الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مجوهرات "أسعد الخوري" في رسالة صمود... هي المرة الخامسة التي يُرمَّم فيها المحل (صور وفيديو)

المصدر: النهار
فرح نصور
مجوهرات أسعد الخوري. (تصوير حسام شبارو)
مجوهرات أسعد الخوري. (تصوير حسام شبارو)
A+ A-
 
 
"اعتدنا في الحرب، أنّه كلّما انكسر باب أو شباك في محلاتنا، أن يقوم أهلي في اليوم التالي بتصليحه"، جملة افتتح فيها صاحب محل مجوهرات "أسعد خوري" الذي يعود تاريخه إلى أكثر من خمسين سنة، حديثه. خلال هذه الأعوام، رمّم الوالد محلّه وأعاد تصليحه خمس مرات جراء أحداث أمنية متفرّقة، كدلالة على الإصرار والصمود والاستمرار. استكمل الابن، خليل خوري، عمل والده. فبعد انفجار المرفأ، سارع إلى تصليح محلّه في ثاني يوم الانفجار لمعاودة ترميم ما كسره هذا الانفجار في داخله. يروي خليل في هذه السطور، رحلة إعادة "الوقوف على رجليه".
 
اتّخذ خليل قرار إعادة فتح محلّه في اليوم الثاني من الانفجار وبدأ بالتنظيف والترتيب، "اعتدنا في الحرب، أنّه كلّما انكسر باب أو شباك في محلاتنا، أن يقوم أهلي في اليوم التالي بتصليحه". لذلك، هرع في اليوم التالي لتصليح محله فوراً، لكنّه سأل بحسرة: "لماذا علينا أن نعتاد على أن تُدمَّر أملاكنا وأعمالنا ورزقنا وأن نعاود الوقوف؟ لماذا عليّ أن أبدأ من الصفر وأصلح محلي خمس مرات في العمر؟".
 
 
لم يكن يستطيع إبقاء المحل مدمّراً، إذ أجرى له نفضة منذ أقلّ من سنة. عاود تصليحه ورمّمه لأنّه "لا يمكنني أن أبقيه مدمراً ومكسوراً لاعتبارات معنوية، الدمار لا يهم لكن ما يهم هو أنّهم كسرونا بداخلنا، ففتح المحل قد يكون محاولة لتصليح ما تكسّر في داخلي "، يشرح خليل. 
لا يعرف تحديداً حجم الخسائر التي تكبّدها في المحل جراء انفجار المرفأ لأنّه لم ينته من التصليح بعد، ولا زال هناك حوالي 10% ليكتمل المحل كلياً. ولولا أن أرسل له إخوته المال من الخارج ليرمم المحل "لما استطاع الوقوف على رجليه"، فـ "المصارف وضعت يدها على حساباتنا والجميع يطلب البدل نقداً". فهو خسر أيضاً من بضاعته، إذ وجد قطعاً ناقصة من مجوهراته. فمع كل الدمار الذي حلّ في متجره، وفي يوم الانفجار ليلاً، كان يجلس حوالي 12 شاباً على حافة الشارع مقابل المحل، ولم يرَ خليل جيشاً في محيط محله، فـ "الزعران كانوا هنا فقط"، ما دفعه لأن يبقى حتى الساعة الثالثة فجراً واستعان بحداد لإغلاق المحل بألواح حديدية. 
 
 
رجف صوته وهو يقول: "لديّ خمسة منازل وثلاثة محلات وسيارتين، لكن لم يساعدنا أحد بتصليح شيء منها"، سوى بتركيب واجهة زجاج في محل بالجميزة من قبل إحدى المنظمات غير حكومية. 
 
 
لم تكن فكرة الهجرة واردة لديه قبل الانفجار. إلّا أنّه بعد مرور حوالي عشرين يوماً عليه، اتّخذ وزوجته قرار الهجرة إلى اليونان، لكنّه تراجع عنه لأنّه لم يجد أماكن في المدارس لبناته هناك. "قررت أن أهاجر من أجل بناتي، وفي حال هاجرت، عليّ أن أبدأ من الصفر ولا أحد يعرفني هناك ومهنتنا تعتمد على الثقة في التعامل بين تجار المجوهرات، وهذه الثقة بنيتها خلال العشرين عاماً الماضية". محل والده الذي استلمه منذ حوالي السنة، موجود في الأشرفية منذ عام 1975، و"هذا المحل الخامس الذي يعاود والدي ترميمه وتصليحه بسبب الحرب ". المحل الأول دُمِّر مرتين جراء "حرب عون وجعجع" في منطقة انطلياس. والمحل الموجود في الأشرفية حالياً أيضاً دُمِّر جراء وقوع انفجارٍ عام 1976. لكنّ الأكثر أذى وضرراً كان انفجار مرفأ بيروت، فـ"خلال عشرينن عاماً، لم يمر عليّ شيء مشابه".
"لديّ أمل بلبنان، لكن ليس مع الطبقة السياسية الحاكمة الآن، وسأهاجر وسأعود عندما تتغيّر هذه السلطة". 
 
 
ابنته الكبرى عمرها 12 عاماً والصغرى 10 أعوام، ولم يدعهما تنزلان إلى المحل إلّا بعد مرور ثلاثة أسابيع على الانفجار، بسبب الدخان الذي كان يخرج من المرفأ. 
رسالة الصمت التي أرسلها من خلال فتح المحل، كانت أبلغ من الكلام. "لا أدري ماذا أقول"، عبارة اصطحبها صمت وغصة انفجارظهران مدى الإصرار رغم الوجود في صلب الإحباط.
 
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم