الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تقرير ديوان المحاسبة عن قطاع الاتّصالات: الوزير فتح "صندوق باندورا" الخليوي

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
فتح التقرير الخاص الصادر عن ديوان المحاسبة حول قطاع الاتصالات النقاش مجدداً حيال الهدر المنظم بمئات ملايين الدولارات خلال السنوات العشر التي يشملها التقرير من عام 2010 الى عام 2020. فالتقرير يسلط الضوء على فضائح موثقة تتعلق بقطاع الخليوي، الذي يُعد واحداً من أهم مداخيل الخزينة، وتحوّل مع الوزراء الذين تسلموا المهام في تلك الفترة الى باب للإنفاق غير المجدي وتوظيف الأزلام والمحاسيب وهدر ملايين الدولارات.
 
تقرير الديوان أحيل الى النيابة العامة التمييزية وإلى الجهات المختصّة، فهل يتحرك القضاء المختصّ للادّعاء والمحاسبة، أم نستمر في إظهار المخالفات وتوثيقها والإعلان عنها... ومن ثم نسيانها مع الوقت؟
 
على الرغم من تناول التقرير أعمال الهيئة المنظمة للاتصالات و"هيئة أوجيرو" وشركتي الخليوي، يظهر بشكل واضح أن الهدر الكبير للمال العام حصل في قطاع الخليوي تحديداً، إذ تؤكد مصادر متابعة لـ"النهار" أن "التقرير يتناول علاقة الهيئة المنظمة للاتصالات ووزارة الاتصالات مع سرد لعدد من المخالفات التي قامت بها الهيئة المنظمة، بيد أنه لم يتم إجراء أي عقود مع طرف ثالث أو إنفاق أيّ مبالغ كبيرة من الهيئة المنظمة للاتصالات مقارنة مع أعمال هيئة أوجيرو أو مع شركتي الخليوي".
 
أما في ما يتعلق بـ"هيئة أوجيرو"، فتشير المصادر الى أن التقرير يستفيض في تبيان عدد من المخالفات الإدارية والمالية الحاصلة في السنوات الاربع الممتدة من عام 2017 الى عام 2020، إلا أنه يعرض باختصار عقد تلزيم الألياف البصرية الذي وُقّع في عام 2018 وهو بقيمة تقارب 300 مليون دولار، من دون توضيح مدى قانونية هذا التعاقد أو مقارنته مع مشروع وزارة الاتصالات الذي أُطلق من السرايا الحكوميا عام 2015 والذي ينص على قيام هيئة أوجيرو بقدراتها الذاتية بمهام تمديد الألياف البصرية. ولم يتطرّق الى مدى أحقية الشركات الخاصة الثلاث التي التزمت المشروع في عام 2018 في تقديم خدمات الألياف البصرية الى المشتركين بطريقة مستقلة وإلى فترة زمنية غير محددة، بما يمكن أن يتعارض مع القوانين النافذة، لكون القطاع الخاص سوف يستثمر خدمة الألياف البصرية دون ترخيص لفترة زمنية غير محدودة ودون دفع ثمن الرخصة الذي قد يصل الى مئات ملايين الدولارات أو حتى بضع مليارات الدولارات في حالات مماثلة للسوق اللبناني ولتراخيص قد تمتدّ لعشرات السنين.
 
كذلك يتناول التقرير التوظيفات العشوائية في هيئة أوجيرو بعد عام 2017 ولا سيما الزيادة الكبيرة في عدد المياومين، وأشار الى الربح المتراكم لدى ھیئة أوجیرو قبل عام 2017 والبالغ 160 ملیون دولار، إذ لحظ التقرير الإنفاق خارج الأطر التعاقدیة خلال أعوام 2017، 2018، 2019، 2020... "ذلك أن العمل ضمن إطار تعاقدي كان سیؤدي إلى الحفاظ على الربح المتراكم لدى "أوجیرو" خلال أكثر من 10 سنوات والبالغ 160 ملیون دولار، بدلاً من أن يصرف خارج الأطر التعاقدية وما استتبعه من مخالفات قانونیة".
 
بالعودة الى قطاع الخليوي، يمكن تلخيص تقرير ديوان المحاسبة عن شركتي الخلوي، لجهة تحديد المسؤولية عن هدر مئات ملايين الدولارات، ما ورد فيه تحت عنوان "تطوّر الإنفاق"، إذ جاء حرفياً "عُدّلت العقود بعد عام 2012، ولم یعد من سقف مالي للنفقات التشغیلیة، ولم تعد الشركتان تدیران عملیة إنفاقھما، بل حُوّلت الى الوزیر، وكان من نتیجة ذلك أن الشركتین لم تعودا مسؤولتین عن الإنفاق ولا تملكان أي قرار". وتالياً، وفق ما تؤكد المصادر، "كان من المفترض أن یؤدّي ھذا التدبیر الى خفض في الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي من وجوب حرص الوزارة على عدم ھدر المال العام المتأتي من إیرادات ھذا المرفق الحیوي، بيد أنّه تبیّن، وخصوصاً خلال السنوات ما بعد عام 2012، أن الإیرادات كانت في تناقص والنفقات في ارتفاع، ولم یكن ھناك من خطة لخفض الإنفاق الرأسمالي والتشغیلي الذي اعتبر باهظاً جداً مقارنة بمساحة لبنان وعدد المشتركین وقرب المسافة بین المحطات لكلتا الشركتین"، بما يعني أن وزير الاتصالات في عام 2012 فتح "صندوق باندورا" الخلوي، بما في ذلك من مصاريف تشغيلية في مختلف المجالات تبدأ بتوظيف المحظوظين بطريقة استنسابية وزبائنية (العبارتان وردتا حرفياً في التقرير) ولا تنتهي بإيجارات الأبنية وأماكن المحطات أو عقود الصيانة أو مختلف العقود غير الاستثمارية أو الدعاية والإعلان والرعاية أو التوظيفات في مجلس الإشراف للمالك، إذ أورد تقرير الديوان جداول الإيرادات والنفقات الاستثمارية والتشغيلية لشركتي الخلوي، التي تظهر بوضوح لا يقبل الشك كيف انخفضت الإيرادات سنوياً بدءاً من عام 2012 وزادت المصاريف سنوياً كذلك بدءاً من عام 2012.
 
ويشير تقرير الديوان الى أن إيرادات الخلوي حققت 17 مليار دولار منذ عام 2010 الى عام 2020، كما رُفدت الخزينة خلال الفترة نفسها بمبلغ 11 مليار دولار، وتالياً حصل هدر بقيمة 6 مليارات دولار على مصاريف استثمارية وتشغيلية في غير مكانها إطلاقاً. مثال على ذلك، إدخال مئات الموظفين الى شركتي الخلوي منذ عام 2012، وخصوصاً في السنتين 2012 و2013 كما يظهر التقرير، ما اضطر وزير الاتصالات في آذار من عام 2019 إلى التصريح للّجان النيابية في مجلس النواب بأن هناك فائضاً في شركتي الخلوي يُقدّر بـ500 موظف. وتالياً، إذا احتُسب معدل الرواتب الوارد في تقرير الديوان على هؤلاء الخمسمئة موظف في وظائف وهمية لفترة عشر سنوات، تكون كلفة هذه الوظائف الوهمية وحدها تفوق 250 مليون دولار أميركي. مثال آخر يتناول عقد الصيانة مع شركتي "ألفا" و"تاتش" المبرم في عامي 2018 و2019 مع شركة "باورتك" كما يشير تقرير الديوان، والذي كلف عشرات ملايين الدولارات بإصرار من الوزير، بالرغم من اعتراض شركة الخلوي وإبراز التقارير التي تشير إلى أن الشركة تستطيع القيام بالصيانة المطلوبة بمواردها المتاحة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم