الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هل تُعتمد المراسيم الجوالة لإقرار زيادة النقل في القطاعين العام والخاص؟

المصدر: "النهار"
سيارة نقل عمومي عند تقاطع الصيفي- وسط بيروت (تعبيرية- "النهار").
سيارة نقل عمومي عند تقاطع الصيفي- وسط بيروت (تعبيرية- "النهار").
A+ A-
رولى راشد

في قت تدخل مسألة زيادة الأجور والرواتب في لبنان ضمن معارك شدّ حبال ومزايدات وهرطقات وصولاً إلى تسويات بعيدة كلّ البعد من مفهوم الغاية التي من أجلها وضع الأجر وملحقاته، لا تبدو المفاوضات الجارية ضمن لجنة المؤشّر في قطار التفاهم. لا سيما بسبب العائق التمويلي، وتوقّف اجتماعات مجلس الوزراء، وكلّ ذلك يؤدي إلى زعزعة ثقة الطبقة العاملة.

وفي هذا السياق، علمت "النهار" أنّ رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر طالب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإصدار مراسيم جوالة لتمرير بدل النقل والمنح التعليمية التي تمّ الاتفاق عليها بالمبدأ في القطاعين العام والخاص، على أن يوقّع المرسوم الأول إلى جانب ميقاتي كلّ من رئيس الجمهورية ووزير المال، وأمّا المرسوم الثاني فإلى جانب ميقاتي كلّ من رئيس الجمهورية ووزير العمل.

كما وجّه الأسمر كتاباً إلى كلّ من وزير الدفاع وقائد الجيش حول ضرورة إقرار زيادة مليون ونصف مليون ليرة شهرياً لكلّ القوى العسكرية كمبلغ مقطوع.

مبلغ طوارئ
أمّا في ما يتعلق بالزيادة على الرواتب، فإنّ المفاوضات تدور حول اعتماد مبلغ طوارئ في القطاعين العام والخاص مع تحديد حدّ أدنى وحدّ أقصى له، علماً أنّ الاختلاف البارز بين فريقي الإنتاج يكمن في أن يكون المبلغ نصف راتب وليس راتباً كما يتمسّك به "العمالي"، إلى جانب رفض أصحاب العمل التصريح عنه لصندوق الضمان الاجتماعي عكس "العمالي"، خصوصاً أنّ الصندوق يفتقر اليوم إلى التدفّق النقديّ ممّا ينعكس سلباً على خدماته.

ووفق تعبير الأسمر فإنّ إغفال زيادة الأجور وملحقاتها الضروية سيكون بمثابة إشعال فتنة أو ثورة معيشيّة، خصوصاً بعد رفع الدعم عن الدواء.

الزيادة والغلاء
في المنطق الاقتصادي، من أجل المحافظة على مستوى لائق، يجب استخدام زيادة الرواتب كأداة من أدوات مكافحة الغلاء، ولا بدّ من السيطرة على الأسعار في السوق ولجم أيّ مبالغة في زيادة الأسعار، إذ إنّه ليس من الصواب ترك التضخم ينهش الاقتصاد. فالغلاء يؤدّي إلى الكساد، والكساد يؤدّي إلى زيادة معدّلات البطالة التي ستؤدي بدورها إلى انخفاضٍ في معدّلات الإنتاج، وكلّ هذا سيؤدّي إلى انخفاض الناتج القوميّ، ناهيك بالأضرار التي يفرزها الغلاء على الأمن الاجتماعي والسياسي.

كيف يمكن زيادة الأجور ورفع الحدّ الأدنى من دون تشجيع التضخم وفلتان الأسعار؟

برباري
تقول دوريس برباري منسّقة الخطة الاقتصادية في مؤسسة "جوستيسيا JUSTICIA" الحقوقية لـ"النهار": "رفع الحدّ الأدنى للأجور هو حقّ وضرورة لكلّ أجير وموظف مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد، ولكن تصحيح الأجور له انعكاس كبير على الاقتصاد، خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي تمرّ بها البلاد مع التضخّم والنمو السلبيّ وعدم الاستقرار النقدي".

فالدولة متعثّرة لا تستشرف إيرادات ومداخيل قادرة على تغطية هذه الزيادة. وبالنسبة إلى القطاع الخاص، كثير من أصحاب العمل يتكبّدون خسائر كبيرة بسبب الوضع القائم والرّكود الاقتصادي، وهم في معظمهم غير قادرين على تحملّ أعباء جديدة ولو مشروعة تساهم في زيادة العجز. والخشية أن تؤدّي بهم الزيادات في الأجور إلى صرف الأجراء والعمال.

إن تصحيح الأجور يكون سليماً عندما يبدأ الاقتصاد بالتعافي، فلا ندخل نفقاً أكثر ظلمة من الذي دخلناه عندما أقرّت سلسلة الرتب والرواتب، التي جعلتنا في دوامة أثقلت كاهل الدولة، وساهمت في انهيارها؛ فأكثر مشهد لا نرغب في رؤيته هو انهيار ما تبقى من المؤسّسات الخاصة التي ما زالت تعيل عدداً لا بأس به من العائلات اللبنانية، كما أن تصحيح الأجور سيسرّع حتماً من ارتفاع سعر صرف الدولار والأسعار كافةً.

هذه العملية تستوجب خطوات عديدة كالتي تقدّمنا بها في مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية في إطار خطة النهوض وأهمّها:

- إعادة هيكلة القطاع العام والمصارف.

- تنظيم عديد الموظفين في القطاع العام خصوصاً.

- إشراك القطاع الخاص في عدد من القطاعات العامة في سبيل تخفيف الأعباء عن الدولة وزيادة الإنتاجية، إضافةً إلى خطط إنمائية لمختلف القطاعات العامة، لاسيّما تعزيز قطاع التعليم الرسمي الذي يشهد إقبالاً كبيراً عليه في هذه الفترة ووضع خطّة شاملة للنقل العام.

تدعو مقدّمة دستور منظّمة العمل الدوليّة الصادر في العام 1919 إلى تحسين عاجلٍ في ظروف العمل استناداً إلى المبدأ القائل: "السلام الشامل والدائم لا يمكن أن يؤسّس إلّا على أُسس العدالة الاجتماعيّة". واليوم يبدو ميزان هذه العدالة مفقوداً. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم