قبرص ولبنان متشابهان في الأزمة... متناقضان في الحلول

في العام 2013 انفجرت أزمة قبرص المالية نتيجة حمْل مصارفها ديوناً يونانية كبيرة، وبعد عامين أظهرت الجزيرة المتوسطية نتائج اقتصادية مشجعة، وإنْ كان لخطة الإنقاذ التي اعتمدتها انعكاسات قاسية على المجتمع القبرصي. أما في لبنان وعلى رغم تشابه جذور الأزمة مع قبرص، لا يزال اهل السلطة والقيّمون على البلاد يعاندون ويكابرون ويهدرون الفرصة تلو الاخرى ويتراشقون التهم بالفساد والمسؤولية عن الانهيار في وقت يدق الجوع والفقر ابواب 70% من العائلات اللبنانية. والأنكى أن هذه السلطة لم تسعَ الى اصدار قانون واحد اصلاحي يخدم مسيرة الانقاذ المفترضة، ولا يزال جميعهم يعيشون ترف اللامبالاة بالمسؤولية في ظل تعجب الدول الصديقة من تخاذل المسؤولين اللبنانيين، ودهشة المنظمات الدولية من عدم اكتراث هؤلاء وجهلهم بحجم الكارثة المنتظرة في غياب الاجراءات اللازمة لمواجهتها. اعتمدت قبرص ولا تزال على ثلاثة قطاعات: المالي والسياحي والشحن البحري، في ظل تجاوز موجودات القطاع المصرفي القبرصي 9 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، وتخطي حجم الودائع المصرفية 7 أضعاف الناتج المحلي أو حاجة الاقتصاد القبرصي، وفق ما يقول رئيس قسم الأبحاث لدى اتحاد البورصات العربية الدكتور فادي قانصو لـ"النهار". في المقابل، تشبه بنية لبنان الاقتصادية إلى حد كبير بنية قبرص الاقتصادية، فلبنان المتميز بمناخه وموقعه الجغرافي يستحوذ قطاع الخدمات فيه على ما نسبته 82% من حجم الاقتصاد، وهو القطاع الذي يشمل الخدمات السياحية والعقارية والتعليمية والصحيّة، وتحديدا الخدمات المالية في ظل وجود قطاع مصرفي تجاوز 5 أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2019، وتاليا فإن بُعد القطاع المصرفي اللبناني يعدّ ضخما مقارنة ببُعد الاقتصاد الوطني وبحاجاته التمويلية.   على صعيد انكشاف المصارف على الديون، يذكّر قانصو بأن أكبر مصرفين في قبرص منحا الحكومة اليونانية، قبيل العام 2011، قروضا قدرت بنحو 160% من الناتج المحلي الإجمالي القبرصي، لا سيما أن تشبّع الاقتصاد القبرصي بالرأسمال واشتداد...