 آب وكان ما قبل الافتتاح يوم 4 آب، لكنّ الحظ لم يحالفه. لم يتردّد لحظة عن الاستمرار في مشروعه لما له من قيمة معنوية تمثّلت بعبارة "أفضل طريقة للدفاع الهجوم". هجم على أضرار الانفجار عبر التصليح منذ اليوم التالي للانفجار. نبيل دبس، صاحب فندق Arthaus الكائن في منطقة الجميزة، يروي لـ "النهار" رحلة إصراره وتأصّله في لبنان.  
 
كان ينتظر نبيل ضيوفاً أجانب لمناسبة ما قبل الافتتاح والتي كان من المفترض أن تُقام يوم 4 آب. وبعد أن وعى إلى أنّه نجا من الانفجار، فكّر بكيفية رفضه. وضع خطة لبلوغ هدفه. خطة اقتضت تصليح الدمار وتحويل الغضب إيجاباً. 
 
تصوير مارك فياض
 
 
 
 
 
بدأ في اليوم التالي فوراً بالتصليح. وما شجعه أكثر، هو رؤية الشباب الذين ساعدوا الناس وأزالوا ركام الانفجار معهم. وصمّم على القيام بعملٍ أفضل وأجمل ممّا كان، وبأعمال إضافية عمّا كانت، فـ "نحن لدينا قوة إبداع هائلة في لبنان، وولّد غضب الانفجار طاقات إبداعية مهولة لدى الناس، ريثما يبلسمون جراحهم. اليوم نبدأ من الصفر، ويجب تغيير كلّ شيء"، وكان معلّمو الورشة ما زالوا في الفندق، فهو يعمل معهم منذ وقتٍ بعيد. ورغم هول ما حدث لرزقه، بدأ يواسيهم، فهم أيضاً عملوا من قلبهم في ذلك الفندق، وقد "عملنا بشغف في تأهيل هذا الفندق وندري كل حجرة أين وضعت". تواصل مع معلّم القناطر ومعلّم الرخام، وفكّ السقف كي لا يقع عليهم لأنّه كان مدمَّراً، وبدّل القرميد المكسّر بقرميد جديد، وكان الفندق جاهزاً خلال فترة شهر، وتحوّلت كل الطاقة السلبية إلى عملٍ متواصل وورشة مضاعفة.
 
موعد افتتاح الفندق كان في 10 آب. وهو بيت أثري عمره أكثر من مئتي عام، ورثه نبيل عن أجداده. لم يسبّب هذا الدمار كلّه بأي فقدان للأمل لدى نبيل، لا بل على العكس، اعتبر أنّ ما حدث هو حرب ضدّه، وأنّ "أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم"، أي الهجوم على هذا الانفجار ومخلّفاته عبر التصليح وإعادة التأهيل. لا يمكن البكاء والاستسلام، و"نرفض هذا الاعتداء على حياتنا، وبالرفض علينا التصليح أولاً والعمل على ابتكار شيء، يجب أن لا نتأقلم على ما يفرضونه علينا، وهذا بحدّ ذاته خطأ، إنّما علينا أن نختار الحياة وطريقة الحياة التي نريدها"، وفق نبيل.
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
صاحب فندق Arthaus، هو مستثمر خارج لبنان، وهذا الفندق هو الاستثمار الأول له في بلده. بعد الحرب في السبعينيات، سافر إلى الخارج، ودرس وعمل هناك، وكان يزور لبنان من وقتٍ إلى آخر. والمرة الأولى التي استقرّ فيها هنا، كانت منذ 10 أعوام. وكان الهدف الأهمّ من هذا الاستثمار هو الحفاظ على المنازل القديمة وإظهار أنّ البيت اللبناني القديم قابل للتغيير. أي أنّه كان طبقة واحدة وأصبح أكثر من طبقة، وحتى اليوم، يمكن إضافة التدفئة الكهربائية والتكييف عليه، ويمكن أن يحتوي سينما وأي شيء حديث، ويمكن أن يتأقلم مع أي ذوق. فالبيت هنا، ذو الخمسة أمتار من العلو، قيمته أكثر بكثير من الشقق الحديثة، ويجب على الناس أن يفهموا هذه الفكرة وأن يستثمروا في البيوت القديمة.
 
ونموذج العمل الخاص بالفندق لا يشبه أياً من الفنادق الكلاسيكية، إذ نصح مسؤول العلاقات العامة لأعمال نبيل في بريطانيا بهذا النوع من الفنادق. فهو مركز فني في الأساس، وزاد نبيل عليه المطعم ومن ثم الفندق ومن ثم صالة المؤتمرات والبار. ويحتوي على 25 غرفة، لكن بسبب انتشار وباء كورونا بدأ يفتح غرفه تدريجياً، وعندما أعلن عن بدء استقبال الزبائن، بدأت الحجوزات تتدفّق، حتى هناك من حجز عدة غرف من الآن للشهر المقبل لعيد الميلاد. ونزلاء الفندق هم من المغتربين والأجانب، ويأتونه من كندا، فرنسا، تونس وغيرها. 
 
ويقدّم الفندق لنزلائه برامج خاصة بحسب ذوق كلّ منهم لزيارة الأماكن التي يرغبونها ويفضلونها. وجراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، أصبحت السياحة بالنسبة إلى الأجانب أرخص بكثير.
 
تصوير مارك فياض

الخسائر المادية هائلة في فندق نبيل. فالفندق ليس عبارة عن فندق وحسب، إنّما هو مساحة فنون وثقافة قبل أن يتحوّل إلى فندق، أي أنّه كان يحتوي على قطعاً فنية ثمينة، لذا الخسائر لم تكن فقط مادية إنّما معنوية أيضاً. كلّ الأعمال الفنية تحطّمت، وكذلك الديكور الفني، والأثاث ونظام الكهرباء وغيرها، وخسائرها تفوق المليوني دولار، فميزانية الفندق كلّها أُنفِقت على التصليح. كما أنّ هناك خسائر الفرص، أي أنّ الفندق كان على وشك أن يفتح أبوابه، لكن "بدأنا كل ما بدأناه من الأول كي لا نخسر كل شيء".
 
لم يندم نبيل قط على معاودة تصليح وترميم الفندق، إذ "ليس هناك قوة قد تزيحني من هنا، وهذه حرب علينا وعلى تاريخنا وعلى أجدادنا"، ويعبّر بالقول :"أشعر أنّه من الضروري جداً وأكثر من أي وقت أنّه علي أن أجابه هذه الحرب التي تُشن على لبنان، رغم أنّ بإمكاني السفر والعيش في الخارج، لكن لا شيء يجبرني على البقاء سوى أنّ جذوري هنا، ومن الضروري أن يملك أولادي شيئاً من تاريخهم وجذورهم، وذلك شيء مهم جداً بالنسبة إلي".
 
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض

تصوير مارك فياض

تصوير مارك فياض

تصوير مارك فياض

تصوير مارك فياض

تصوير مارك فياض

 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم