حول التطورات الاقتصادية والأموال السورية في لبنان

  الدكتور مكرم صادر كثيرةٌ هي المعطيات والمؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تُظهر حجم التراجع القائم في القطاع المالي وفي الاقتصاد اللبناني. ويعود معظم التراجع القائم الى قصور السياسات العامة بل والى غيابها المُفجِع في وقتٍ تبدو البلاد بأمسّ الحاجة الى مضاعفتها إزاء اشتداد وتداخل الأزمات الثلاث، وأوّلها إعلان الحكومة إفلاس البلد وتوقّفه عن احترام التزاماته الخارجية بل والداخلية، وثانيها جائحة كورونا وما ترتّب عليها من تراجع في النشاط الاقتصادي، وثالث الأزمات يتمثّل بالتردّي المستمرّ في الأوضاع النقدية وبخاصةً في أسعار صرف الليرة اللبنانية تجاه العملات الأجنبية وما يرتبط بها من تعدّد لأسعار الصرف ولأزمة الثقة بكامل القطاع المالي، وكذلك لتصاعد العجز في ميزان المدفوعات الخارجية بالرغم من تقلّص استيراد البضائع والخدمات المرتبطة بها من أكلاف الشحن والتأمين؛ ما يعني تسارع خروج الأموال وتباطؤ دخولها كما سنبيِّنُه في هذه المقالة. ثمَّ نتوقف ولو خارج سياق هذه المقالة عند ما نُشِرَ حول احتجاز الودائع السورية في لبنان إذ لا يجوز أن يمرّ هذا الموضوع مرور الكرام لما يتضمّنه، من جهة أولى، من تضخيم للأرقام ولما يترتّب عليه، من جهة ثانية، من أذيّةٍ لمصارفنا كونه يعني ضمناً فيما يعني أن المصارف اللبنانية لم تلتزم بمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، علماً أن المصارف اللبنانية مشهود لها بتطبيقها لكلّ ما صدر من عقوباتٍ أميركية وأوروبية وحتى أمميّة في حقّ سوريا.أولاً، على صعيد التطورات الاقتصادية والمالية والنقدية، نتوقّف عند ثلاث متغيّرات ماكرو اقتصادية، هي تحديداً النمو والتضخم، وضع المالية العامة وأخيراً التطورات النقدية بما فيها المدفوعات الخارجية.  بالنسبة الى النشاط الاقتصادي، تجمع التقارير المتوافرة من صندوق النقد والبنك الدولي ومؤسّسة التمويل الدولية على أن الناتج المحلي الإجمالي للبنان بالأسعار الحقيقية من المرجّح أن يسجّل عام 2020 تراجعاً بحدود 25% في المتوسط. توازياً، فإن ارتفاع الأسعار المتوقّع وبخاصة أسعار السلع والخدمات غير القابلة للتصدير، تُضخّم الناتج...