محكمة بريطانية تنظر في النزاع بين "إيرباص" وقطر

من المنتظر أن تتقابل شركة صناعات الطائرات "إيرباص" و"الخطوط" الجوية القطرية وجهاً لوجه في المحكمة اليوم، في وقت دخل فيه نزاع بخصوص طائرات بمليارات الدولارات مرحلة مثيرة وأزعج بعض رؤساء شركات الطيران.

وستطلب شركة الطيران الخليجية من قاض بريطاني تمديد أمر يمنع "إيرباص" من إلغاء عقد لشراء 50 طائرة من طراز "إيه321 نيو"، انتظاراً للانتهاء من جلسات الاستماع.

واتخذت "إيرباص" خطوة نادرة بوقف الطلبية في كانون الثاني ردّاً على رفض قطر تسلّم طائرات "إيه 350" الأكبر حجماً، مشيرةً إلى انهيار العلاقات.

وأوقفت قطر تشغيل 23 طائرة من طراز "إيه 350"، معربة عن مخاوفها من تأثر السلامة بسبب فجوات في طبقة الحماية من الصواعق التي تركت مكشوفة بسبب تشقق الطلاء.

وتقول إنّها لن تتسلّم المزيد من الطائرات حتى يتمّ توضيح السبب رسمياً، وتقاضي شركة "إيرباص" من أجل تعويضات آخذة في الزيادة وتتجاوز الآن مليار دولار.

واعترفت "إيرباص" أكبر شركة لصناعة الطائرات في العالم بوجود مشاكل في الجودة بخصوص الطائرات، لكنها تصر على أنّ الضرر يقع ضمن حدود السلامة المسموح بها، مشيرةً إلى أنّ الجهات التنظيمية الأوروبية تعتبرها صالحة للطيران وأنّ شركات الطيران الأخرى تواصل تشغيلها.

ولم يشارك رؤساء شركات طيران اتصلت بهم "رويترز" قطر مخاوفها بشأن صلاحية الطائرة "إيه350" للطيران، لكنهم أعربوا عن قلقهم المتزايد بشأن حجم النزاع الذي أزعج إجماعاً واسعاً في القطاع بشأن السلامة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة من عملاء "إيرباص" لـ"رويترز": "هذا ليس مفيداً للصناعة. ينبغي لهما إخراجها من قاعة المحكمة والتوصّل إلى اتفاق".

وعرض العديد من الأطراف في الصناعة التوسط، لكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على أيّ انفراجة، رغم أنّ أيّاً من الجانبين لم يغلق الباب نهائياً أمام النقاش، وقالت "إيرباص" إنّها تريد تسوية "ودية".

وستكون جلسة اليوم، المقرر أن تبدأ في الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش، أوّل مواجهة مباشرة بعد عقد الجلسات الإجرائية عبر الإنترنت بسبب قيود كورونا.

"لعبة خطرة"
ألقت البيانات المقدمة قبل جلسة الاستماع غير العادية ضوءاً جديداً على التخطيط الصناعي وتفاصيل المفاوضات بشأن الطائرات التي عادة ما يتم الاحتفاظ بها طي الكتمان.

وسلّطت القضية أيضاً الضوء على العلاقات الحساسة بين فرنسا، حيث يوجد مقرّ شركة "إيرباص"، وأحد أقرب حلفائها الخليجيين في وقت برز فيه دور قطر كمنتج للغاز بينما تسعى أوروبا لتقليل اعتمادها على روسيا.

ومن أجل اتخاذ قرار بشأن طلب قطر إصدار حكم قضائي، سيقيّم القاضي الجانب الذي سيخسر أكثر إذا تمّ إلغاء عقد "إيه 321" وإلى أيّ مدى تكون الطائرة فريدة من نوعها في فئتها. وتدخل هذه القضية في صميم معركة "إيرباص" على المبيعات مع منافستها "بوينغ" في الجزء الأكثر ازدحاماً في السوق.

وتفوّقت "إيرباص" على "بوينغ" بنحو أربعة إلى واحد في سوق مبيعات الطائرات ذات الممر الواحد، وقال كريستيان شيرير مدير الشؤون التجارية العام الماضي إنّ الطائرة "ايه321 نيو" تتمتع "بقدرات لا مثيل لها واقتصاديات تشغيلية".

ومع ذلك، قالت "إيرباص" في بيانات قُدمت مسبقاً إلى المحكمة إنّ الخطوط الجوية القطرية يمكن أن تستبدل الطائرات "إيه321 نيو" المُلغاة بطائرة "بوينغ 737 ماكس" المنافسة، التي طلبتها موقتاً في كانون الأوّل، أو طائرات "إيرباص" المتاحة من شركات التأجير.

وأعطت القضية أيضاً لمحة عمّا تنطوي عليه من رهانات، إذ تشهد شركات التأجير حالة من التعافي غير المنتظم مع ترقب بلوغ معدلات الإيجار المستويات التي كانت تخطط لها قبل الجائحة.

وقالت "إيرباص" للمحكمة إنّ شركات التأجير تبحث عن أماكن لثمانين طائرة "إيه320" و48 طائرة "إيه321" في 2023، وهو رقم تقول مصادر بالسوق إنّه مرتفع نسبياً قبل عام من التسليم.

وقال مستشار الطيران برتراند جرابوفسكي "يظهر هذا أنّ شركات التأجير تعتقد أنّ سوق الإيجار ستتجه صعوداً وأنّها تتردد قبل طرح الطائرات التي تمّ الحصول عليها قبل الجائحة. لكنّها لعبة خطرة".

وكشفت الخطوط الجوية القطرية بدورها عن تفاصيل من غير المعتاد الكشف عنها لخطط خاصة بإنتاج الطائرة "إيه321 نيو"، والتي شملت دواسات التحكم في المقاعد والمراحيض المقتبسة من تلك الموجودة في الطائرة العملاقة الفخمة "إيه380". وعادةً ما يتم التكتم على مثل هذه التفاصيل حتى تصبح شركات الطيران مستعدة للكشف عنها في قطاع السفر شديد التنافسية.

وبعد الإجراءات في المحكمة العليا في لندن هذا الشهر، يتجه الجانبان إلى اجتماع يحتمل أن يكون غير مريح في أكبر حدث سنوي في صناعة الطيران في حزيران، والذي تمّ نقله إلى قطر بسبب قيود السفر في الصين.

وقال رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي ويلي والش أمس إنّه لا يتوقع أنّ يصرف الخلاف الانتباه عن الاجتماع الذي من المرجح أن يركز على تأثير الصراع في أوكرانيا.