السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

عيد العمّال... قطاعات لبنان تستغيث!

المصدر: "النهار"
ممرّضان يحضّران جرعة من لقاح "فايزر" (تعبيرية - "النهار").
ممرّضان يحضّران جرعة من لقاح "فايزر" (تعبيرية - "النهار").
A+ A-
يتزامن عيد العمّال هذا العام مع أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها البلد، إذ فقدت العملة الوطنية في السوق السوداء ما يقارب الـ85 في المئة من قيمتها، ليرزح معها أكثر من 50 في المئة من سكان لبنان تحت خط الفقر.

كتبت "النهار" طيلة فترة الانهيار عن صرخة القطاعات الإنتاجية التي توفر فرص العمل، ونقلت استغاثتها والعوائق التي تعترضها. لكنّ خطّة الإنقاذ التي طالب بها كلّ من عبّر عن همومه، لم تبصر النور حتى الساعة، في ظلّ تعقيد تشكيل الحكومة وتشنّج الوضع السياسي. ومرّ العمّال بإقفالات متعددة نتيجة كورونا، فإذا كانت بعض المؤسسات قد تكيّفت مع الواقع الجديد وتمكّنت من العمل عن بعد، فقد تعطّلت أعمال صيانة السيارات، وصالونات التزيين، والمطاعم، وغيرها من القطاعات. واختلف أمر حصولهم على رواتبهم في ظلّ إقفال مؤسساتهم، حسب طبيعة عقودهم وقرار إداراتهم. وقال القيّمون على القطاع السياحي لـ"النهار" في وقت سابق، إنّ القطاع المطعمي الذي خسر 4 آلاف مطعم، بات يوظف ما يقارب 40 ألف موظف، فيما شكّل هذا العدد قبل أزمة كورونا 200 ألف عامل (من الموظفين بدوام كامل وجزئي).

يبحث العامل اللبناني عن فرصة عمل تتيح له الحصول على العملة الصعبة، الكفيلة برفع مستوى معيشته من مجرّد شراء الأساسيات، إلى إصلاح سيارته إذا تعطّلت. لذلك أكّد القيمون على قطاع الباتيسيري لـ"النهار" في وقت سابق، أنّ نزْف العمّال لم يتوقف منذ بدء انهيار العملة، فعامل الباتيسيري في لبنان مرغوب في الخارج، وتوجد صعوبة كبيرة في إعادة استقطاب موظفين جدد وتدريبهم من جديد.

أمّا قطاع التعليم الذي تلقّى بدوره ضربة موجعة من كورونا، فيعاني فيه المتعاقد مع القطاع الرسميّ كثيراً قبل الحصول على مستحقّاته التي فقدت قيمتها، فيما رواتب المثبتين في القطاع العامّ تساوي حفنة قليلة من الدولارات. أمّا القطاع الخاصّ فيحكمه التفاوت بين المدارس، التي يختلف تعاملها حسب إدارتها وإمكاناتها. لكن الأكيد أنّ عدداً من المعلمين يحصل على نصف راتب، ومنهم من لا يحصل على راتبه. ومن جهة أخرى، باتت متطلّبات التعليم عن بعد مكلفة بعض الشيء، فمن أراد التعليم من المنزل، تكبّد تكاليف مرتفعة نظراً لأسعار اللابتوب وغيره من الأدوات اللازمة، ومنهم من اتجه إلى مدرسته للتعلّم فيها.

وتستمرّ المعاناة لتطاول العاملين في القطاع الصحّي. وفي حديث لـ"النهار"، أشار النقيب الدكتور شرف أبو شرف إلى أنّ "الضمان الاجتماعي هدّد أطبّاء الشمال إن قرّروا رفع تعرفتهم". واستنكر الدكتور أبو شرف هذا الكلام، معتبراً أنّ "الأطبّاء يعملون بشكل شبه مجّاني فيما تضاعفت الأسعار، وارتفعت أعداد المهاجرين منهم". شدّد أبو شرف على أنّ تقرير منظمة الصحّة العالمية عام 2011، أظهر أنّ معدل المدخول الشهري عند 50 في المئة من الأطبّاء اللبنانيين لا يتعدّى المليوني ليرة لبنانية، وسأل عبر "النهار": "هل الهدف إفراغ لبنان من أطبّائه؟". نقابة أطبّاء طرابلس بدورها كانت قد دقّت ناقوس الخطر، بعد هجرة أكثر من 1000 طبيب من لبنان. بالإضافة إلى ذلك، تُوفيَ 43 طبيباً من جرّاء فيروس كورونا.

شهد القطاع التمريضي بدوره هجرة كبيرة، فقد أشارت التقديرات إلى أنّ عدد الذين تركوا لبنان فاق الـ1200 ممرض. المهندسون بدورهم تلقّوا الضربة، فشحّ الاستثمارات دفعهم إلى الخارج.

كان اللبناني ينتظر فرصة العمل في القطاع العام، لأنّه "قطاع الأمان الوظيفي"، فالموظف يبقى من دون طرد (إلا في حالات نادرة) أو تسريح، حتى التقاعد، ليحصل بعده على تعويضه، ويكون قد حصل على الضمان الصحّي اللازم. ودخول الكلّية الحربية كان حلماً، وترى الأهل والأقارب يتهافتون للحصول على "واسطة"، ليفوح بعدها ملفّ الرشى والزبائنية. أمّا الآن فالوضع مختلف جذرياً، فمن دخل الكلية الحربية حائزاً بكالوريا علمية بدرجة حسنة، صار يتمنّى لو أنه درس الهندسة وهاجر. أمّا ملف القضاة فصعب أيضاً، وقد سرّب أنّ حالات عديدة تحصل للخروج من لبنان والحصول على عمل بالدولار، هذا بالإضافة إلى طلبات الاستقالة.

أضف إلى ذلك الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، ومعاناة الحصول على مستحقّاتهم التي خسرت قيمتها، وملفّ الأساتذة الجامعيين بشكل عام، الذين باتت رواتبهم لا تتناسب مع الجهد الذي وضع للحصول على درجاتهم. وتطول اللائحة لتشمل السائقين العموميين، فكلفة تصليح آلياتهم وصيانتها حلّقت مع الدولار. وموظفو المصارف ينتظرون ساعة الحسم على وقع التسريحات الفردية، ويعيشون قلقاً مضاعفاً وسط غضب المودعين الذين خسروا مدّخراتهم.

لا تنتهي اللائحة، لكن المركزي لا يمكنه الاستمرار في سياسة الدعم، هذا ما أبلغه إلى الحكومة، وهذا ما يترقّبه اللبنانيون. أسابيع قليلة تفصل عمّال لبنان عن واقع جديد، لكن في ظلّ غياب حكومة تتحمّل مسؤولية الإمساك بزمام الأمور.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم