صناعة الطعام تزدهر في الإمارات لتتساوى بوجهات الذواقة العالمية كباريس ونيويورك ولندن

في حين أنه من المتوقَّع أن تكون التوقعات الاقتصادية لمعظم دول العالم متقّلبة خلال عام 2023، إلّا أنه في منطقة الخليج يبدو الاتجاه مزدهراً. فبحسب تقرير نشرته شبكة CNBC، نرى أنّ مشهد طعام الذواقة في الإمارات العربية المتحدة يتّخذ أمثال باريس ونيويورك ولندن. ويعود ذلك جزئياً إلى السياحة التي استقطبها مونديال قطر، كون قطاع السياحة في المنطقة لم يكن يتمتع بهذه الميزة من قبل.
 
وينطبق هذا الواقع بشكل خاص على دولة الإمارات العربية المتحدة، بحيث ازدهر اقتصاد الدولة بنسبة تزيد عن 6 في المئة هذا العام، وفقاً لصندوق النقد الدولي. فبالنسبة لقطاع الضيافة في الدولة، فقد ازدهر بشكل هائل، إذ كان العدد المتزايد من المطاعم الفاخرة الجديدة أمراً لا بدّ منه، بحيث يجب أن تكون المطاعم المرخَّصة في الدولة جزءًا من فندق - مع استثناءات قليلة في المنطقة المالية في مركز دبي المالي العالمي – لذلك، يُعد ذلك الشرط ارتباطاً تجارياً حيوياً.
 
وكما هو الحال دائماً في هذا القطاع، فإنّ المنافسة بين مَن هو الأكثر إسرافاً وتثميناً، كما يتّضح من الروح التنافسية التي ظهرت في حفل توزيع جوائز دليل "ميشلان" دبي الافتتاحي في الإمارات العربية المتحدة قبل بضعة أشهر.
 
وشهدت العاصمة أبو ظبي تكريم ثلاثة من مطاعمها بنجمة واحدة، لمطبخها الإيطالي"Cucina di Famiglia" ، و"هاكاسان"، وهو مطعم متخصِّص بالنكهات الكانتونية التقليدية، ومطعم "99 سوشي" الياباني العصري للغاية.
 
وفي دبي، تم تقديم 11 مطعماً رائعاً من نجوم ميشلان، بما في ذلك المطعم الإيطالي الراقي Armani Ristorante الواقع في أشهر معلَم في المدينة، برج خليفة.
 
وأكّد الشيف جيوفاني بابي لـ CNBC أنّ الجوائز هذا العام من أمثال "ميشلان" تجذب عشاق الطعام الأثرياء، من السكان المحليين والسياح على حد سواء، مضيفاً أنّ "منذ آخر الجوائز التي حصلنا عليها، شهدنا زيادة في عدد الضيوف الذواقة".
 
ويعرض المطبخ في Armani Ristorante حالياً قائمة تذوّق على طراز الكمأة تبدأ من 949 درهماً (258 دولاراً) للفرد، أو 1،559 درهماً مع إضافة النبيذ. وتشمل أطباقاً منمَّقة مثل بوتوني ريبييني المكوَّنة من رافيولي على شكل زر محشو بلحم الضأن والخرشوف، وجبن كاستيلماغنو ولحم الضأن.
 
في حين أنّه لا توجد رسمياً مطاعم حاصلة على ثلاث نجوم "ميشلان" في الإمارات العربية المتحدة حتى الآن، فقد شهد شهر تشرين الثاني زيارة شيف بيير غانيير الحائز على 3 نجمات "ميشلان". ويعتبر المايسترو الفرنسي زائراً منتظماً لدبي وأحد الطهاة العالميين الذين وضعوا أجندة تذوّق الطعام في الإمارة.
 
ولبضع ليالٍ فقط، تذوّق الضيوف الأثرياء عينات من إبداعات الطعام مثل الحبار المقلي مع الثوم الأسود وفطر باريس والجرجير. وعلّق غانيير على هذا الحدث قائلاً:"مشهد الطعام هنا يتطوّر بسرعة. هذه الزيارة جعلتني أشعر بالرهبة لرؤية الإنجازات الرائعة التي حقّقتها الدولة في تطوير صناعة الطعام بشكل رائع ولا يمكن أن يكون هناك موقع أكثر إلهاماً من دبي للحصول على مطعم."
 
ويتّفق رؤساء "ميشلان"، على أنّ الإمارات الآن تقف على قدم المساواة مع الوجهات الذواقة العالمية الكبرى مثل باريس ونيويورك وسنغافورة ولندن.
 
وقال غويندال بولينيك، المدير الدولي لمرشدات "ميشلان"، لشبكة CNBC إنّ معايير الاختيار لجميع مطاعم دليل "ميشلان" هي نفسها وفقاً لعملية التقييم العالمية الخاصة بنا، بحيث يراجع مفتشون مجهولون جميع المأكولات ويقيّمون جودة الأطباق. ويمكننا القول إنّ المطاعم في دليل "ميشلان" المختار في الإمارات العربية المتحدة تساوي المدن الكبرى".
 
المطبخ المحلي...
ومع ذلك، بالنسبة لبعض خبراء الطهي المحليين في الإمارات، وعلى الرغم من أنّ اختيار "ميشلان" لهذا العام شمل المأكولات من جميع أنحاء القارات الأوروبية والآسيوية، لم يتم منح أي مطعم إماراتي متخصِّص في مطبخ الشرق الأوسط أي نجمة.
 
وفي حديثها إلى CNBC ، علّقت سامانثا وود، مؤسِّسة موقع FooDiva.net  الشهير لتقييم المطاعم قائلة: "إن اعتماد الإمارات العربية المتحدة الكبير على المنتجات المستورَدة، على الرغم من الاختيار المتزايد للمكونات المحلية، هو أمر ضار، وهو مرتبط بارتفاع الأسعار المرتبطة بالمطاعم هنا. ومع ذلك، فإنّ الأمر الأكثر إحباطاً هو أنّ بعض المطاعم المحلية المتفوّقة، لم يتم التعرف عليها في دليل "ميشلان" .
 
وأضافت وود أنّ "من بين 11 مطعما من فئة نجمة واحدة ونجمتين في دليل دبي، هناك مطعمان فقط من المطاعم المستقلة التي يترأسها طهاة، على الرغم من الكم الهائل من المواهب هنا. وهذه المطاعم هي التي يجب أن تعترف بها "ميشلان" على أعلى مستوى، بدلاً من التركيز على مفاهيم طهاة المشاهير المستورَدة والمتوفِّرة في أي مكان في العالم" .
 
جوائز أفضل قيمة
كان هناك تقدير للطبخ الشرق أوسطي بين الحاصلين على جوائز "ميشلان" من فئة المطاعم التي تقدم تجربة ذواقة من ثلاثة أطباق بسعر متوسط 250 درهما. ومن بين الفائزين مطعم Levantine، مطعم بيت مريم، ومطعم الخيمة، الذي يقدم المأكولات الإماراتية الريفية.
 
ومع هذا التطوّر المطعمي لقطاع السياحة في الإمارات العربية المتحدة، أعلن القادة عن خطط لتعزيز القطاع وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي الوطني من 177 مليار درهم إماراتي حالياً إلى 450 مليار درهم بحلول عام 2031.
 
وبحسب وزير الاقتصاد عبد الله بن طوق المري، فإنّ الاستراتيجية تخطّط لجذب استثمارات بقيمة 100 مليار درهم وجلب 40 مليون نازل فندقي إلى المنطقة.