الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

أراضي "ميتافيرس" تُباع بأرقام خياليّة... لماذا يشتري الناس عقارات افتراضيّة ويبنون ممتلكات عليها؟

المصدر: النهار
أ ف ب.
أ ف ب.
A+ A-
أنفق جوني مكاملي ما يقرب من 5000 جنيه استرلينيّ على قطع أرض. لكنّه لا يستطيع المشي حقيقيّاً وجسدياًّ عليها، ولا يمكنه العيش فيها أو بناء منزل عليها. هذا لأنّ استثمار الشاب البالغ من العمر 23 عاماً في "ميتافيرس"، ممّا يعني أنّ أرضه افتراضيّة تماماً وتوجد فقط داخل عالم رقميّ.
 
مكاملي هو واحد من العديد من الأشخاص الذين قرّروا شراء عقارات افتراضيّة في منطقة "ميتافيرس".
 
ورد هذا المثال في مقال نشرته شبكة Skynews، عن المفارقة في امتلاك عقارات افتراضيّة، والاستثمار فيها بمبالغ طائلة دون الاستفادة الحقيقيّة منها.
 
في العام الماضي، وصلت صفقات الأراضي الافتراضيّة إلى 350 مليون دولار (267 مليون جنيه استرليني) فيThe Sandbox ، أكبر منصّة للملكيّة الرقميّة، وفقاً لتقرير صادر عن مركز التمويل والتكنولوجيا وريادة الأعمال.
 
وجرت معاملات أخرى بقيمة 110 مليون دولار (84،2 مليون جنيه استرليني) في Decentraland، ثاني أكبر منصّة "ميتافيرس".
 
ما هو "ميتافيرس"؟
هو ليس مساحة رقميّة واحدة. إنّه شبكة من عوالم الواقع الافتراضيّ، أنشأتها الشركات والمنصّات، بحيث يمكن للمستخدمين التفاعل ولعب الألعاب وحضور الأحداث وشراء الأراضي.
 
ويُعدّ Horizon Worlds أحد المواقع الأكثر شهرة في "ميتافيرس"، والذي أنشأته "ميتا"، العملاق التكنولوجيّ الذي حوّل تركيزه إلى المساحات الافتراضيّة. وفيما أعلنت العلامات التجارية الأخرى أيضاً عن عوالمها الرقميّة الخاصّة، يخطّط "مانشستر سيتي" لبناء أوّل ملعب كرة قدم "ميتافيرس" بالشراكة مع "سوني".
 
اشترى مكاملي، الرئيس التنفيذيّ لشركة CryptoClear، قطعة أرضه في TheSandbox في أكتوبر الماضي. وقال أنّ "هناك كازينوهات في "ميتافيرس"، وهناك أيضاً متاحف، كما أنّ هناك أحداثاً مثل البودكاست والمؤتمرات التي حضرتها بالفعل. لذا، فإنّ أفضل طريقة للنظر إليه هي أنه يأخذ العالم الحقيقيّ ويحوّله إلى أرقام".
 
لماذا يشتري الناس عقارات افتراضيّة؟
 
بالنسبة إلى مكاملي، كانت فرصة الحصول على مكان في هذا العالم الخياليّ فرصة لا ينبغي تفويتها، على الرغم من عدم اليقين في السوق وتقلّب الأسعار، ممّا يجعله استثماراً محفوفاً بالمخاطر. "إنّه مثل أيّ استثمار جديد، أيّ فئة أصول جديدة. فعندما دخلت إلى "بيتكوين"، عندما كان سعرها 300 دولار، قيل لي إنّها كانت مخاطرة كبيرة، والأمر نفسه مع إيثر، بسعر 4 دولارات. أعتقد أنّ الحصول على قطعة أرض في Decentraland مقابل 4000 دولار هو مجرّد صفقة "، بحسب مكاملي.
 
وبينما يعتزم تعليق شرائه لمدّة 10 سنوات، يعلّق: "أعتقد أنّ "ميتافيرس" سوف ينضج في غضون عقد تقريباً، وسأفكّر في بيع الأرض عندما يحين ذلك الوقت."
 
 
يمكن لمالكي الأراضي أيضاً استخدام مساحاتهم الافتراضيّة لتصميم تجارب ليستمتع بها الآخرون. فوفق مكاملي، "قطع الأرض المملوكة للمجتمع، هي المفضّلة لديّ".
 
 
البحث عن منزل في العالم الافتراضيّ
البحث عن منزل مثاليّ في منطقة "ميتافيرس" يشبه الحياة الحقيقيّة. وستحمل الأرض المجاورة للطرق وبالقرب من المناطق المرغوبة، مثل مناطق "الموضة" أو "المتاحف"، سعراً أعلى، وستشكّل فرصاً استثماريّة أكثر جاذبيّة. ففي The Sandbox ، تُعدّ المناطق المركزيّة الأكثر ازدحاماً بالقرب من المعالم الأخرى أغلى بكثير من الأحياء الجديدة في الضواحي.
 
هوية جيرانك ستؤثّر أيضاً على قيمة الممتلكات الخاصّة بك. إذ في أيلول 2021، أعلن مغنّي الراب سنوب دوج عن برنامج "Snoopverse" الرقميّ الخاصّ به في The Sandbox. وبعد شهرين، بِيع عقار بجوار قطعة أرضه بأكثر من 450 ألف دولار (350 ألف جنيه استرلينيّ). لكن على عكس عمليات شراء الممتلكات التقليديّة، لا يوجد طرف ثالث أو قانون يمكنه ضمان شرعيّة الصفقات. وقد يكون ذلك الأمر محفوفاً بالمخاطر عند الشراء من سوق ثانويّة مثل OpenSea، بحيث تتمّ عمليّات الشراء باستخدام العملة المشفّرة.
 
لكن لماذا يقوم الناس ببناء ممتلكات افتراضيّة؟
 
بالإضافة إلى امتلاك الأراضي، هناك جيل جديد من "المهندسين المعماريّين" الذين يصمّمون المساحات الافتراضيّة.
 
ستافروس زاكارياديس هو مهندس معماريّ تقليديّ يعمل في جنوب لندن، لكنّه بدأ في التصميم للعالم الرقميّ لمواجهة الوباء، بعد أن أسّس شقيقه "أدونيس رينوفي"، وهو سوقNFT. ومؤخّراً، صمّم الشاب البالغ من العمر 37 عاماً، متاجر افتراضيّة لأسبوع الموضة.
 
وقال زاكارياديس: "إنّ ميزة "ميتافيرس" والبناء فيه هو أنّه يمكن للأشخاص والشركات عرض منتجاتهم. ويمكننا توفير مساحات اجتماعات لأشخاص مختلفين، خاصّة الآن مع كوفيد. ويمكنك الحصول، من عوالم الخيال العلميّ الفائق، على المباني العائمة التي تدور وتتحوّل، وعلى الجانب الآخر من أنماط العمارة الكلاسيكيّة والتاريخيّة."
 
وفي اعتقاده، يمكن لـ"ميتافيرس" أن يفتح الأبواب أمام أولئك الذين يفتقرون إلى الاتّصال في الحياة الواقعيّة، إذ "كنت أفكر في كيفيّة تغيير إمكانيّة الوصول، فعلى سبيل المثال، يمكن للشخص الذي لا يمتلك القدرة نفسها على التنقّل أن يكون متساوياً في "ميتافرس. لكن من المستحيل معرفة ما هي نهاية اللعبة، إنّما الكثيرون يحذّرون من أنّ هذه الاستثمارات قد تتعثّر".
 
ويتعمّق اليوتيوبر"Mitch Investing"، من برمنغهام، في مواضيع مثل التمويل الشخصي والتقنيات الناشئة على قناته. ويرى أنّ الوعود بأن تصبح "ميتافيرس" جزءاً من حياتنا اليوميّة قد تكون مبالغاً فيها، إذ "إنّه في وقت مبكر جدّاً من تطويره، سيكون الأمر مثل الاستثمار في شركة كانت تعمل لمدّة عام فقط. لست متأكّداً ممّا إذا كانت ستنطلق أم لا، ولست متأكّداً جدّاً من الاتّجاه الذي تسير فيه الشركة، ولا كيف يمكن أن يتطوّر نموذج العمل. الأمر تخمينيّ للغاية من وجهة نظري".
 
وهناك قلق من عدم نجاح جميع العوالم الافتراضيّة في جذب عدد كبير بما يكفي من المستخدمين. وقد حذّر اليوتيوبر من أنّه "يمكن أن يكون هناك الآلاف من الـ"ميتافيرس" مثل مواقع الويب اليوم. ومن المستحيل معرفة ما هي نهاية اللعبة".
 
المخاطر والتقلّبات
وصفت هيئة السلوك الماليّ، الأصول المشفّرة، بأنّها "استثمارات مضارِبة عالية المخاطر"، وحذّرت من أنّ الأشخاص الذين يتداولون فيها، يجب أن يكونوا مستعدّين لخسارة كلّ أموالهم. فهناك أيضاً مخاوف أوسع بشأن سلامة المستخدمين من حيث الضرر عبر الإنترنت.
 
وسيأخذ مشروع قانون الأمان عبر الإنترنت، الذي تمّ طرحه حديثاً، في الاعتبار، النشاط في "ميتافيرس"، حيث يُطلب من الشركات اتّخاذ إجراءات إذا ارتكب مستخدموها الاحتيال، بما في ذلك أولئك الموجودون في مساحات الواقع الافتراضيّ.
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم